الأحد، 23 ديسمبر 2012

مسيرة الحياة .. ثورة مستمرة


محمد سعيد الشرعبي
تحل ذكرى خروج مئات من شباب الثورة 11 فبراير بمسيرة سلمية راجلة من ساحة الحرية في تعز في تصعيد ثوري غير مسبوق دفع بالالآف من شباب الثورة على امتداد خط السير من تعز الى صنعاء للمشاركة في رحلة الحياة مشيا على الاقدام نحو رافعين شعرات الحياة وهتافات النصر لحلم الثورة المغدور في " خزيمة " يقال لها عاصمة  .

ما ان وصلت الحياة الى مشارف العاصمة،هب ملايين اليمنيين لإستقبال رسل الحياة القادمين على صهوات اقدامهم  الطاهرة من اولى ساحات الثورة "ساحة الحرية "ومن معهم من المنظمين الى  طوفان المسيرة التأريخية الذين استجابوا لنداء الحياة منذ انطلاق مسيرتها الراجلة من قلب الثورة في الـ 20 ديسمبر 2011،ولن تتوقف مسيرة  الحياة في اذهاننا والثورة مستمرة الى أن يُعلن يعلن شباب الثورة : انتصار الثورة  .

حتما ،تنتصر ايستجيب القدر حين يريد الشعب الحياة،وبفشل قوات القتل وبلاطجة الاجرام من قتل احلام مسيرة الحياة في البوابة الجنوبية للعاصمة صنعاء،انتصرت ارادة الشعب في مسيرة حياة راجلة غير مسبوقة بعدد المشاركين فيها ومعانيها الحضارية،مبطلة آخر محاولات اختبار القوه في مواجهة الشعب وسلمية شباب الثورة الذين اصابتهم مسيرة الحياة بمقتل برصاصة الصدى الحضاري والإنساني للمسيرة ثورية ،ستتوج بإلقاء زعيم عصابة  الحكم وكافة اركان حكمة الى مزبلة التاريخ طال الزمان او قصر .. 

يعد شباب الثورة لإحياء الذكرى الأولى لمسيرة الحياة التاريخية التي قدم من خلالها شباب الثورة في هذه الايام الف رسالة اصرار و تحدٍ سلمي لأعداء الحياة،خلافا لتوقعات الكثيرين يومها،استطاع الثوار من ادهاش الداخل والخارج بمسيرة  راجلة كسرت  حواجز الخوف واليأس والكسل في نفوس الناس،والأعظم من ذلك،اثبات المشاركين بمسيرة الحياة ارادة الشعب خارج كواليس السياسية ،وتأكيد سلمي غير مسبوق على وجود شباب الثورة كقوة رئيسة  لا يمكن تجاوزها في واقع اليمن الحديث .

نعم ،لم يخرج رسل مسيرة الحياة ومن لحق بهم من ابناء اليمن الى النزهة او لتخفيف الوزن بالمشي على الاقدام ،لكنها كانت مسيرة غير مسبوقة في العالم العربي ،خرج بها شباب ثورة 11 فبراير لإستعادة الثورة السلمية من تابوت التسوية لسياسية،وقبل ذلك انقاذ الثورة من اعداء الدولة المدنية وتحرير البلد من مغتصبي الحكم والحلم،ومُعسكري الحياة  في إرجائها ومدمري الأمن والاستقرار في ريفها والحضر .

ولأن مسيرة الحياة كانت ولازالت الرسالة الثورية الكبرى لإرادة شعب بالحياة ،والتأكيد السلمي الارقى والأنقى على صلابة وعظمة ارادة شباب الثورة السلمية،يجدد شباب الثورة في ذكراها الاولى  للشهداء ولدعاة الحياة في اليمن والعالم على مواصلة امتحانات الثورة عبر تكثيف جهودنا السلمية من اجل تحقيق اهداف ثورتنا السلمية التي بدأنها بإزاحة رأس الأفعى من الكراسي،كبداية يتبعها مراحل من العمل الثوري حتى تحقيق كامل اهداف الثورة السلمية .

من خلال احياء الذكرى الاولى لمسيرة الحياة عبر مشاركتنا الفاعلة بمختلف الفعاليات والمسيرات السلمية التي يتم الاعداد لها من قبل قوى الثورة السلمية احتفاء بمناسبة ذكرى ميلاد الحياة في البلد،ليفهم وتدرك قوى الداخل والخارج على جور تسويتهم بحقنا واحلام شعبنا الذي ستتحق بفعل استمرار الفعل الثوري السلمي لشبابه حتى تحقيق اهداف ثورتنا السلمية رغم كثرة التحديات التي تواجه استمرار الفعل الثوري ،ونثق بأنها ذكرى هامة لتجسيد وحدة الجسد الثوري لدحض اباطيل وحملات الثورة المضادة التي تبث سموم التفكك بيننا .

ومن المصادفات الجميلة،تأتي تتزامن ذكرى مسيرة الحياة على بعد ايام من تدشين مؤتمر الحوار الوطني في مرحلة انتقالية ثانية بالغة الحساسية والتعقيدات نتاجا للتسوية المشوهة،لهذا باستطاعة شباب الثورة ايصال رسالة الحياة الى "ماتم  الحوار " بطريقة حضارية ،وبذلك يجدد شباب الثورة العهد للشهداء والوفاء لأحلامهم من خلال العمل على استعادة البلد و ثروات ومؤسسات الدولة من يد اللصوص والقتلة بشكل نهائي،وفي مقدمتها مؤسستي الامن والجيش المغتصبة من عصابة الحكم " السنحاني" الذي ثار الشعب ضد بربريتهم وجور تسلطهم بالشعب و هول فضائح نهب مقدرات وثروات البلد وفضاعات جرائمهم قتلهم لأحلام الناس بالحياة والحرية والكرامة طيلة ثلاثة عقود من الزمن الجمهوري .

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

شيوخ المشترك في عمق التحدي


 محمد سعيد الشرعبي
رغم تحفظاتهم ومراوغاتهم ، ظهر شيوخ ابرز احزاب اللقاء المشترك في حلقة حوارية في عمق واقعنا السياسي المعقد والمضطرب ،وبعيدا عن الشطط،لقد كانوا اقرب من الصدق في تشخيص المرحلة السياسية الحرجة التي تمر بها بلدنا،وما تشهده من تحديات مختلفة في مرحلة انتقالية حساسة ولدت نتيجة للتسوية السياسية التي اختارها المشترك كمخرج سياسي لإبعاد البلد من مخططات الرئيس المخلوع كما يقولون ويبررون ذهابهم الى المبادرة كطرف رئيس بأسم الثورة .

وبلا شك،تظل الثورة السلمية كخيار استراتيجي لقوى الثورة ومنها المشترك رغم التزاماته السياسية في واقع الأمر،وهذا ما يؤكد استمرار الثورة كونها المشروع الحضاري الوحيد ،ورغم ما يعترض طريقا ،لقد ساعدت الثورة السلمية على انفتاح الافاق السياسية على مختلف القوى ،و هيأت البلد والسلطة الراهنة للدخول في حوار جاد حول المطالبات المشروعة وغيرها لوضع حد للمخاطر التي تهدد حاضر ومستقبل البلد ،وبفعل استمرار شباب الثورة بفعلهم الثوري حتى النصر المنشود للثورة السلمية .

والاهم في حوارهم في برنامج " في العمق " وحدة مواقفهم من عديد من القضايا العاصفة بحاضر البلد وسط محيط مضطرب يمنع اطراف الوفاق من الوصول بالحلم اليمني الى واقع افضل قبل الدخول في مؤتمر الحوار نتيجة لإستمرار تأثير المخلوع وأبنائهم ورموز نظامه في عرقلة كل توجه سياسي او ثوري لإنقاذ البلد مستندين على الحصانة الممنوحة لهم مقابل خروجهم من المشهد السياسي وفقا لما نصت مبادرة انتقال السلطة.

الملفت والمثير للاستفهام،حديث قادة المشترك بثقة عن شباب الثورة دون استثناء _ للشباب غير المنتمين حزبيا للمشترك او لأي طرف _ في مواقفهم الضبابية من حق شباب الثورة في العمل السياسي والشراكة مع بقية قوى ومكونات العمل السياسي ،كون غياب الشباب عن الواقع السياسي في ظل استمرار تأثيرهم بالتفاعل الثوري الراهن نتيجة شعورهم بأهمية وضرورة تحقيق اهداف الثورة التي لم تنتصر بعد !

قد يكون لدى قادة المشترك حق في استعلاء نظرتهم للشباب كقوة جديدة ستنتزع وجودهم غصبا عن الجميع بفعله ثوري سلمي رغم غياب مكون واحد يجمع شباب الثورة ،وهذا ما يتعلل به الساسة ورعاة المبادرة الخليجية عندما يستعصي عليهم منح الشباب حقهم المشروع بالمشاركة السياسية والسلطة ،وكطرف رئيس في صناعة المستقبل .

وبقراءة عاجلة لمضامين حديث شيوخ المشترك ،يمكن لأحدنا الخروج بعناوين واضحة وعريضة عن مستقبل المشترك ،وعلاقته بشباب الثورة كقوة انتزعت مشروعية وجودها بقوة الفعل الثوري السلمي،كما يستشف من حديثهم عمق التحديات وكثرة التي تعترض قطار التغيير الانتقالي في ظل تمسكهم بالفعل السياسي كمخرج وحيد لإنجاح الثورة في ظل تأكيدهم أهمية استمرار الفعل الثوري الذي يريدون ان يعزز من دورهم كأطراف سياسية معنية بالانتقال السلمي للسلطة وفقا للمبادرة الخليجية .

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

شباب الثورة على عتبات حوار"البنادق والعُكف "


محمد سعيد الشرعبي:
بالتوازي مع سباق محموم بين اطراف وأفراد على ابتلاع حصتهم في مؤتمر الحوار الوطني وكأن ثورة 11 فبراير لم تعم البلد وتواصل اقتلاع اركان النظام ومخالبه من جسد الدولة،اثارت انباء تحديد نسبة شباب الثورة بـ 40 عضوا من قوام الاعضاء المقرر مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني،جدلا ونقاشات ساخنة بين شباب الثورة عن شرعية الجهة المخولة في اختيار ممثليهم،رغم قناعتهم بتوزيع حصة الشباب على اطراف الحوار.

وفي ظل تلك القناعات الشبابية من الحوار،يناقش شباب الثورة بدون استثناء جدوى مشاركتهم في مؤتمر الحوار من عدمه في ظل بقاء البلد  رهينة لماضي المخلوع ومخططاته  في وأد الحلم اليمني بروح انتقامية من الثورة السلمية بهدف عرقلة انطلاق البلد الى المستقبل ،والمؤسف حدوث ذلك على مرأى ودراية رعاة مبادرة الانتقال السلس لـ"طائر الخراب" من مهزلة "الرئيس " العابث الى فوضى "الزعيم" البغيض .

كما يسرد شباب الثورة مخاوفهم  من التورط في الحوار كديكور يشرعن قبح كثير من الاطراف المشاركة في مؤتمر حوار"البنادق والعُكف "،معتبرين سلبية التهيئة والتحضير للحوار بذات الادوات والكيفية السياسية القديمة موشرات مسبقة عن فشل الحوار في الوصول الى الآمال التي يتطلع اليها جميع الاطراف ،منها تقديم حلول جذرية لأبرز القضايا التي تعصف بحاضر البلد،وتهدد الوحدة الوطنية.

كما يعتقد الشباب عدم نجاح اطراف الحوار في تحديد ملامح دولة المستقبل بفعل تغييب  مطالب شباب  الثورة في مسودة  قضايا مؤتمر الحوار،معتبرين توالي تبعات استمرار انقسام مؤسستي الجيش والأمن دليل على صحة اعتقادهم بفشل الحوار بفعل مخططات قوى النظام السابق بدفع البلد الى هاوية الاحتراب والتشردم .

ويتفق شباب الثورة السلمية على مخاطر تأجيل قرارات اقالة ابناء المخلوع من مناصبهم العسكرية والأمنية دليل على مهزلة الحوار تحت رحمة مدافع جيش منقسم ،كما يجمع الشباب ـ في نقاشتهم ـ على رفضهم لتعمد عدم ادراج مطالبهم المشروعة الى مسودة القضايا المدرجة في جدول اعمال مؤتمر الحوار الوشيك تدشين اعماله في الايام المقبلة.

لهذا،يشدد شباب الثورة على حقهم بفرض قضاياهم ومطالبهم قبل الدخول في مؤتمر الحوار،كما يطالبون بنسبة تمثيل عادلة تمكنهم من مشاركتهم الفاعلة في صياغة ملامح الدولة المدنية المنشودة في مؤتمر الحوار،كونهم القوة الضاربة التي اطاحت بنظام علي صالح المعنية بالمستقبل اكثر من اي قوى اخرى،وتجاوزها يفقد مؤتمر الحوار الفاعل الوطني الأبرز والقادرة على قلب طاولة الحوار على الجميع .

في نهاية القول،لا يستطيع حزب او طرف داخلي او خارجي انكار دور شباب ثورة 11 فبراير وتضحيات قوى الثورة السلمية في خلق فرصة سياسية غير مسبوقة لوضع حل ناجع يوقف نزيف الوطن من مشاركة كافة القوى في صناعة التحول التأريخي في البلد.

الخميس، 29 نوفمبر 2012

توقف مصنع اسمنت البرح


محمد سعيد الشرعبي :
في  واحدة من جرائم الفساد "الرسمي" في البلد ،و الإهمال المستمر للمنشآت الصناعية والإنتاجية المملوكة للدولة كأمتداد لسياسات التدمير الممنهج  والنهب المنظم لموارده  من قبل رأس النظام السابق  في آخر سنوات سلطته،ابرزها سحب 14مليار ريال  من حسابات المصنع في البنك المركزي بقرار سياسي لصالح مصنعي  اسمنت عمران وباجل ،توقف مصنع اسمنت البرح _ على بعد  50 كم غرب مدينة تعز _عن الانتاج بشكل كلي نتيجة عدم توفر الوقود "المازوت " ،بسبب استمرار رفض القائم المؤسسة العامه للاسمنت محمد يحي شنيف وضع حل لفضيحة توقف المصنع من خلال توفير استيراد الوقود  "المازوت " من الخارج بسعر اقل من اسعاره في السوق المحلي ، او اقرار مشروع تحويل وقود المصنع  الى " الفحم الاحفورى " ،وفي حال تم اعادة تشغيل المصنع بالفحم  ستقل تكلفة الوقود الى 62%  ..
هناك مقترحات عديدة لإعادة تشغيل المصنع منها توفير مادة المازوت بسعر اقل من سعر شركة النفط اليمنية التي تبيع اللتر بـ 164 ريالا،سيما وان المؤسسة العامه للاسمنت كانت قد اقرت سابقا ،استيراد المازوت من الخارج بسعر 64 ريالا للتر الواحد ،وهذا بدوره سيخفف من تكلفة تشغيل المصنع الذي ينتح نصف مليون طن سنوياً بمعدل  90 طناً بالساعة من الاسمنت البورتلاندي العادي عالي الجودة  ،و الاسمنت المقاوم للأملاح طبقا للمواصفات الأمريكية،في المقابل .
 المؤلم للغاية فداحة النهايات لمصانع الدولة بفعل النهب والفساد والإهمال ،آخرها اسمنت البرح الذي تكالبت عليه سواطير الفساد ،والإهمال المتعمد له ،بدليل تشغيل المصنع بأدواته دون تحديث او توفير قطع الغيار ،وكل المعدات لإستمرار وتيرة الانتاج في ظل امكانية رفع معدل الانتاج ،تكشف فضيحة توقف اسمنت البرح مدى ارتباط فشل المصانع العامه كواجدة من دليل انهيار الاقتصاد في البلد بالقرار السياسي للنظام قديمه برئاسة المخلوع علي صالح ،ويخشى اقتصاديين من عدم اكتراث الرئيس عبدربه هادي  وحكومة الوفاق الانتقالي الذي لمشكلة احتكار شركة النفط لـ "المازوت " وبيعه للمستهلك المحلي بأسعار مضاعفة عن سعره من السوق العالمي ..
في سياق متصل بالمساعي السياسية الهادفة لأحداث استقرار اقتصادي في البلد بنهج موازي للإنتقال السياسي  كما يعلن نظام التوافق الانتقالي،يتخوف عديد من رجال المال والاستثمار من اغفال الرئيس هادي وحكومته للجانب الاقتصادي مقارنة بالهم السياسي ،ويستدلون بتعاطي هادي وباسندوة مع فضيحة توقف اعرق مصنع اسمنت في البلد  بالإمكان تلافيها  بتوجيه حكومته  ممثلة بوزارة النفط  والتجارة والاقتصاد من شأنها تلافي النهايات المؤسفة للقطاع العام .
وباعتبار جرائم احتكار رأس النظام  لسلع ومواد هامه في السوق المحلي عبر مؤسسات عامة تدار من خلال مؤسسات خاصة معلنة وغير معلنة،مضافا عليها كوارث،ابرزها(حق الحماية،الاستثمار مناصفة،الابتزاز المستمر،غسيل الامول ، الفساد ، البيروقراطية،توزيع قطاعات النفط )،تدفع برحيل الاستثمارات ،وتتسبب في توقف مصانع خاصة وعامة و ليس آخر المأساة توقف "اسمنت البرج " عن الإنتاج ،يتعين على النظام الانتقالي برئاسة عبد ربة هادي وضع حدا للفساد وردم المستنقعات الطاردة  للاستثمارات ،والمدمرة لما من مؤسسات  ومصانع عامه من خلال شن تشريعات وقوانين جديدة ،والاهتمام بوضع تشريعات اقتصادية لائقة في الدستور الجديد يمكن الدولة من تهيئة البلد للاستثمار الخاص والعام ..
يذكر بأن مصنع اسمنت البرح،انشئ مطلع تسعينيات القرن الفائت من قبل شركتي (IHI،KAJIMA )اليابانيتين بموجب قرض ياباني  83 مليون $   حينها،ويعمل فيه أكثر من 800 موظف وموظف ،وتوقف المصنع عن الانتاج يعني فقدان هولاء لوظائفهم ومصدر ارزاقهم ،في حين يتسبب توقف المصنع عن الانتاج ازمة اسمنت في السوق المحلي .

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

فتن تحيق باليمن


محمد سعيد الشرعبي
بالتزامن مع المساعي السياسية لعقد مؤتمر حوار وطني ،تشتغل قوى الاجرام _التي خسرت مصالحها بخلع رأس الأفعى _ على تهيئة البلد لحرب اهلية ،ضمن مخطط جهنمي يسعى من خلاله قوى الشرور والحروب  للإنقلاب على الوضع الإنتقالي ، وأحلام الناس بدولة مدنية عادلة ومن يطلع على وسائل اعلام الثورة المضادة ،يدرك مخاطر ما يهدفون اليه  من فتن تبدأ بخلط الاوراق وضرب طرف بآخر دو آسف ،والمخيف للغاية العبث السلم الاجتماعي والتصالح السياسي ،و تفجير الوضع عبر " البعد الطائفي" في جنوب قبل شمال البلاد ،للأسف...
 ويبدو أن النظام السابق والموالين له في سباق محموم مع الوقت لنسف أي حالة وئام وطني وتصالح سياسي قد يأتي به مؤتمر الحوار الوطني ،فما أن تم تكذيب البيان المزور عن "اتحاد علماء اليمن "  التي  تبين أنه ببان كاذب ،سعى من خلال مطبخ "صالح " لتهيئة النفوس لإدخال البلد في  اتون حرب اهلية وطائفية ،بوصفها السلاح الاخطر للانتقام من خصومه _ كما يعتقدون_ ،تأتي علينا جريمة  امس التي استهداف احتفال لأنصار الحوثي بذكرى عاشوراء في منطقة الجراف شمال صنعاء،بالأمس شعرت بأن ليل البلد لم يغادر ،ومآتم الوطن لن  تنتهي ..
الى حد الآن ،تظهر جميع القوى السياسية في البلاد قدرا من المسؤولية في التعامل مع هذه الجرائم المدانة ،باستثناء الرئيس المخلوع وأدواته الإجرامية ،و مكائنه الاعلامية التي تعمل على الدفع بالبلاد الى حافة الهاوية ،وفقا لمنطقه " الشمشوني "  الذي يتوعد الجميع به ولا داعي لتذكير بتهديداته قبل وبعد توقيع مبادرة رحيله عن الكرسي فقط ، كون خطابه الانتقامي ،يتلخص في عبارة قالها بوقه الأبرز عادل الشجاع   في قناته " اليمن اليوم " : أن الحرب لم تبدأ بعد. !
الى أي حرب ونهاية سيذهب هولاء المعتوهين في البلد ؟ ،والى أي مدى ستنجح القوى السياسية في تجيب البلد ويلات الفتن او أي حرب تطبخ على عجل اجرامي من مطبخ مخلوق الحروب الابرز في البلد ؟ وهل يكون  احزاب المشترك و المؤتمر والحوثيين والحراك الجنوبي وشباب الثورة السلمية هذه المرة على وعي تام بما يهندس المخلوع للبلد من كوارث ؟؟
بعيدا عن الوهم والإفراط بهواجس المؤامرة ،يدرك كل وطني شريف يهمه أمن واستقرار بلده ما يحيق بالبلد من فتن ،والجميع يدرك و يستشعر مخاطر ما يحاك للبلد من نهايات مأساوية في دهاليز الموت والفتن ،وبلا شك ،فكل القوى السياسية في جنوب وشمال البلد معنية بدرجة اساسية بالقيام بواجب تفويت أي فتن اهلية او مجتمعية تدبر للبلد  من قبل زعيم الفتن  وطائر الخراب ،فبناء المستقبل الآمن واليمن المدني الديمقراطي يبدأ من الآن  ،وليس غدا ..
وبقدر رفضنا لأي تدخل يهدد امن وسلامة البلاد واستقلال قراره السياسي ،يفترض بالمجتمع الدولي الوفاء بوعدهم بإخراج هذا المعتوه من المشهد بالتنسيق مع  عقلاء حزب المؤتمر،رغم قناعتي بفداحة التسوية التي لم تنجح في ابعاد المخلوع عن المشهد ،بقدر أيماني  بعدم حرص المجتمع الدولي على اليمن بقدر حرص ابنائه اولا .
في المقابل،بات واضحا بأن يد وأموال الرئيس المخلوع بدأت تطال تكتل اللقاء المشترك ذاته ،ولعل مساعيه بتفكيك هذا التكتل السياسي بدوافع انتقامية،قد بدأت في الظهور رغم محدودية تأثيرها على الخطاب العام والنهج السياسي للمشترك ،وهذا ما يؤكده أكثر المتابعين لتبعات التصريحات التي يدلي بها اطراف في المجلس الاعلى للمشترك وبعض فروعه بمعزل عن المواقف السياسية لأحزابهم ،ومع ذلك يفترض بالمشترك مزيد من اليقظة السياسية والإعلامية والابتعاد عن أي ممارسة او مواقف قد تعزز من شروخ سياسية في  الجسد الوطني نتيجة للخطاب المنفلت وغير المسئول لبعض من قياداته الذين يتساقطون في مطابخ الماضي البغيض ودروبها المهلكة   ..

خالص التعازي وعظيم المؤاساة لأسر شهداء تفجير امس بحي الجراف شمال صنعاء ،وأمنياتي للجرحى بموفر الصحة .. كما اتقدم بخالص التعازي لجميع الشهداء والضحايا الذين يرحلون عنا بفعل فاعل في بلدنا الحزين .. تصبحون على وطن آمن ومستقر .. ولا نامت اعين القتلة والمجرمين .

الاثنين، 12 نوفمبر 2012

نخب الشعب و نخب السلطة !


محمد سعيد الشرعبي :
لكل متسلط نهاية تليق بساديته وتسلطه بحق المساكين،بقدر ما لكل نظام سياسي خاتمة بشعة ترق لمستوى بشطه و توحشه في بحق شعبه وبشاعة  قهره لهم بدون رادع اخلاقي ،ومن حتميات سقوط هذا النظام او ذاك ،تسقط نخب الإستبداد التي،وتشرب من كؤوس ثورات الشعوب كؤوس المذلة بقدر ما ارتشفت من كؤوس النشوة من عرق و دموع المقهورين في الارض ..
قد لا نختلف في حتمية سقوط النظام في اليمن _ اقصد نظام علي صالح _ ،وكان السقوط اليمني بالتقسيط ولم يأتي دفعة واحدة ،لكن سقوط النخب البليدة التي عاصرت هذا النظام سقطت دفعة واحدة ،وعلى ما أعتقد ،كان لطبيعة السقوط التدريجي للنظام البربري في يمننا الحبيب،سببا رئيسيا في كشفة أقنعة الزيف التي تنم عن مدى الترابط الوجودي بين النظام وهذه النخبته الدائخة ..
اذا ظلت النخب القديمة مسكونة بوعي متاريسها القديمة (الحزبية،الفكرية،السياسية)،ستبقى نخبة عاجزة فائضة  عن حاجة زمن من لم يتغير فيه يتعفن ،وفي المقابل إذا بقيت البلد بدون نخبة صلبة تتحدى اهوال المرحلة وتكون اللسان الأمين للشعب،تتصدر المشهد كنخبة جديدة ولائها للوطن فقط بقدر ايمانها ومؤمنة بحق الشعب بالحرية والكرامة وحقه في تحرر بلده من التدخلات،ستظل البلد في المتاهة بلا سيادة،كما سيبقى المجتمع في مهب العدم ..
يعتقد البعض بأن الكلمة الفصل لفخامة الشعب العظيم بثورته وليست بنخبته ،لكن اي مرحلة تمر بها البلد كما تمر بها بلدنا ،تحتاج لنخبة ،تدفع بعجلة الفكر والإبداع في البلد الى الأفضل ،كون المراهنة على نخب قديمة مصابة بكساح التسلط يعتبر انتحار جماعي لأحلامنا بالتغيير الجذري والعميق في البلد ،كون هذه النخبة تعترف بكساحهم الذهني وعقمهم الابداعي ،لهذا يبدو دورهم مفقودا تماما في تحتاج لدور نخب قوية وشجاعة تبادر للقيام بواجبها الوطني بالتوازي مع حراك القوى السياسية في مرحلة انتقالية شديدة التعقيد تمر بها البلد ..
جاءت الثورة لهولاء بفرصة للحياة  بعيدا عن الخنوع ،تركوها ولم يبادروا لإعادة اثبات وجودهم بصف الشعب مهما كانت مواقفهم النابعة من مخاوفهم من المستقبل ،لأنهم في نهاية الأمر نخب فقدت صوابها ولم تعد تدرك واجبها الراهن،كما لن تبارح مربعها القديم .. مربع الأثير بمتاريس قديمها العدمي المروع ،وستبقى نخب الماضي منكفئة على ذاتها المتعالية عن واقع وهموم مجتمعهم،سيفقدون قدرتهم على العطاء النافع للوعي ،والتأثير الفاعل في المجتمع ،وستأتي نخبة تدفنهم في وعي المجتمع والى الأبد ..
بلا شك،يقول منطق التأريخ بأن لكل جيل نخبه،تولد من رحم الشعوب الثائرة ضد القهر والاستبداد،وفي بلدنا ولدت نخبة تعرف واجبها وتعمل تحت اقصى الظروف من اجل انتصار الحياة في مواجهة مشاريع الموت والكهنوت الرجعي البليد ،ولو ظلت جهود نخبتنا الشابة مشتتة الآن ،اثق تماما ،بقدرتنا كجيل يمني جديد على اعادة خلق المجتمع،وتغيير مسار التأريخ،بأداء يوازيه خطاب متخفف من اوزار الماضي التعيس،بأدوات وطرائق تواصل تفاعلية فاعلة في ايصال رسالتها الى المجتمع والسلطة الإنتقالية .
المؤسف للغاية،ما نشهده حاليا من نهايات  وتموضعات جديدة للنخب القديمة خارج مسار التأريخ،واغلبها تموضعات ماضوية ،من محاسنها،كشف حالة زيف غير متوقعه لدى الناس عن غفير ممن شرخوا رؤوسنا بمناهضة النظام طيلة عقود انقضت بمفارقاتها المؤلمة لأكثر من خدعنا فيهم طوال هذه الفترة الزمنية ...
لا نختلف على الاطلاق على حقيقة نخب عاجزة تخندق ضد المستقبل ،وبهذا التخندق،يكتبون   بيان احتضارهم بالمنطق الذي يريدون ،و لا آسف عليهم  على آية حال ،لقد بانت عورتهم بشكل مخزي ،والزمان كفيل بتعرية  نخب " الكومبارس " بفعل ارتباطهم الوجودي في حلمهم الواهم في بقاء نظام  في طريقة للزوال،بدليل تصدرهم المعلن وغير المعلن لمنابر تمجيد الماضي اللعين بألم المذعورين من ثمن احتضاره على بقائهم ..
الادهى من تقوقع النخب في مرحلة مواتية لإعادة الخلق،هو عدم شعورهم بواجب تحصين المجتمع من مكائن تلويث الوعي بثقافة الماضي عبر خطاب متقدم ينقذ البلد من خطاب بليد لقوى العنف الساعية لإعادة فرز المجتمع ـ بمن فيهم النخب ـ وفق لمعاييرهم في الانتماء والولاء لهوياتهم الضيقه بمنطق مفضوح و ساذج ..
قبل غيرهم،يشعر كرادلة نخب تأبيد الماضي بكذب و زيف مخاوفهم الواهية من المستقبل،ومحاولة ذودهم عن قوى رجعية وكيانات سلطوية تشاطرهم وأد فرص المستقبل الذي صنعتها تضحيات اليمنيين في مقدمتهم شباب الثورة السلمية،لا تعدو عن كونها محاولات بائسة ويائسة للهروب الى مربع الهزيمة الذي يبرعون فيه في مغالبة الهزيمة ذاتها،وهذا ما لم يحدث،فالزمان قد تجاوزهم الى غير رجعة  .
ومن محاسن استمرار الفعل الثوري لشباب الثورة السلمية ،احباط ضربات الثورة المضادة الطافحة من قوى الماضي المرعوبة نتاج تكبدها لهزائم مستمرة في مواجهة الجيل الحالم بثقافة النكوص ،وحاليا لم يعد بوسع قوى الماضى ونخبه التمثيل على الناس  بعد ثورة 11 فبراير 2011 ،لقد انتهت فصول مسرحيات التأبيد والتوريث،ومن الطبيعي انكشاف حقائق ارتباط كثير ممن اقصد بمطابخ النظام وأقطاب سلطته ،وبحديثي عن هذه الحقائق ملامسة موضوع شائك يحتاج لدراسات وبحوث ..
محاولات استباق البدايات الواعدة لنخب جيل الثورة،واندفاع  نخب الماضي الى اطلاق الأحكام على اداءهم ودورهم المشهود مجرد احكام انتقامية نابعة ارواح ادمن الهزيمة ،تسعى بأسلوبها الفج للنيل من الجديد المغاير المتجاوز لوعيهم المريض الذي كان ولا زال احد اسباب استمرار الماضي في تأثيريه على الحاضر وربما المستقبل ..
ليس من حق القديم المفضوح تقييم الحاضر الواعد ،والجدير بريادة العمل الوطني ،ومما لا شك فيه ،يبقى حق التقييم لهذا الجيل  متروك هنا للشعب فهو من يحق له ونثق فيه في تقييم نخبه في كل مرحلة وعصر ،واعتقد ،بأن ثقة الشعب بالشباب كبيرة،كون هذا الجيل تجاوز جيل الانتكاسات والعمل السري ،وخرج الى شوارع المدن معيدا الاعتبار للإنسان اليمني بثورة سلمية غير مسبوقة في تأريخ اليمن .. 

الخميس، 8 نوفمبر 2012

آحزان لا آخر لها ...


محمد سعيد الشرعبي :
على ضفاف الليل الواجم ،اجدني مقيد بتتابع احزاني بفعل حزني على صديق غالي عرفته السنوات الاخيرة في هذه المدينة الطارده لكل فرح والحاقدة من سكانها .. يالهولها من مدينة هدت عمري بالفواجع والمواجع منذ آتيتها قبل نصف عقد من الزمن ،واللافت ارتشافي أغنية "مقادير " بصوت الفنانة ذكرى كعزاء أبدي لا غنى عنه ..
هناك ما يؤلم جدا بين الحياة واللاحياة ،أكثرها ايلاما تأخرنا اللامبرر عن تلمس هموم انفسنا وأيضا احبابنا في دنيا تترآى لي ظالمة بأحزانها وغير عادلة بأفراحها بين بني البشر ،رغم ادراكي واعتقادي بحكمة الله واقتناعي بإرتباط سعادة وتعاسة اي إنسان بذاته وليس بغيره ،علاوة على ما سلف ،واقعنا تعس بلا استثناء في بلد لم يعرف اغلب ابنائه معنى الفرح الحقيقي ولو بفرحة زائلة لنصف انتصار لمنتخبنا الوطني لكرة القدم ...
تبدو حياتنا على مهب نزوح او في مرمى رصاصة خلاص مجهولة الهوية ،وعلى هذا النسق،تتدحرج بنا الحياة،بأوجاعها وأسقامها اللانهائية ،ولا أفدح على النفس من اناس يكابرون كثيرا ولا يعترفون بأنا نعيش حياة اللاحياة في بلدنا منحوس بنا وبمن حولنا ،كقدر غير معلوم نهايتها على المدى المنظور ..
هذه حياتنا بمنتهى وجعها غير المُزمن يأعز صديق وإنسان عرفت ،فلا تتألم أكثر من فرط ما تقاسيه البلد وما يأكل أرواحنا من هموم في دنيا التعب ،فسلامة روحك تهم احبابك بقدر ما تهمك كما اعتقد ،فعد بروحك ورونقك العهود عنك لم يعرفك عن قرب روحا غامرة بالأمل ،وبهجة تحدٍ تشق عبوس المرحلة بمعجزة روحك النقية كما تشق الشجر عظيم الصخور ..
رغم كل بواعث الحزن والمخاوف ،ثق بأن ما يعرك ايامنا في هذا الخريف سيجد يوما طريقه زوال والتبدد ،وسيعقبه مواسم تعافي وشفاء ،ولإيماني بحتمية الحياة بعد الممات الوطني والإنساني،سنحيا من جديد وسنعيد للبلد ما فقدت من عزة وكرامة ويسرق يوما بنور الحرية وتعم العدالة كالرياح كل ناحية و تل وبيد ..
اكاشفك التأكيد على شعور روحي بالآسى مما حل بك وبنا وبالآخرين من رفاق الدرب ومشاعل الثورة ،بقدر يقيني من قدرتنا على الخلاص والتعافي ،وأولنا أنت لقناعتي بطهرك ونبلك يا طيف روح تسكن اروح الآخرين كنسمات صبح يوم لا يعتريه نسيان او زوال ..
لأنك فقط صديق ودود وإنسان بسيط لا يختلف عن سمو روحك الملهمة اثنان _ في نظر احبابك _ ،اقول بثقة بأنك اشراقة نور في سديم الحياة المدنسة بالأحقاد ،تحدث أثرها الخلاق في نفس الناس ولو كنت ممن يهوى نشر الحب والسلام وإشاعة روحة الاخاء بين الناس بعيدا عن المكاسب والبهارج ..
وما يؤلم احساس اي إنسان شعوره بالإحباط واليأس بفعل تزامن مرور مدار الأوجاع علينا _ أنا ومن أعنيهم _ دون معرفة أحدنا بوجع الآخر ،وليس بوسعي هنا سوى تبكيت روحي وأرواحهم بالتأكيد : مصائب السماء لم تظل طريقها الينا .. !!
متى تخطئنا عوادي الزمن ونوازل السماء هذه ؟ وهل ستدع لنا مساحة زمن للتعافي وتذهب أم أننا ضحايا أبديون لأقدار السماء ؟؟ هذا قدرنا بفرحه وأتراحه ومصائبه بلاشك ،لكني مقتنعا جدا بأن إيماني بالقدر لا تجرحه مرارة الاستفسارات !
آه يأعز الناس ، لا اخفيك ومن سيقرأ هذه السطور بأن كل حزن لصيق بظلنا ،وكل خسارة تعرف طريقها الينا بقدر ما تجيد المواجع مداهمة اجسادنا المكدودة بوصفنا _ شعب بأكمله _ فرائس سهله كُتب خوض امتحانات سماوية لا آخر لها ، من لحظة الميلاد الى آخر لحظات الحياة الممات ..
فالوداع يا ومضة الود وبريق الأمل المتلألئ في افق مدينة ملبدة بوحشة ليل ثمل يأبى الرحيل عن مدينتنا دون مصائب .. سأغادرك لآن لكي ابحث عني في ممرات الضياع ومسالك شتات غائم ،فقد أجدني في ساعات الصباح الأولى على قارعة دهشة اللقاء الأول ..
==========
تحية درويشيه وبعد :
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ ما أُريدُ …

السبت، 3 نوفمبر 2012

تعز .. ضنك "الحرس القديم"


محمد سعيد الشرعبي
" اللهم لا تجعلني ( ريموت ) كنترول لأي حزب سياسي ، ولا تجعلني من عبيد ومرتزقة بلاط شوقي هائل ايضا " ، بتعبير الزميل محمد البذيجي في منشوره على صفحته بالموقع الإجتماعي facebook ،استهل مقالي هذا عن مدينتنا التي تنهشها مخالب الماضي والحاضر على مرأى محافظها عجز عن مغادرة  مخاوفه كتاجر لكسر عظمة الواقع المعيق لإنقاذ تعز كشخص جدير بإدارة المحافظة ...
قبل نصف عام ،اتفقت اراء أكثرنا على شخص المحافظ الجديد ،فأتثبت  لنا الايام لن أقول عكس ذلك ،لكن تراخيه على مسئولياته في حسم أكثر ملف ومشكلة  تنتظر إرادته ،ابرزها انفلات أمني ،وتردي خدمي وتنموي يعم الريف والمدينة ،تجعلني منتقدا مزعجا للمحافظة و مطبليه ،ورغم ذلك ،سأدلي برأي  بتجرد ودوافع حريصة على انقاذ المحافظة بعيدا عن الخوض في معارك الدفاع والهجوم المشتعلة في المشهد التعزي ..
تعيش تعز واقعا مأساويا لا يحتمل أي تبعات اضافية لأي صراع عبثي و معارك هامشية لها علاقة بالماضي،وليس بيد أحد سلطة لإنقاذها سوى المحافظة وسلطة محلية جديدة تعمل على انقاذ المحافظة من الانفلات الامني وتحسين الخدمات وإحداث انعاش تنموي ،يسهم في ابعاد تعز عن مشاريع  العنف السياسي والمذهبي الوافد على المحافظة عبر ابنائها الذين يتوالى سقوطهم الى جحيم مشاريع المركز "المدنس " ...
نشدد دائما على تذكير من يهمهم أمر تعز وفي مقدمتهم شوقي هائل بخطر ترك تعز وشأنها في لحظة يدفع بها الى معارك  تأكل نارها كل تطلع للخلاص من غول الماضي المستفيد من اشتداد اشتعال المحافظة في اتون حرائق لا تنتهي ،والأخطر في الأمر مؤشرات سيئة تشير الى قرب تحول المحافظ  كطرف في معركة خاسرة  يستفيدون من يدفعون به كواجهة لهم في معارك عبثية تستفيد منها مخالب الماضي المحيطين بالمحافظ من كل اتجاه ،وكلنا يعرف بأنهم منظومة بربرية زرعها رأس الحكم السابق لتدمير تعز ومشروعها المدني عبر أداة محلية فاعلة في تنفيذ احقاده بحق تعز وأهلها ..
بعيدا عن كل ذلك ،كان حريا بالمحافظ استيعاب استمرار وتفاقم السخط الشعبي  المتفاقم نتيجة بقاء كثير من المفسدين والقتلة في مناصبهم ،واعتقد لو اسعفته خبرته في تفهم سخط الناس لما تأخر يوما واحد عن التنسيق مع الرئيس ورئيس الحكومة لإقالة من اينعت رؤوسهم في مؤسسات الدولة ،حينها فقط ،بمقدوره تدشين مرحلة العمل لإنجاز الأولويات الامنية والتنموية والتعليمة والصحية وغيرها  بدلاً من البحث عن اعداء وشماعات لتبرير نصف عام من الفشل ..
اقول ذلك واشعر بخيبة امل كبيرة  من دوران عجلة الايام على تعز بهذا الإنحدار بقيادة شوقي هائل ،ومع مرور الوقت سيدرك المحافظ وشرفاء المحافظة وطأة ترديد وعود بعيدة عن واقع رث ،سيفشل المحافظ من انجازها،،نظراً لاعتماده على ادارة فاسدة ،معظمهم متورطين بقضايا فساد واستغلال وظائفهم منذ سنوات ،وحديث المحافظ عن معايير لنيل الوظيفة في ظل بقاء هذا اللوبي مجرد استخفاف بعقول الناس ..
ابقاء تعز  تحت قبضة سياط و شفرات الماضي مغامرة فادحة يتحمل مسؤولياتها المحافظ الجديد،وبالمناسبة ،نصف عام من  تهويش شوقي هائل على هموم تعز ومشاكلها ،يزيد من خيبة ظن  مؤيدي شوقي قبل خصومه قدرته على طمأنة الناس  بإمكانية خروج  المحافظة من رحم  الفوضى والتردي  في عهد شوقي بفترة قياسية على جهل تام من قبل المتوهمين لخوارق الرجل ..
ليست مُشكك  بقدرات محافظ  صاعد من ادارة التخطيط في محلي تعز  _ ومنحدر من عائلة تجارية عريقة وتمتلك رصيد مشرف في العمل الوطني _  ، لكن مؤشرات نصف عام مخيبة لأي اعتقاد بإمكانية تحقيقه للحد الأدنى من وعوده _ وبعيدا عن  معاييرنا كصحفيين في الحكم على نجاح او فشل المحافظ _ ،فحالة الانفلات الأمني في المحافظة  _رغم تعيين مدير جديد للأمن _ ،ومؤشرات تردي الخدمات الطبية والتعليمية _ رغم تمسك المحافظ بهم  _ ،تأكيد على بدايات فشل ذريع للمحافظ _ ولو كنت شخصيا _ لا اتمنى له فشله ،رغم اطلاعي على سيطرة الحرس القديم سيكون سبب فشله الذريع  .. !!
المؤلم لأي انسان حريص على منازلة تعقيدات واقعنا الملوث لأي بادرة لإنقاذ المحافظة بجهود ابنائها ومحافظها ( المُكتف بمخاوفه) ،يواصل وباء حمى الضنك في حصد ارواح سكان مدينة تعز ومديريات الريف وليس آخرها وفاة والدة زميلنا العزيز فيصل الذبحاني متأثرة بحمى الضنك ومن قبلها عمار الكناني وأشرف السروري وغيرهم عشرات من سكان مدينتا _ يرحمهم الله _ ، يغادرون المستشفيات الى مثواهم الأخير دون معرفة وسائل الإعلام عن اسباب وفاته شيئا ..  ألا تستحق  المأساة  اقالة مدير مكتب الصحة والسكان عبدالناصر الكباب ؟

 الجانب اللافت  خلال نصف عام على تولي شوقي هائل منصب المحافظ ،قدرته وطاقته على جذب الانظار فقط  من خلال ابتكار فرقعات اعلامية آنية تحتال على الوعي العام ولا تحدث اثر على الأرض  _وللأسف _ تذكرنا فرقعات شوقي هائل بفرقعات وألاعيب سابقيه من المحافظين ،فكيف يستعيد الناس ثقتهم بمحافظ شوقي يعتمد على  ادارة فاسدة وغير مرغوب بقائها تستحق الرحيل في ادارة محافظة لن يقوم لها قائمة  بوجودهم معه في المرحلة الانتقالية ..
مهما كانت نوايا المحافظ في اخراج تعز من واقعها المخيف عليه الاقتناع بأنه ما  تحسن خدمي و تقدم تنموي او تحسن خدمي او استقرار امني سيأتي في بقيت زمام الفعل الإداري تحت سيطرة المفسدين واللصوص،،باعتبار مأساة المحافظة منذ عقود مرتبطة  بدرجة رئيسة بمنظومة ادارة فاسدة وإجرامية  واجتماعية مسيطرة على مؤسسات ومكاتب الدولة حد اليوم ،لهذا وغيره ،لن يجدي مع هولاء سوى الإقالة .. فهل يستطيع شوقي هائل فعل ذلك ؟؟
اعتقد بأن المحافظ المُكتف بمخاوفه ،سيظل رهن سيطرة منظومة الفساد والإجرام ،وسينتهي به الأمر الى الفشل ،لذا من الواجب عليه سرعة مدراء مكاتب الصحة العامة السكان والتربية والتعليم ،ومن يرى ضرورة لتغييره ،وعودة الى وقعنا المعاش بالمحافظة بحاجة تعز لمدير امن قوي يستطيع ايقاف حالة الإنفلات الأمني ،ويردع كل متورط او متسبب في الانفلات الأمني ،واعتقد بأن اي توجه من هذا القبيل سيحظى بمساندة وتأييد ابناء المحافظة ،ولن يتجرأ احد على التصدي لأداره الدولة المعبرة عن ارادة  وتطلعات الناس .
نصف عام مر على شوقي هائل بمنصبه ولم يأتي بجديد سوى ملاحقة اصحاب العربيات ،وفوق ذلك حزمة وعود حالمة في نظر من يقرأون واقع تعز كما هو بتعقيداتها المعيقة لأي توجه جاد للمحافظ أن وجد ،و ما من حل لإنقاذ تعز سوى بشجاعة شوقي هائل على قلب الطاولة على المنظومة السرطانية المسيطرة على تعز ،وفي ذات الوقت التفرغ لإعادة الاعتبار لمحافظة مصابة بمنظومة سرطانية محلية _ اسلفنا ذكر مكامنها _  تستدعي  الاستئصال قبل تسرطنه وتحوله الى عاهة   كمن سبقوه عاهات اصيبت بها تعز  من قبله  .. 

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

تعقيب على "الخطر القادم " للسعودي محمد الطميحي


محمد سعيد الشرعبي :
في مقال للإعلامي السعودي محمد الطميحي المنشور في يومية الرياض ،تحدث فيه الطميحي عن " الخطر القادم " من ايران وحليفهم اليمني "جماعة الحوثي " بموازاة ،حديثه عن انتصاراتهم في ضرب الحوثي وتنظيم القاعدة باليمن عبر التدخل المباشر ضد الحوثيين وعبر الجيش والأمن اليمني في مواجهة القاعدة ...
بلغة واثقة في غير محلها،اشار الإعلامي السعودي _ المذيع في قناة العربية _ محمد الطميحي الى ثمن الرد السعودي على الحوثي في 2009 ، "كان الرد قويا ورادعا سمع صداه في الضاحية الجنوبية لبيروت وطهران قبل جبال صعدة ، وكانت الرسالة واضحة بأن ترابنا (خط أحمر) "،حد تعبيره ..
ليس من الضروري للسعودية الآن تكرار تدخلهم العسكري والبلد على حافة الإندثار ،ولو يفهم صناع القرار في الرياض الخطر الحقيقي ،لأدركوا جذوره الداهمة على البلد والإقليم ،حينها فقط ،ستدرك المملكة مصلحتها بتفويت خطر الحوثي وإيران او القاعدة ،كما باتت تردد وسائل اعلامها ...
لو أرادت المملكة فعل شئيا يجنبها تلك المخاطر المحتملة ،يفترض بهم الإسراع في تحركاتهم السياسيه  والدبلوماسية بهدف عزل المخلوع علي صالح  كونه أكبر خطر مسكوت عنه ، بغية ايقاف تأثيره في هذه المرحلة وبذلك سينتهي مفعول قنابله الموقوتة التي هدد الداخل والخارج بها في معظم تصريحاته  ...

اتفق مع الطميحي بما يخص قساوة ردهم على الحوثي ،لكن اغلبه رداً عشوائيا ، و غير مدرك لمخطط المخلوع علي صالح بجر المملكة الى حرب مع الحوثيين لغايات ومآرب شخصية ،مهدرا سيادة البلد لغايات سلطوية خاصة ( التوريث) ،ولضمان استمرار الدعم السعودي لبقاء نظامه البلطجي في حكم البلد بالنار والقهر و ووو ..
في المقابل ،انساقت جماعة الحوثي ذاتها الى ملعب مواجهة السعودية ،بدوافع ذاتية ،وتماشيا مع مخطط المخلوع بوعي او بدونه ،وهذا ما يجعل من طرفي الحرب مجرد ادوات لحروب بالوكالة تعاني منها البلد حد اللحظة ،مضافا على ذلك عدم خسارة ايا من اطراف الحرب قوتهم ...
وبلا شك ، الشعب اليمني وحده من دفع الثمن القاسي ،بدليل حصول المخلوع على دعم سعوديا كبيرا يومها ويتدفق دعمهم له حد اليوم ،فيما جماعة الحوثي هي الآخرى زاد نفوذها وتضاعفت قوتها ،وكأنها لم تخوض حرب ..
كان بإمكان الاعلامي محمد الطميحي تحميل حكام بلده جزء من مسؤولية ما آلت اليه اوضاع اليمن حد جعل البلد مرتع آمن لجماعات العنف ،ولما يعتبرها تغلغل ايراني،لم تجد لها منفذ في حال تم تصحيح الاخطاء السعودية الفادحة في البلد ..

وما من مجال لتصحيحها سوى بدعم النظام الجديد برئاسة عبدربه هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة ،حينها لن تشعر السعودية من اي خطر قادمة من اليمن ،ولو وجد خطر في اسوء الاحتمالات ،فاليمن وحدها من تستطيع التعامل معه سلما وحربا ...

تحدث في المقال مقترح بالإسراع في " احتواء صنعاء من قبل مجلس التعاون الخليجي " ، فهل تذكروا الآن موقفهم السلبي من انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي ؟؟ ولماذا تقف المملكة حجر عثرة عن انضمام اليمن الى مجلسهم هذا ؟ ... فربما كانت البلد _في حال انضمامها الى مجلس التعاون _ تجاوز ازمتها الاقتصادية على الاقل ...

هناك مشكلة سياسية اخرى مرتبطة بسياسات المملكة في اليمن وهو تعاملها الاستثاني مع نظام علي صالح ما اغراه في هدر الدم اليمني بشكل وحشي خلال الثورة السلمية التي اندلعت مطلع العام الفائت ، لهذا يعتبر كثيرين من اليمنيين بأن المبادرة ولدت لإنقاذ المخلوع أكثر من اي غاية آخرى ،قبل خروج المبعوث الاممي جمال بن عمر بآلية تنفيذية للمبادرة صححت بعض اخطأ المبادرة ،ومع ذلك لا يزال الدعم السعودي مستمر للمخلوع ولولاها ما بقى صالح في الحكم يوما امام شباب الثورة ..


ويضيف الطميحي في مقاله "الخطر القادم "، بالاقتراح على دول الخليج : تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إقامة قاعدة بحرية في مدينة عدن تساهم في خلق تواجد خليجي عربي من خليج عمان على بحر العرب وحتى باب المندب على البحر الأحمر حتى تظل الحدود البحرية أيضا محصنة ضد أي محاولات مستقبلية للعبث بالأمن والاستقرار) ،طبقا لمقاله ...

اليمن قادرة على حماية ترابها الوطني في حال اسرعت المملكة لإنقاذ اليمن من خطر المخلوع منذ اندلاع الثورة بداية العام الماضي ،لكنها لم تفعل وتباطأت في التعاطي بحزم مع المخلوع،وكأن ابقاءه درسا لليمنيين والسعوديين في آن  معا ..

الآن ،بأمكان دعم التحول التأريخي في البلاد بشكل كبير وعبر قنوات رسمية لتعزيز بناء اليمن الآمن والمستقر بدون هواجس من احزاب المشترك او من حزب الاصلاح بالذات ،على الرغم من الموقف الايجابي للمشترك من السعودية رغم فداحة سياسيتها بحقهم منذ زمن .

جانب مشكلة اليمن عسكرية، وهذه مشكلة يجب أن تحل بهيكلة الجيش ،وبناء مؤسسة عسكرية على اسس وطنية ،لكن المشكلة الكبرى في البلد سياسية بفعل بقاء تأثير الرئيس المخلوع على المشهد ،وأيضا مشكلة اقتصادية كبيرة بفعل سياسية ثلاثة عقود من الافقار الممنهج للمواطن والنهب المنظم للثروات من قبل المخلوع وعصابته المدللين من قبل المملكة  حد اليوم .

اذا كان لدى لدى الجارة مخاطر حقيقة قادمة من اليمن ،فليفعلوا شئيا من اجل البلد واستقراره ،بدعم اقتصادي وسياسي _ وليس بإنشاء قواعد عسكرية _ لحكومة الوفاق الوطني والرئيس هادي ،لكي يتمكنوا من تجنيب البلد خطر المشاريع الصغيرة او التوغلات الخارجية منها الإيرانية التي يتم الحديث عنها بشكل رسمي  ..

والفقرة الأدق ،التفات الطميحي الى طبيعة المعركة القادمة او بالأصح معركة اقتصادية وتنموية في اليمن : تكمن الحاجة إلى بدء معركة جديدة في اليمن سلاحها الاقتصاد هذه المرة من خلال دعم المشاريع الإنمائية وتوجيه بوصلة الاستثمارات الخليجية في المجالين العقاري والسياحي إلى هذا البلد الجار المليء بالفرص الواعدة ، حتى لا يترك المواطن اليمني البسيط الذي يعاني من الفقر والجوع في مواجهة إغراءات القاعدة والوعود الإيرانية ..) ،حد تعبير الطميحي .. فمن يسمع ؟؟

هنا فقط ،وضع الطميحي قلمه على جوهر المشكله التي تعاني منها اليمن بفعل النظام الاستبدادي برئاسة المخلوع علي صالح _المحسوب على المملكة _ ، وبفعل وصلت البلد الى هذا الوضع المتردي المغري للتغلغلات الخارجية منها الايرانية التي تثير مخاوف المملكة ،وفي حال بقاء الأخيرة على سياستها ، فالبلد الواقع في مرحلة الانتقال السياسي ذاهب الى النهاية المأساوية التي ستكتوي المملكة وبقية دول الخليج بتبعاتها ...

الآن ليس من مصلحة اليمن،ودول الخليج وتحديدا السعودية البقاء في مربع الحديث عن المخاطر،لكن على الاخيرة ،اختصار الطريق بتوجيه دعمها الى مؤسسات الدولة ،كما يتوجب عليها العمل على انجاح الانتقال السياسي في البلد ،وإشراك جميع القوي السياسية والمجتمعية لإنجاز المشروع الوطني الذي فرضه شباب وقوى الثورة السلمية كواقع جديد لا مجال لأحد بالإلتفاف عليه ..

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

الهيكلة قبل الحوار


بقلم/ محمد سعيد الشرعبي
أعادت حادثة انفجار مخزن الأسلحة في معسكر السبعين _ قيادة قوات الفرقة الأولى مدرع _ بصنعاء ،مطلب اخراج المعسكرات من المدن وإبعاد الألوية العسكرية المحيطة بالعاصمة صنعاء وبقية مدن الجمهورية الى واجهة المشهد السياسي،فالعاصمة المطوقة بالمدافع والصواريخ والدبابات من كل اتجاه،آن لها أن تتخلص من هذا السياج العسكري المرعب والخانق لحاضر ومستقبل البلد،ولن يحدث أي تقدم في هذه المسألة قبل إقالة بقية القادة المنذورين بقرارات الهيكلة ..
انفجار مخازن بقيادة الفرقة التي يقودها اللواء علي محسن،واستمرار مخاطر بقايا النظام السابق في الانقلاب على الشرعية، علاوة على ذلك تهريب الاسلحة من ألوية الحرس، تُعد اجراس إنذار تدوي بقوة،واضعة الحكومة وبقية الأطراف السياسية المشاركة في العملية الإنتقالية والداعمين الإقليميين والدوليين لمبادرة الخليج امام التحدي الأكبر في المرحلة الانتقالية في ظل استعدادات مرتبكة للدخول في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب..
لم يعد مطلب هيكلة الجيش والأمن ،و اخراج المعسكرات من المدن وضواحيها مطلبا ثوريا خالصا،بل أضحى مطلبا شعبيا وسياسيا الآن ،باستثناء قلة مستفيدة من بقاء الاوضاع على هذا النحو المرعب للسكان والمعيق لتقدم عملية الانتقال السياسي في البلاد،وبالذات جماعات العنف التي يتنامى نفوذها في جنوب وشمال البلاد في ظل غياب الدولة ..
على جميع الاطراف الاقتناع بقدر التغيير، وتكثيف جهودهم المخلصة للوطن تمهيدا لحلول ساعة الصفر في أي لحظة ،والمتمثلة بصدور حزمة قرارات مفصلية وحاسمة ترفع سيطرة بقايا النظام السابق على الجيش والأمن ،ومن الضروري أن تأتي هذه القرارات بحلول استراتيجة في اطار هيكلة الجيش كمطلب سياسي وضرورة عسكرية وأمنية لا تقبل التأجيل .. 
هناك حديث عن تأجيل هذه القرارات ،لكن محاولة تأجيل صدورها الى ما بعد مؤتمر الحوار ،مجرد عبور غير آمن لقطار الوفاق السياسي ،ينتهي بفشل مؤتمر الحوار،كون مساعي وجهود التهيئة السياسية للحوار ذاتها لم تسجل أي تقدم يذكر ،وهذا ما يزيد الوضع تعقيدا في حال تضاعف هذه المشاكل القديمة الجديدة على استحقاقات الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية ..
قد يفشل أطراف الوفاق الانتقالي ومعهم رعاة المبادرة في تقديم ضمانات لقوى وأطراف خارج عملية الانتقال السياسي بهدف الدخول في مؤتمر الحوار ،كون اسباب الفشل مرتبطة بحالة انقسام الجيش والأمن ،وهذا ما يؤكده كثير من السياسيين والمهتمين بقراءة المرحلة الانتقالية في البلد ..
لهذا ،يتعين على الحكومة ،والمجتمع الدولي المساند لتوجهاتها استشعار خطر تأجيل قرارات ازاحة بقية القادة العسكريين الذين يمثلون حجر عثرة على تقدم إنهاء انقسام الجيش ،ويعملون على ترتيب أولوياتهم الانتقالية وفقا للوضع المحلي وضروراته ، وليس تماشيا مع رغبة المجتمع الدولي غير المكترث بتأجيل هيكلة الجيش ..
ما يعيشه البلد الآن من حالة انفلات غير مسبوقة نتيجة لانقسام الجيش والأمن ،يجعل من كل توجه سياسي رسمي ،أو بوادر لحالة اجماع وطني مجرد استنزاف للوقت وهدر للفرص الممكنة لإحداث انتقال تاريخي في البلد ،وفي حال تم ترحيل مسألة هيكلة الجيش ،يبدو أن البلد ذاهب الى المجهول ،كون البلد الآن مهيأ للانفجار أكثر منه للحوار ..
وبعيدا عن التنظير الفوقي للحوار من قبل كثيرين لا علاقة لهم بواقع الناس ،علينا أن نصغي و نضع مخاوف الناس في صدارة اهتماماتنا ،كون الناس أكثر دقة في تشخيص واقع يجدون انفسهم فيه ضحايا لمخططات جماعات العنف ومفخخات الموت التي تحصد ارواح اليمنيين دون توقف ..
من يحاولون القفز الى الحوار دون شعور وطني يستدعي منهم المشاركة في وضع حد لحالة الانفلات الأمني ،وتفكيك أي مخططات للتصعيد العسكري، يدفعون بالبلد نحو الهاوية ،كون التغاضي والتهوين من الحوادث الارهابية و الاجرامية والصراعات المسلحة التي تنهك حاضر البلد ،يعد مشاركة غير بريئة لنسف مستقبل مستقر في البلد، سيما و«القنابل الموقوتة» تواصل حصد أرواح الأبرياء في شوارع العاصمة صنعاء ،واغلب مدن البلاد التي تعيش في ظل غياب الدولة نتيجة تعثر الحكومة المركزية عن ضبط الوضع وإحكام سيطرتها على البلد بفعل مخططات بقايا النظام السابق وجماعات الموت يقابلها تراخي السلطات المحلية عن القيام بواجباتها في هذه المرحلة ..
أعتقد بأن وضع حد للانفلات الأمني وتفكيك أي مخطط للتصعيد العسكري أهم من القفز الى مؤتمر الحوار الوطني ، وعلينا ألا نهون من الوضع الأمني والإنساني المخيف الى هذا الحد كما يحاول البعض التهوين منه لغايات انتهازية في نفوسهم وعقولهم الخاوية من أي شعور بفداحة الذهاب بالبلد للحوار على فوهات المدافع والصواريخ والدبابات التي تخنق حاضر البلد وتنسف اي تطلعات بمستقبل آمن ..
من حق شعب قدم تضحيات كبيرة في الثورة السلمية وما سبقها من تضحيات أن يتطلع الى مستقبل آمن وبلد مستقر،وديمقراطية حقيقة في ظل تحييد الجيش والأمن عن الواقع السياسي،وهذا ما يستدعي منا فرض أولوياتنا الوطنية على القوى السياسية التي يُفترض منها الالتفات لمطالب وأولويات الشعب.
وعلى المجتمع الدولي قراءة الواقع اليمني كما هو لا كما يعتقدون ،فالدعم المحدود لإجراء الحوار ضمن دعمهم السياسي والاقتصادي لمرحلة الانتقال السياسي في البلد ،يجب أن يصب في دعم الرئيس هادي وحكومة باسندوة على انهاء اسباب الصراع والمُتمثل في انهاء انقسام الجيش والأمن كبداية عملية لهيكلة هاتين المؤسستين ،كون الذهاب الى حوار دون انهاء اسباب فشله المُبكر ،مجازفة غير مأمونة العواقب ،قد تخسف بالبلد الى مستنقع الحروب و التشظي ..