الخميس، 8 نوفمبر 2012

آحزان لا آخر لها ...


محمد سعيد الشرعبي :
على ضفاف الليل الواجم ،اجدني مقيد بتتابع احزاني بفعل حزني على صديق غالي عرفته السنوات الاخيرة في هذه المدينة الطارده لكل فرح والحاقدة من سكانها .. يالهولها من مدينة هدت عمري بالفواجع والمواجع منذ آتيتها قبل نصف عقد من الزمن ،واللافت ارتشافي أغنية "مقادير " بصوت الفنانة ذكرى كعزاء أبدي لا غنى عنه ..
هناك ما يؤلم جدا بين الحياة واللاحياة ،أكثرها ايلاما تأخرنا اللامبرر عن تلمس هموم انفسنا وأيضا احبابنا في دنيا تترآى لي ظالمة بأحزانها وغير عادلة بأفراحها بين بني البشر ،رغم ادراكي واعتقادي بحكمة الله واقتناعي بإرتباط سعادة وتعاسة اي إنسان بذاته وليس بغيره ،علاوة على ما سلف ،واقعنا تعس بلا استثناء في بلد لم يعرف اغلب ابنائه معنى الفرح الحقيقي ولو بفرحة زائلة لنصف انتصار لمنتخبنا الوطني لكرة القدم ...
تبدو حياتنا على مهب نزوح او في مرمى رصاصة خلاص مجهولة الهوية ،وعلى هذا النسق،تتدحرج بنا الحياة،بأوجاعها وأسقامها اللانهائية ،ولا أفدح على النفس من اناس يكابرون كثيرا ولا يعترفون بأنا نعيش حياة اللاحياة في بلدنا منحوس بنا وبمن حولنا ،كقدر غير معلوم نهايتها على المدى المنظور ..
هذه حياتنا بمنتهى وجعها غير المُزمن يأعز صديق وإنسان عرفت ،فلا تتألم أكثر من فرط ما تقاسيه البلد وما يأكل أرواحنا من هموم في دنيا التعب ،فسلامة روحك تهم احبابك بقدر ما تهمك كما اعتقد ،فعد بروحك ورونقك العهود عنك لم يعرفك عن قرب روحا غامرة بالأمل ،وبهجة تحدٍ تشق عبوس المرحلة بمعجزة روحك النقية كما تشق الشجر عظيم الصخور ..
رغم كل بواعث الحزن والمخاوف ،ثق بأن ما يعرك ايامنا في هذا الخريف سيجد يوما طريقه زوال والتبدد ،وسيعقبه مواسم تعافي وشفاء ،ولإيماني بحتمية الحياة بعد الممات الوطني والإنساني،سنحيا من جديد وسنعيد للبلد ما فقدت من عزة وكرامة ويسرق يوما بنور الحرية وتعم العدالة كالرياح كل ناحية و تل وبيد ..
اكاشفك التأكيد على شعور روحي بالآسى مما حل بك وبنا وبالآخرين من رفاق الدرب ومشاعل الثورة ،بقدر يقيني من قدرتنا على الخلاص والتعافي ،وأولنا أنت لقناعتي بطهرك ونبلك يا طيف روح تسكن اروح الآخرين كنسمات صبح يوم لا يعتريه نسيان او زوال ..
لأنك فقط صديق ودود وإنسان بسيط لا يختلف عن سمو روحك الملهمة اثنان _ في نظر احبابك _ ،اقول بثقة بأنك اشراقة نور في سديم الحياة المدنسة بالأحقاد ،تحدث أثرها الخلاق في نفس الناس ولو كنت ممن يهوى نشر الحب والسلام وإشاعة روحة الاخاء بين الناس بعيدا عن المكاسب والبهارج ..
وما يؤلم احساس اي إنسان شعوره بالإحباط واليأس بفعل تزامن مرور مدار الأوجاع علينا _ أنا ومن أعنيهم _ دون معرفة أحدنا بوجع الآخر ،وليس بوسعي هنا سوى تبكيت روحي وأرواحهم بالتأكيد : مصائب السماء لم تظل طريقها الينا .. !!
متى تخطئنا عوادي الزمن ونوازل السماء هذه ؟ وهل ستدع لنا مساحة زمن للتعافي وتذهب أم أننا ضحايا أبديون لأقدار السماء ؟؟ هذا قدرنا بفرحه وأتراحه ومصائبه بلاشك ،لكني مقتنعا جدا بأن إيماني بالقدر لا تجرحه مرارة الاستفسارات !
آه يأعز الناس ، لا اخفيك ومن سيقرأ هذه السطور بأن كل حزن لصيق بظلنا ،وكل خسارة تعرف طريقها الينا بقدر ما تجيد المواجع مداهمة اجسادنا المكدودة بوصفنا _ شعب بأكمله _ فرائس سهله كُتب خوض امتحانات سماوية لا آخر لها ، من لحظة الميلاد الى آخر لحظات الحياة الممات ..
فالوداع يا ومضة الود وبريق الأمل المتلألئ في افق مدينة ملبدة بوحشة ليل ثمل يأبى الرحيل عن مدينتنا دون مصائب .. سأغادرك لآن لكي ابحث عني في ممرات الضياع ومسالك شتات غائم ،فقد أجدني في ساعات الصباح الأولى على قارعة دهشة اللقاء الأول ..
==========
تحية درويشيه وبعد :
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ ما أُريدُ …

ليست هناك تعليقات: