محمد سعيد الشرعبي :
لكل متسلط نهاية تليق بساديته وتسلطه بحق
المساكين،بقدر ما لكل نظام سياسي خاتمة بشعة ترق لمستوى بشطه و توحشه في بحق شعبه
وبشاعة قهره لهم بدون رادع اخلاقي ،ومن
حتميات سقوط هذا النظام او ذاك ،تسقط نخب الإستبداد التي،وتشرب من كؤوس ثورات
الشعوب كؤوس المذلة بقدر ما ارتشفت من كؤوس النشوة من عرق و دموع المقهورين في
الارض ..
قد لا نختلف في حتمية سقوط النظام في اليمن _
اقصد نظام علي صالح _ ،وكان السقوط اليمني بالتقسيط ولم يأتي دفعة واحدة ،لكن سقوط
النخب البليدة التي عاصرت هذا النظام سقطت دفعة واحدة ،وعلى ما أعتقد ،كان لطبيعة السقوط
التدريجي للنظام البربري في يمننا الحبيب،سببا رئيسيا في كشفة أقنعة الزيف التي
تنم عن مدى الترابط الوجودي بين النظام وهذه النخبته الدائخة ..
اذا ظلت النخب
القديمة مسكونة بوعي متاريسها القديمة (الحزبية،الفكرية،السياسية)،ستبقى نخبة عاجزة
فائضة عن حاجة زمن من لم يتغير فيه يتعفن
،وفي المقابل إذا بقيت البلد بدون نخبة صلبة تتحدى اهوال المرحلة وتكون اللسان
الأمين للشعب،تتصدر المشهد كنخبة جديدة ولائها للوطن فقط بقدر ايمانها ومؤمنة بحق الشعب
بالحرية والكرامة وحقه في تحرر بلده من التدخلات،ستظل البلد في المتاهة بلا سيادة،كما
سيبقى المجتمع في مهب العدم ..
يعتقد البعض بأن الكلمة الفصل لفخامة الشعب
العظيم بثورته وليست بنخبته ،لكن اي مرحلة تمر بها البلد كما تمر بها بلدنا ،تحتاج
لنخبة ،تدفع بعجلة الفكر والإبداع
في البلد الى الأفضل ،كون المراهنة على نخب قديمة مصابة بكساح التسلط يعتبر انتحار
جماعي لأحلامنا بالتغيير الجذري والعميق في البلد ،كون هذه النخبة تعترف بكساحهم
الذهني وعقمهم الابداعي ،لهذا يبدو دورهم مفقودا تماما في تحتاج لدور نخب قوية وشجاعة
تبادر للقيام بواجبها الوطني بالتوازي مع حراك القوى السياسية في مرحلة انتقالية شديدة
التعقيد تمر بها البلد ..
جاءت الثورة لهولاء بفرصة للحياة بعيدا عن الخنوع ،تركوها ولم يبادروا لإعادة
اثبات وجودهم بصف الشعب مهما كانت مواقفهم النابعة من مخاوفهم من المستقبل ،لأنهم
في نهاية الأمر نخب فقدت صوابها
ولم تعد تدرك واجبها الراهن،كما لن تبارح مربعها القديم .. مربع الأثير بمتاريس
قديمها العدمي المروع ،وستبقى نخب الماضي منكفئة على ذاتها المتعالية عن واقع وهموم
مجتمعهم،سيفقدون قدرتهم على العطاء النافع للوعي ،والتأثير الفاعل في المجتمع ،وستأتي
نخبة تدفنهم في وعي المجتمع والى الأبد ..
بلا شك،يقول منطق
التأريخ بأن لكل جيل نخبه،تولد من رحم الشعوب الثائرة ضد القهر والاستبداد،وفي
بلدنا ولدت نخبة تعرف واجبها وتعمل تحت اقصى الظروف من اجل انتصار الحياة في
مواجهة مشاريع الموت والكهنوت الرجعي البليد ،ولو ظلت جهود نخبتنا الشابة مشتتة
الآن ،اثق تماما ،بقدرتنا كجيل يمني جديد على اعادة خلق المجتمع،وتغيير مسار التأريخ،بأداء
يوازيه خطاب متخفف من اوزار الماضي التعيس،بأدوات وطرائق تواصل تفاعلية فاعلة في
ايصال رسالتها الى المجتمع والسلطة الإنتقالية .
المؤسف للغاية،ما
نشهده حاليا من نهايات وتموضعات جديدة للنخب
القديمة خارج مسار التأريخ،واغلبها تموضعات ماضوية ،من محاسنها،كشف حالة زيف غير متوقعه
لدى الناس عن غفير ممن شرخوا رؤوسنا بمناهضة النظام طيلة عقود انقضت بمفارقاتها المؤلمة لأكثر من خدعنا
فيهم طوال هذه الفترة الزمنية ...
لا نختلف على الاطلاق على حقيقة نخب عاجزة تخندق
ضد المستقبل ،وبهذا التخندق،يكتبون بيان
احتضارهم بالمنطق الذي يريدون ،و لا آسف عليهم
على آية حال ،لقد بانت عورتهم بشكل مخزي ،والزمان كفيل بتعرية
نخب " الكومبارس " بفعل ارتباطهم الوجودي في حلمهم الواهم في بقاء
نظام في طريقة للزوال،بدليل تصدرهم المعلن
وغير المعلن لمنابر تمجيد الماضي اللعين بألم المذعورين من ثمن احتضاره على بقائهم
..
الادهى من تقوقع
النخب في مرحلة مواتية لإعادة الخلق،هو عدم شعورهم بواجب تحصين المجتمع من مكائن تلويث
الوعي بثقافة الماضي عبر خطاب متقدم ينقذ البلد من خطاب بليد لقوى العنف الساعية لإعادة
فرز المجتمع ـ بمن فيهم النخب ـ وفق لمعاييرهم في الانتماء والولاء لهوياتهم الضيقه
بمنطق مفضوح و ساذج ..
قبل غيرهم،يشعر
كرادلة نخب تأبيد الماضي بكذب و زيف مخاوفهم الواهية من المستقبل،ومحاولة ذودهم عن
قوى رجعية وكيانات سلطوية تشاطرهم وأد فرص المستقبل الذي صنعتها تضحيات اليمنيين في
مقدمتهم شباب الثورة السلمية،لا تعدو عن كونها محاولات بائسة ويائسة للهروب الى
مربع الهزيمة الذي يبرعون فيه في مغالبة الهزيمة ذاتها،وهذا ما لم يحدث،فالزمان قد
تجاوزهم الى غير رجعة .
ومن محاسن
استمرار الفعل الثوري لشباب الثورة السلمية ،احباط ضربات الثورة المضادة الطافحة
من قوى الماضي المرعوبة نتاج تكبدها لهزائم مستمرة في مواجهة الجيل الحالم بثقافة
النكوص ،وحاليا لم يعد بوسع قوى الماضى ونخبه التمثيل على الناس بعد ثورة 11 فبراير 2011 ،لقد انتهت فصول مسرحيات
التأبيد والتوريث،ومن الطبيعي انكشاف حقائق ارتباط كثير ممن اقصد بمطابخ النظام وأقطاب
سلطته ،وبحديثي عن هذه الحقائق ملامسة موضوع شائك يحتاج لدراسات وبحوث ..
محاولات
استباق البدايات الواعدة لنخب جيل الثورة،واندفاع نخب الماضي الى اطلاق الأحكام على اداءهم ودورهم
المشهود مجرد احكام انتقامية نابعة ارواح ادمن الهزيمة ،تسعى بأسلوبها الفج للنيل
من الجديد المغاير المتجاوز لوعيهم المريض الذي كان ولا زال احد اسباب استمرار
الماضي في تأثيريه على الحاضر وربما المستقبل ..
ليس من حق
القديم المفضوح تقييم الحاضر الواعد ،والجدير بريادة العمل الوطني ،ومما لا شك فيه
،يبقى حق التقييم لهذا الجيل متروك هنا
للشعب فهو من يحق له ونثق فيه في تقييم نخبه في كل مرحلة وعصر ،واعتقد ،بأن ثقة
الشعب بالشباب كبيرة،كون هذا الجيل تجاوز جيل الانتكاسات والعمل السري ،وخرج الى
شوارع المدن معيدا الاعتبار للإنسان اليمني بثورة سلمية غير مسبوقة في تأريخ اليمن
..

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق