الجمعة، 30 نوفمبر 2012

شباب الثورة على عتبات حوار"البنادق والعُكف "


محمد سعيد الشرعبي:
بالتوازي مع سباق محموم بين اطراف وأفراد على ابتلاع حصتهم في مؤتمر الحوار الوطني وكأن ثورة 11 فبراير لم تعم البلد وتواصل اقتلاع اركان النظام ومخالبه من جسد الدولة،اثارت انباء تحديد نسبة شباب الثورة بـ 40 عضوا من قوام الاعضاء المقرر مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني،جدلا ونقاشات ساخنة بين شباب الثورة عن شرعية الجهة المخولة في اختيار ممثليهم،رغم قناعتهم بتوزيع حصة الشباب على اطراف الحوار.

وفي ظل تلك القناعات الشبابية من الحوار،يناقش شباب الثورة بدون استثناء جدوى مشاركتهم في مؤتمر الحوار من عدمه في ظل بقاء البلد  رهينة لماضي المخلوع ومخططاته  في وأد الحلم اليمني بروح انتقامية من الثورة السلمية بهدف عرقلة انطلاق البلد الى المستقبل ،والمؤسف حدوث ذلك على مرأى ودراية رعاة مبادرة الانتقال السلس لـ"طائر الخراب" من مهزلة "الرئيس " العابث الى فوضى "الزعيم" البغيض .

كما يسرد شباب الثورة مخاوفهم  من التورط في الحوار كديكور يشرعن قبح كثير من الاطراف المشاركة في مؤتمر حوار"البنادق والعُكف "،معتبرين سلبية التهيئة والتحضير للحوار بذات الادوات والكيفية السياسية القديمة موشرات مسبقة عن فشل الحوار في الوصول الى الآمال التي يتطلع اليها جميع الاطراف ،منها تقديم حلول جذرية لأبرز القضايا التي تعصف بحاضر البلد،وتهدد الوحدة الوطنية.

كما يعتقد الشباب عدم نجاح اطراف الحوار في تحديد ملامح دولة المستقبل بفعل تغييب  مطالب شباب  الثورة في مسودة  قضايا مؤتمر الحوار،معتبرين توالي تبعات استمرار انقسام مؤسستي الجيش والأمن دليل على صحة اعتقادهم بفشل الحوار بفعل مخططات قوى النظام السابق بدفع البلد الى هاوية الاحتراب والتشردم .

ويتفق شباب الثورة السلمية على مخاطر تأجيل قرارات اقالة ابناء المخلوع من مناصبهم العسكرية والأمنية دليل على مهزلة الحوار تحت رحمة مدافع جيش منقسم ،كما يجمع الشباب ـ في نقاشتهم ـ على رفضهم لتعمد عدم ادراج مطالبهم المشروعة الى مسودة القضايا المدرجة في جدول اعمال مؤتمر الحوار الوشيك تدشين اعماله في الايام المقبلة.

لهذا،يشدد شباب الثورة على حقهم بفرض قضاياهم ومطالبهم قبل الدخول في مؤتمر الحوار،كما يطالبون بنسبة تمثيل عادلة تمكنهم من مشاركتهم الفاعلة في صياغة ملامح الدولة المدنية المنشودة في مؤتمر الحوار،كونهم القوة الضاربة التي اطاحت بنظام علي صالح المعنية بالمستقبل اكثر من اي قوى اخرى،وتجاوزها يفقد مؤتمر الحوار الفاعل الوطني الأبرز والقادرة على قلب طاولة الحوار على الجميع .

في نهاية القول،لا يستطيع حزب او طرف داخلي او خارجي انكار دور شباب ثورة 11 فبراير وتضحيات قوى الثورة السلمية في خلق فرصة سياسية غير مسبوقة لوضع حل ناجع يوقف نزيف الوطن من مشاركة كافة القوى في صناعة التحول التأريخي في البلد.

الخميس، 29 نوفمبر 2012

توقف مصنع اسمنت البرح


محمد سعيد الشرعبي :
في  واحدة من جرائم الفساد "الرسمي" في البلد ،و الإهمال المستمر للمنشآت الصناعية والإنتاجية المملوكة للدولة كأمتداد لسياسات التدمير الممنهج  والنهب المنظم لموارده  من قبل رأس النظام السابق  في آخر سنوات سلطته،ابرزها سحب 14مليار ريال  من حسابات المصنع في البنك المركزي بقرار سياسي لصالح مصنعي  اسمنت عمران وباجل ،توقف مصنع اسمنت البرح _ على بعد  50 كم غرب مدينة تعز _عن الانتاج بشكل كلي نتيجة عدم توفر الوقود "المازوت " ،بسبب استمرار رفض القائم المؤسسة العامه للاسمنت محمد يحي شنيف وضع حل لفضيحة توقف المصنع من خلال توفير استيراد الوقود  "المازوت " من الخارج بسعر اقل من اسعاره في السوق المحلي ، او اقرار مشروع تحويل وقود المصنع  الى " الفحم الاحفورى " ،وفي حال تم اعادة تشغيل المصنع بالفحم  ستقل تكلفة الوقود الى 62%  ..
هناك مقترحات عديدة لإعادة تشغيل المصنع منها توفير مادة المازوت بسعر اقل من سعر شركة النفط اليمنية التي تبيع اللتر بـ 164 ريالا،سيما وان المؤسسة العامه للاسمنت كانت قد اقرت سابقا ،استيراد المازوت من الخارج بسعر 64 ريالا للتر الواحد ،وهذا بدوره سيخفف من تكلفة تشغيل المصنع الذي ينتح نصف مليون طن سنوياً بمعدل  90 طناً بالساعة من الاسمنت البورتلاندي العادي عالي الجودة  ،و الاسمنت المقاوم للأملاح طبقا للمواصفات الأمريكية،في المقابل .
 المؤلم للغاية فداحة النهايات لمصانع الدولة بفعل النهب والفساد والإهمال ،آخرها اسمنت البرح الذي تكالبت عليه سواطير الفساد ،والإهمال المتعمد له ،بدليل تشغيل المصنع بأدواته دون تحديث او توفير قطع الغيار ،وكل المعدات لإستمرار وتيرة الانتاج في ظل امكانية رفع معدل الانتاج ،تكشف فضيحة توقف اسمنت البرح مدى ارتباط فشل المصانع العامه كواجدة من دليل انهيار الاقتصاد في البلد بالقرار السياسي للنظام قديمه برئاسة المخلوع علي صالح ،ويخشى اقتصاديين من عدم اكتراث الرئيس عبدربه هادي  وحكومة الوفاق الانتقالي الذي لمشكلة احتكار شركة النفط لـ "المازوت " وبيعه للمستهلك المحلي بأسعار مضاعفة عن سعره من السوق العالمي ..
في سياق متصل بالمساعي السياسية الهادفة لأحداث استقرار اقتصادي في البلد بنهج موازي للإنتقال السياسي  كما يعلن نظام التوافق الانتقالي،يتخوف عديد من رجال المال والاستثمار من اغفال الرئيس هادي وحكومته للجانب الاقتصادي مقارنة بالهم السياسي ،ويستدلون بتعاطي هادي وباسندوة مع فضيحة توقف اعرق مصنع اسمنت في البلد  بالإمكان تلافيها  بتوجيه حكومته  ممثلة بوزارة النفط  والتجارة والاقتصاد من شأنها تلافي النهايات المؤسفة للقطاع العام .
وباعتبار جرائم احتكار رأس النظام  لسلع ومواد هامه في السوق المحلي عبر مؤسسات عامة تدار من خلال مؤسسات خاصة معلنة وغير معلنة،مضافا عليها كوارث،ابرزها(حق الحماية،الاستثمار مناصفة،الابتزاز المستمر،غسيل الامول ، الفساد ، البيروقراطية،توزيع قطاعات النفط )،تدفع برحيل الاستثمارات ،وتتسبب في توقف مصانع خاصة وعامة و ليس آخر المأساة توقف "اسمنت البرج " عن الإنتاج ،يتعين على النظام الانتقالي برئاسة عبد ربة هادي وضع حدا للفساد وردم المستنقعات الطاردة  للاستثمارات ،والمدمرة لما من مؤسسات  ومصانع عامه من خلال شن تشريعات وقوانين جديدة ،والاهتمام بوضع تشريعات اقتصادية لائقة في الدستور الجديد يمكن الدولة من تهيئة البلد للاستثمار الخاص والعام ..
يذكر بأن مصنع اسمنت البرح،انشئ مطلع تسعينيات القرن الفائت من قبل شركتي (IHI،KAJIMA )اليابانيتين بموجب قرض ياباني  83 مليون $   حينها،ويعمل فيه أكثر من 800 موظف وموظف ،وتوقف المصنع عن الانتاج يعني فقدان هولاء لوظائفهم ومصدر ارزاقهم ،في حين يتسبب توقف المصنع عن الانتاج ازمة اسمنت في السوق المحلي .

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

فتن تحيق باليمن


محمد سعيد الشرعبي
بالتزامن مع المساعي السياسية لعقد مؤتمر حوار وطني ،تشتغل قوى الاجرام _التي خسرت مصالحها بخلع رأس الأفعى _ على تهيئة البلد لحرب اهلية ،ضمن مخطط جهنمي يسعى من خلاله قوى الشرور والحروب  للإنقلاب على الوضع الإنتقالي ، وأحلام الناس بدولة مدنية عادلة ومن يطلع على وسائل اعلام الثورة المضادة ،يدرك مخاطر ما يهدفون اليه  من فتن تبدأ بخلط الاوراق وضرب طرف بآخر دو آسف ،والمخيف للغاية العبث السلم الاجتماعي والتصالح السياسي ،و تفجير الوضع عبر " البعد الطائفي" في جنوب قبل شمال البلاد ،للأسف...
 ويبدو أن النظام السابق والموالين له في سباق محموم مع الوقت لنسف أي حالة وئام وطني وتصالح سياسي قد يأتي به مؤتمر الحوار الوطني ،فما أن تم تكذيب البيان المزور عن "اتحاد علماء اليمن "  التي  تبين أنه ببان كاذب ،سعى من خلال مطبخ "صالح " لتهيئة النفوس لإدخال البلد في  اتون حرب اهلية وطائفية ،بوصفها السلاح الاخطر للانتقام من خصومه _ كما يعتقدون_ ،تأتي علينا جريمة  امس التي استهداف احتفال لأنصار الحوثي بذكرى عاشوراء في منطقة الجراف شمال صنعاء،بالأمس شعرت بأن ليل البلد لم يغادر ،ومآتم الوطن لن  تنتهي ..
الى حد الآن ،تظهر جميع القوى السياسية في البلاد قدرا من المسؤولية في التعامل مع هذه الجرائم المدانة ،باستثناء الرئيس المخلوع وأدواته الإجرامية ،و مكائنه الاعلامية التي تعمل على الدفع بالبلاد الى حافة الهاوية ،وفقا لمنطقه " الشمشوني "  الذي يتوعد الجميع به ولا داعي لتذكير بتهديداته قبل وبعد توقيع مبادرة رحيله عن الكرسي فقط ، كون خطابه الانتقامي ،يتلخص في عبارة قالها بوقه الأبرز عادل الشجاع   في قناته " اليمن اليوم " : أن الحرب لم تبدأ بعد. !
الى أي حرب ونهاية سيذهب هولاء المعتوهين في البلد ؟ ،والى أي مدى ستنجح القوى السياسية في تجيب البلد ويلات الفتن او أي حرب تطبخ على عجل اجرامي من مطبخ مخلوق الحروب الابرز في البلد ؟ وهل يكون  احزاب المشترك و المؤتمر والحوثيين والحراك الجنوبي وشباب الثورة السلمية هذه المرة على وعي تام بما يهندس المخلوع للبلد من كوارث ؟؟
بعيدا عن الوهم والإفراط بهواجس المؤامرة ،يدرك كل وطني شريف يهمه أمن واستقرار بلده ما يحيق بالبلد من فتن ،والجميع يدرك و يستشعر مخاطر ما يحاك للبلد من نهايات مأساوية في دهاليز الموت والفتن ،وبلا شك ،فكل القوى السياسية في جنوب وشمال البلد معنية بدرجة اساسية بالقيام بواجب تفويت أي فتن اهلية او مجتمعية تدبر للبلد  من قبل زعيم الفتن  وطائر الخراب ،فبناء المستقبل الآمن واليمن المدني الديمقراطي يبدأ من الآن  ،وليس غدا ..
وبقدر رفضنا لأي تدخل يهدد امن وسلامة البلاد واستقلال قراره السياسي ،يفترض بالمجتمع الدولي الوفاء بوعدهم بإخراج هذا المعتوه من المشهد بالتنسيق مع  عقلاء حزب المؤتمر،رغم قناعتي بفداحة التسوية التي لم تنجح في ابعاد المخلوع عن المشهد ،بقدر أيماني  بعدم حرص المجتمع الدولي على اليمن بقدر حرص ابنائه اولا .
في المقابل،بات واضحا بأن يد وأموال الرئيس المخلوع بدأت تطال تكتل اللقاء المشترك ذاته ،ولعل مساعيه بتفكيك هذا التكتل السياسي بدوافع انتقامية،قد بدأت في الظهور رغم محدودية تأثيرها على الخطاب العام والنهج السياسي للمشترك ،وهذا ما يؤكده أكثر المتابعين لتبعات التصريحات التي يدلي بها اطراف في المجلس الاعلى للمشترك وبعض فروعه بمعزل عن المواقف السياسية لأحزابهم ،ومع ذلك يفترض بالمشترك مزيد من اليقظة السياسية والإعلامية والابتعاد عن أي ممارسة او مواقف قد تعزز من شروخ سياسية في  الجسد الوطني نتيجة للخطاب المنفلت وغير المسئول لبعض من قياداته الذين يتساقطون في مطابخ الماضي البغيض ودروبها المهلكة   ..

خالص التعازي وعظيم المؤاساة لأسر شهداء تفجير امس بحي الجراف شمال صنعاء ،وأمنياتي للجرحى بموفر الصحة .. كما اتقدم بخالص التعازي لجميع الشهداء والضحايا الذين يرحلون عنا بفعل فاعل في بلدنا الحزين .. تصبحون على وطن آمن ومستقر .. ولا نامت اعين القتلة والمجرمين .

الاثنين، 12 نوفمبر 2012

نخب الشعب و نخب السلطة !


محمد سعيد الشرعبي :
لكل متسلط نهاية تليق بساديته وتسلطه بحق المساكين،بقدر ما لكل نظام سياسي خاتمة بشعة ترق لمستوى بشطه و توحشه في بحق شعبه وبشاعة  قهره لهم بدون رادع اخلاقي ،ومن حتميات سقوط هذا النظام او ذاك ،تسقط نخب الإستبداد التي،وتشرب من كؤوس ثورات الشعوب كؤوس المذلة بقدر ما ارتشفت من كؤوس النشوة من عرق و دموع المقهورين في الارض ..
قد لا نختلف في حتمية سقوط النظام في اليمن _ اقصد نظام علي صالح _ ،وكان السقوط اليمني بالتقسيط ولم يأتي دفعة واحدة ،لكن سقوط النخب البليدة التي عاصرت هذا النظام سقطت دفعة واحدة ،وعلى ما أعتقد ،كان لطبيعة السقوط التدريجي للنظام البربري في يمننا الحبيب،سببا رئيسيا في كشفة أقنعة الزيف التي تنم عن مدى الترابط الوجودي بين النظام وهذه النخبته الدائخة ..
اذا ظلت النخب القديمة مسكونة بوعي متاريسها القديمة (الحزبية،الفكرية،السياسية)،ستبقى نخبة عاجزة فائضة  عن حاجة زمن من لم يتغير فيه يتعفن ،وفي المقابل إذا بقيت البلد بدون نخبة صلبة تتحدى اهوال المرحلة وتكون اللسان الأمين للشعب،تتصدر المشهد كنخبة جديدة ولائها للوطن فقط بقدر ايمانها ومؤمنة بحق الشعب بالحرية والكرامة وحقه في تحرر بلده من التدخلات،ستظل البلد في المتاهة بلا سيادة،كما سيبقى المجتمع في مهب العدم ..
يعتقد البعض بأن الكلمة الفصل لفخامة الشعب العظيم بثورته وليست بنخبته ،لكن اي مرحلة تمر بها البلد كما تمر بها بلدنا ،تحتاج لنخبة ،تدفع بعجلة الفكر والإبداع في البلد الى الأفضل ،كون المراهنة على نخب قديمة مصابة بكساح التسلط يعتبر انتحار جماعي لأحلامنا بالتغيير الجذري والعميق في البلد ،كون هذه النخبة تعترف بكساحهم الذهني وعقمهم الابداعي ،لهذا يبدو دورهم مفقودا تماما في تحتاج لدور نخب قوية وشجاعة تبادر للقيام بواجبها الوطني بالتوازي مع حراك القوى السياسية في مرحلة انتقالية شديدة التعقيد تمر بها البلد ..
جاءت الثورة لهولاء بفرصة للحياة  بعيدا عن الخنوع ،تركوها ولم يبادروا لإعادة اثبات وجودهم بصف الشعب مهما كانت مواقفهم النابعة من مخاوفهم من المستقبل ،لأنهم في نهاية الأمر نخب فقدت صوابها ولم تعد تدرك واجبها الراهن،كما لن تبارح مربعها القديم .. مربع الأثير بمتاريس قديمها العدمي المروع ،وستبقى نخب الماضي منكفئة على ذاتها المتعالية عن واقع وهموم مجتمعهم،سيفقدون قدرتهم على العطاء النافع للوعي ،والتأثير الفاعل في المجتمع ،وستأتي نخبة تدفنهم في وعي المجتمع والى الأبد ..
بلا شك،يقول منطق التأريخ بأن لكل جيل نخبه،تولد من رحم الشعوب الثائرة ضد القهر والاستبداد،وفي بلدنا ولدت نخبة تعرف واجبها وتعمل تحت اقصى الظروف من اجل انتصار الحياة في مواجهة مشاريع الموت والكهنوت الرجعي البليد ،ولو ظلت جهود نخبتنا الشابة مشتتة الآن ،اثق تماما ،بقدرتنا كجيل يمني جديد على اعادة خلق المجتمع،وتغيير مسار التأريخ،بأداء يوازيه خطاب متخفف من اوزار الماضي التعيس،بأدوات وطرائق تواصل تفاعلية فاعلة في ايصال رسالتها الى المجتمع والسلطة الإنتقالية .
المؤسف للغاية،ما نشهده حاليا من نهايات  وتموضعات جديدة للنخب القديمة خارج مسار التأريخ،واغلبها تموضعات ماضوية ،من محاسنها،كشف حالة زيف غير متوقعه لدى الناس عن غفير ممن شرخوا رؤوسنا بمناهضة النظام طيلة عقود انقضت بمفارقاتها المؤلمة لأكثر من خدعنا فيهم طوال هذه الفترة الزمنية ...
لا نختلف على الاطلاق على حقيقة نخب عاجزة تخندق ضد المستقبل ،وبهذا التخندق،يكتبون   بيان احتضارهم بالمنطق الذي يريدون ،و لا آسف عليهم  على آية حال ،لقد بانت عورتهم بشكل مخزي ،والزمان كفيل بتعرية  نخب " الكومبارس " بفعل ارتباطهم الوجودي في حلمهم الواهم في بقاء نظام  في طريقة للزوال،بدليل تصدرهم المعلن وغير المعلن لمنابر تمجيد الماضي اللعين بألم المذعورين من ثمن احتضاره على بقائهم ..
الادهى من تقوقع النخب في مرحلة مواتية لإعادة الخلق،هو عدم شعورهم بواجب تحصين المجتمع من مكائن تلويث الوعي بثقافة الماضي عبر خطاب متقدم ينقذ البلد من خطاب بليد لقوى العنف الساعية لإعادة فرز المجتمع ـ بمن فيهم النخب ـ وفق لمعاييرهم في الانتماء والولاء لهوياتهم الضيقه بمنطق مفضوح و ساذج ..
قبل غيرهم،يشعر كرادلة نخب تأبيد الماضي بكذب و زيف مخاوفهم الواهية من المستقبل،ومحاولة ذودهم عن قوى رجعية وكيانات سلطوية تشاطرهم وأد فرص المستقبل الذي صنعتها تضحيات اليمنيين في مقدمتهم شباب الثورة السلمية،لا تعدو عن كونها محاولات بائسة ويائسة للهروب الى مربع الهزيمة الذي يبرعون فيه في مغالبة الهزيمة ذاتها،وهذا ما لم يحدث،فالزمان قد تجاوزهم الى غير رجعة  .
ومن محاسن استمرار الفعل الثوري لشباب الثورة السلمية ،احباط ضربات الثورة المضادة الطافحة من قوى الماضي المرعوبة نتاج تكبدها لهزائم مستمرة في مواجهة الجيل الحالم بثقافة النكوص ،وحاليا لم يعد بوسع قوى الماضى ونخبه التمثيل على الناس  بعد ثورة 11 فبراير 2011 ،لقد انتهت فصول مسرحيات التأبيد والتوريث،ومن الطبيعي انكشاف حقائق ارتباط كثير ممن اقصد بمطابخ النظام وأقطاب سلطته ،وبحديثي عن هذه الحقائق ملامسة موضوع شائك يحتاج لدراسات وبحوث ..
محاولات استباق البدايات الواعدة لنخب جيل الثورة،واندفاع  نخب الماضي الى اطلاق الأحكام على اداءهم ودورهم المشهود مجرد احكام انتقامية نابعة ارواح ادمن الهزيمة ،تسعى بأسلوبها الفج للنيل من الجديد المغاير المتجاوز لوعيهم المريض الذي كان ولا زال احد اسباب استمرار الماضي في تأثيريه على الحاضر وربما المستقبل ..
ليس من حق القديم المفضوح تقييم الحاضر الواعد ،والجدير بريادة العمل الوطني ،ومما لا شك فيه ،يبقى حق التقييم لهذا الجيل  متروك هنا للشعب فهو من يحق له ونثق فيه في تقييم نخبه في كل مرحلة وعصر ،واعتقد ،بأن ثقة الشعب بالشباب كبيرة،كون هذا الجيل تجاوز جيل الانتكاسات والعمل السري ،وخرج الى شوارع المدن معيدا الاعتبار للإنسان اليمني بثورة سلمية غير مسبوقة في تأريخ اليمن .. 

الخميس، 8 نوفمبر 2012

آحزان لا آخر لها ...


محمد سعيد الشرعبي :
على ضفاف الليل الواجم ،اجدني مقيد بتتابع احزاني بفعل حزني على صديق غالي عرفته السنوات الاخيرة في هذه المدينة الطارده لكل فرح والحاقدة من سكانها .. يالهولها من مدينة هدت عمري بالفواجع والمواجع منذ آتيتها قبل نصف عقد من الزمن ،واللافت ارتشافي أغنية "مقادير " بصوت الفنانة ذكرى كعزاء أبدي لا غنى عنه ..
هناك ما يؤلم جدا بين الحياة واللاحياة ،أكثرها ايلاما تأخرنا اللامبرر عن تلمس هموم انفسنا وأيضا احبابنا في دنيا تترآى لي ظالمة بأحزانها وغير عادلة بأفراحها بين بني البشر ،رغم ادراكي واعتقادي بحكمة الله واقتناعي بإرتباط سعادة وتعاسة اي إنسان بذاته وليس بغيره ،علاوة على ما سلف ،واقعنا تعس بلا استثناء في بلد لم يعرف اغلب ابنائه معنى الفرح الحقيقي ولو بفرحة زائلة لنصف انتصار لمنتخبنا الوطني لكرة القدم ...
تبدو حياتنا على مهب نزوح او في مرمى رصاصة خلاص مجهولة الهوية ،وعلى هذا النسق،تتدحرج بنا الحياة،بأوجاعها وأسقامها اللانهائية ،ولا أفدح على النفس من اناس يكابرون كثيرا ولا يعترفون بأنا نعيش حياة اللاحياة في بلدنا منحوس بنا وبمن حولنا ،كقدر غير معلوم نهايتها على المدى المنظور ..
هذه حياتنا بمنتهى وجعها غير المُزمن يأعز صديق وإنسان عرفت ،فلا تتألم أكثر من فرط ما تقاسيه البلد وما يأكل أرواحنا من هموم في دنيا التعب ،فسلامة روحك تهم احبابك بقدر ما تهمك كما اعتقد ،فعد بروحك ورونقك العهود عنك لم يعرفك عن قرب روحا غامرة بالأمل ،وبهجة تحدٍ تشق عبوس المرحلة بمعجزة روحك النقية كما تشق الشجر عظيم الصخور ..
رغم كل بواعث الحزن والمخاوف ،ثق بأن ما يعرك ايامنا في هذا الخريف سيجد يوما طريقه زوال والتبدد ،وسيعقبه مواسم تعافي وشفاء ،ولإيماني بحتمية الحياة بعد الممات الوطني والإنساني،سنحيا من جديد وسنعيد للبلد ما فقدت من عزة وكرامة ويسرق يوما بنور الحرية وتعم العدالة كالرياح كل ناحية و تل وبيد ..
اكاشفك التأكيد على شعور روحي بالآسى مما حل بك وبنا وبالآخرين من رفاق الدرب ومشاعل الثورة ،بقدر يقيني من قدرتنا على الخلاص والتعافي ،وأولنا أنت لقناعتي بطهرك ونبلك يا طيف روح تسكن اروح الآخرين كنسمات صبح يوم لا يعتريه نسيان او زوال ..
لأنك فقط صديق ودود وإنسان بسيط لا يختلف عن سمو روحك الملهمة اثنان _ في نظر احبابك _ ،اقول بثقة بأنك اشراقة نور في سديم الحياة المدنسة بالأحقاد ،تحدث أثرها الخلاق في نفس الناس ولو كنت ممن يهوى نشر الحب والسلام وإشاعة روحة الاخاء بين الناس بعيدا عن المكاسب والبهارج ..
وما يؤلم احساس اي إنسان شعوره بالإحباط واليأس بفعل تزامن مرور مدار الأوجاع علينا _ أنا ومن أعنيهم _ دون معرفة أحدنا بوجع الآخر ،وليس بوسعي هنا سوى تبكيت روحي وأرواحهم بالتأكيد : مصائب السماء لم تظل طريقها الينا .. !!
متى تخطئنا عوادي الزمن ونوازل السماء هذه ؟ وهل ستدع لنا مساحة زمن للتعافي وتذهب أم أننا ضحايا أبديون لأقدار السماء ؟؟ هذا قدرنا بفرحه وأتراحه ومصائبه بلاشك ،لكني مقتنعا جدا بأن إيماني بالقدر لا تجرحه مرارة الاستفسارات !
آه يأعز الناس ، لا اخفيك ومن سيقرأ هذه السطور بأن كل حزن لصيق بظلنا ،وكل خسارة تعرف طريقها الينا بقدر ما تجيد المواجع مداهمة اجسادنا المكدودة بوصفنا _ شعب بأكمله _ فرائس سهله كُتب خوض امتحانات سماوية لا آخر لها ، من لحظة الميلاد الى آخر لحظات الحياة الممات ..
فالوداع يا ومضة الود وبريق الأمل المتلألئ في افق مدينة ملبدة بوحشة ليل ثمل يأبى الرحيل عن مدينتنا دون مصائب .. سأغادرك لآن لكي ابحث عني في ممرات الضياع ومسالك شتات غائم ،فقد أجدني في ساعات الصباح الأولى على قارعة دهشة اللقاء الأول ..
==========
تحية درويشيه وبعد :
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ ما أُريدُ …

السبت، 3 نوفمبر 2012

تعز .. ضنك "الحرس القديم"


محمد سعيد الشرعبي
" اللهم لا تجعلني ( ريموت ) كنترول لأي حزب سياسي ، ولا تجعلني من عبيد ومرتزقة بلاط شوقي هائل ايضا " ، بتعبير الزميل محمد البذيجي في منشوره على صفحته بالموقع الإجتماعي facebook ،استهل مقالي هذا عن مدينتنا التي تنهشها مخالب الماضي والحاضر على مرأى محافظها عجز عن مغادرة  مخاوفه كتاجر لكسر عظمة الواقع المعيق لإنقاذ تعز كشخص جدير بإدارة المحافظة ...
قبل نصف عام ،اتفقت اراء أكثرنا على شخص المحافظ الجديد ،فأتثبت  لنا الايام لن أقول عكس ذلك ،لكن تراخيه على مسئولياته في حسم أكثر ملف ومشكلة  تنتظر إرادته ،ابرزها انفلات أمني ،وتردي خدمي وتنموي يعم الريف والمدينة ،تجعلني منتقدا مزعجا للمحافظة و مطبليه ،ورغم ذلك ،سأدلي برأي  بتجرد ودوافع حريصة على انقاذ المحافظة بعيدا عن الخوض في معارك الدفاع والهجوم المشتعلة في المشهد التعزي ..
تعيش تعز واقعا مأساويا لا يحتمل أي تبعات اضافية لأي صراع عبثي و معارك هامشية لها علاقة بالماضي،وليس بيد أحد سلطة لإنقاذها سوى المحافظة وسلطة محلية جديدة تعمل على انقاذ المحافظة من الانفلات الامني وتحسين الخدمات وإحداث انعاش تنموي ،يسهم في ابعاد تعز عن مشاريع  العنف السياسي والمذهبي الوافد على المحافظة عبر ابنائها الذين يتوالى سقوطهم الى جحيم مشاريع المركز "المدنس " ...
نشدد دائما على تذكير من يهمهم أمر تعز وفي مقدمتهم شوقي هائل بخطر ترك تعز وشأنها في لحظة يدفع بها الى معارك  تأكل نارها كل تطلع للخلاص من غول الماضي المستفيد من اشتداد اشتعال المحافظة في اتون حرائق لا تنتهي ،والأخطر في الأمر مؤشرات سيئة تشير الى قرب تحول المحافظ  كطرف في معركة خاسرة  يستفيدون من يدفعون به كواجهة لهم في معارك عبثية تستفيد منها مخالب الماضي المحيطين بالمحافظ من كل اتجاه ،وكلنا يعرف بأنهم منظومة بربرية زرعها رأس الحكم السابق لتدمير تعز ومشروعها المدني عبر أداة محلية فاعلة في تنفيذ احقاده بحق تعز وأهلها ..
بعيدا عن كل ذلك ،كان حريا بالمحافظ استيعاب استمرار وتفاقم السخط الشعبي  المتفاقم نتيجة بقاء كثير من المفسدين والقتلة في مناصبهم ،واعتقد لو اسعفته خبرته في تفهم سخط الناس لما تأخر يوما واحد عن التنسيق مع الرئيس ورئيس الحكومة لإقالة من اينعت رؤوسهم في مؤسسات الدولة ،حينها فقط ،بمقدوره تدشين مرحلة العمل لإنجاز الأولويات الامنية والتنموية والتعليمة والصحية وغيرها  بدلاً من البحث عن اعداء وشماعات لتبرير نصف عام من الفشل ..
اقول ذلك واشعر بخيبة امل كبيرة  من دوران عجلة الايام على تعز بهذا الإنحدار بقيادة شوقي هائل ،ومع مرور الوقت سيدرك المحافظ وشرفاء المحافظة وطأة ترديد وعود بعيدة عن واقع رث ،سيفشل المحافظ من انجازها،،نظراً لاعتماده على ادارة فاسدة ،معظمهم متورطين بقضايا فساد واستغلال وظائفهم منذ سنوات ،وحديث المحافظ عن معايير لنيل الوظيفة في ظل بقاء هذا اللوبي مجرد استخفاف بعقول الناس ..
ابقاء تعز  تحت قبضة سياط و شفرات الماضي مغامرة فادحة يتحمل مسؤولياتها المحافظ الجديد،وبالمناسبة ،نصف عام من  تهويش شوقي هائل على هموم تعز ومشاكلها ،يزيد من خيبة ظن  مؤيدي شوقي قبل خصومه قدرته على طمأنة الناس  بإمكانية خروج  المحافظة من رحم  الفوضى والتردي  في عهد شوقي بفترة قياسية على جهل تام من قبل المتوهمين لخوارق الرجل ..
ليست مُشكك  بقدرات محافظ  صاعد من ادارة التخطيط في محلي تعز  _ ومنحدر من عائلة تجارية عريقة وتمتلك رصيد مشرف في العمل الوطني _  ، لكن مؤشرات نصف عام مخيبة لأي اعتقاد بإمكانية تحقيقه للحد الأدنى من وعوده _ وبعيدا عن  معاييرنا كصحفيين في الحكم على نجاح او فشل المحافظ _ ،فحالة الانفلات الأمني في المحافظة  _رغم تعيين مدير جديد للأمن _ ،ومؤشرات تردي الخدمات الطبية والتعليمية _ رغم تمسك المحافظ بهم  _ ،تأكيد على بدايات فشل ذريع للمحافظ _ ولو كنت شخصيا _ لا اتمنى له فشله ،رغم اطلاعي على سيطرة الحرس القديم سيكون سبب فشله الذريع  .. !!
المؤلم لأي انسان حريص على منازلة تعقيدات واقعنا الملوث لأي بادرة لإنقاذ المحافظة بجهود ابنائها ومحافظها ( المُكتف بمخاوفه) ،يواصل وباء حمى الضنك في حصد ارواح سكان مدينة تعز ومديريات الريف وليس آخرها وفاة والدة زميلنا العزيز فيصل الذبحاني متأثرة بحمى الضنك ومن قبلها عمار الكناني وأشرف السروري وغيرهم عشرات من سكان مدينتا _ يرحمهم الله _ ، يغادرون المستشفيات الى مثواهم الأخير دون معرفة وسائل الإعلام عن اسباب وفاته شيئا ..  ألا تستحق  المأساة  اقالة مدير مكتب الصحة والسكان عبدالناصر الكباب ؟

 الجانب اللافت  خلال نصف عام على تولي شوقي هائل منصب المحافظ ،قدرته وطاقته على جذب الانظار فقط  من خلال ابتكار فرقعات اعلامية آنية تحتال على الوعي العام ولا تحدث اثر على الأرض  _وللأسف _ تذكرنا فرقعات شوقي هائل بفرقعات وألاعيب سابقيه من المحافظين ،فكيف يستعيد الناس ثقتهم بمحافظ شوقي يعتمد على  ادارة فاسدة وغير مرغوب بقائها تستحق الرحيل في ادارة محافظة لن يقوم لها قائمة  بوجودهم معه في المرحلة الانتقالية ..
مهما كانت نوايا المحافظ في اخراج تعز من واقعها المخيف عليه الاقتناع بأنه ما  تحسن خدمي و تقدم تنموي او تحسن خدمي او استقرار امني سيأتي في بقيت زمام الفعل الإداري تحت سيطرة المفسدين واللصوص،،باعتبار مأساة المحافظة منذ عقود مرتبطة  بدرجة رئيسة بمنظومة ادارة فاسدة وإجرامية  واجتماعية مسيطرة على مؤسسات ومكاتب الدولة حد اليوم ،لهذا وغيره ،لن يجدي مع هولاء سوى الإقالة .. فهل يستطيع شوقي هائل فعل ذلك ؟؟
اعتقد بأن المحافظ المُكتف بمخاوفه ،سيظل رهن سيطرة منظومة الفساد والإجرام ،وسينتهي به الأمر الى الفشل ،لذا من الواجب عليه سرعة مدراء مكاتب الصحة العامة السكان والتربية والتعليم ،ومن يرى ضرورة لتغييره ،وعودة الى وقعنا المعاش بالمحافظة بحاجة تعز لمدير امن قوي يستطيع ايقاف حالة الإنفلات الأمني ،ويردع كل متورط او متسبب في الانفلات الأمني ،واعتقد بأن اي توجه من هذا القبيل سيحظى بمساندة وتأييد ابناء المحافظة ،ولن يتجرأ احد على التصدي لأداره الدولة المعبرة عن ارادة  وتطلعات الناس .
نصف عام مر على شوقي هائل بمنصبه ولم يأتي بجديد سوى ملاحقة اصحاب العربيات ،وفوق ذلك حزمة وعود حالمة في نظر من يقرأون واقع تعز كما هو بتعقيداتها المعيقة لأي توجه جاد للمحافظ أن وجد ،و ما من حل لإنقاذ تعز سوى بشجاعة شوقي هائل على قلب الطاولة على المنظومة السرطانية المسيطرة على تعز ،وفي ذات الوقت التفرغ لإعادة الاعتبار لمحافظة مصابة بمنظومة سرطانية محلية _ اسلفنا ذكر مكامنها _  تستدعي  الاستئصال قبل تسرطنه وتحوله الى عاهة   كمن سبقوه عاهات اصيبت بها تعز  من قبله  ..