محمد سعيد الشرعبي :
"في تعز رائحة القتل تطارد
الناس في كل مكان، مسلحون يتجولون ليل ونهار على سيارات حديثة وبعضهم على موتورات،
و الطفارى على أقدامهم" ، هذا ما دونه الشهيد فيصل سعيد
المخلافي في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك) ...
دون تلك الكلمات قبل أيام من اغتياله صباح
امس الأحد بجوار جامع السعيد شمال مدينة
تعز، بهدف تفجير الوضع الأمني في تعز، لهذا تنبهت آسرة الشهيد وأبناء مديرية شرعب
السلام الحذر من خطورة الإنجرار وراء مخطط إغراق المحافظة في مستنقع دم جديد،
واعلنوا مواقف مسؤولة .
بعيدا عن ردود الافعال المتوترة او الانتقامية
التي تضخمها وسائل اعلام بقايا النظام السابق، يفترض بالدولة أن تُبادر للقيام بمسؤوليتها
والقبض على الجناة، وتقديمهم للعدالة، وايضا تقوم بذات الإجراءات لكافة الضحايا
الذين لم يجدوا من ينتصر لهم ممن سفك
دمهم، وتعمل على ايقاف التدهور الامني في محافظة تعز .
أقول ذلك، حرصا على إبعاد مدينتنا من الفوضى
والقتل والثأر رغم قناعي بغياب او تغييب الدولة عن القيام بواجبها في مدينة تعز التي
تحولت الى ساحة آمنة للإجرام، بدليل تصدرها للإحصائيات امنية خلال العام الجاري
والماضي .
بصراحة من يعرف الشهيد فيصل، سيدرك حجم الخسارة
التي تكبدتها البلاد بفعل إغتيال أنضج شبابها، وابرز من يعملون من اجل استعادة تعز
ريادتها الثقافية والعلمية، ولطالما ناقشته عن السبل الكفيلة لإخراج البلد إبتداءً
من تعز من حالة التردي العلمي والثقافي
الذي تعاني منه مدينتنا منذ سنوات.
لقد كان الشهيد أكاديميا مستوعب تعقيدات الواقع، ويتميز بقربه من هموم الناس بقدر ابتعاده عن الاضواء، ولم يكن يوما على عداوة مع احد، وبصدق المثقف ،كان يرفض استخدام أي وسيلة لحمايته، معتقدا بأن تعز التي يحبها حد الثمالة لن تظلمه يوما، ولن تجبره على أن يعيش فيها خائفا في ارجائها .
كان بعض الناس يضع الشهيد في إطار شقيقه حمود سعيد المخلافي، ويحاكموه بتلك الصلة، ومع ذلك كان يسخر من قصور وعيهم، ويبتسم، مؤمنا بأن كل اناس مستقل بذاته وقراراته وتوجهاته، بدليل أنه من اكثر من انتقدوا ما يحدث في تعز، واكثر حديثه عن مدينته الحالمة التي لم يستوعب أن تعيش تحت وطأة الموت .
يعمل الشهيد فيصل رئيسا لقسم العلوم الادارية في
جامعة السعيد ، ونائبا لرئيس جامعة 11 فبراير للعلوم السياسية _ تحت التأسيس _،
وله اسهامات ورؤى جديرة بالإحترام، حيث كان _ رحمه الله _ يعمل على المشاركة في
بناء وطنه بدون ضجيج، وينتقل في الشوارع وحيدا بدون مرافقين كأي إنسان بلا مرافقين
ولم تستغل قرابته من الشيخ حمود المخلافي من أجل تعيينه بمنصب .
أتذكر إيمانه العميق بضرورة ترسيخ مفاهيم الدولة المدنية من خلال المنظومة التعليمية ، بإعتبار
صناعة الوعي عملية اساسية لإحداث التغيير
المنشود في أي مجتمع، وكان ممن يعولوا على المجتمع المدني في انضاج
طرق التغيير، لهذا كانت رسالته للدكتورة حول " المجتمع المدني والتحول
الديمقراطي في الجمهورية اليمنية " ، ونال شهادة الدكتور بتقدير "
ممتاز" عام 2010 من جامعة القاهرة
وداعاً دكتور فيصل ... وداعاً صاحب القلب الأبيض

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق