السبت، 4 فبراير 2012

ثورة مضادة لإبقاء الصنم !!


محمد سعيد الشرعبي
الى الشاعر والاديب اليساري فتحي ابو النصر الذي اشاطره وجع الحرف ونتفق بحتمية نجاة البلد وسقوط الصنم من وعي الشعب ،بعد ايام من الآن ....
------------------
في تصعيد جديد ،عاود بقايا صالح ومخلفاته البلطجية ثورتهم المضادة  لثورة المؤسسات بدءً من المؤسسات الإعلامية التي تشهد تحرر متسارع لسياستها الاعلامية النمطية التي ظلت لأكثر من ثلاثة عقود تقدم خدماتها الاعلامية الذي يخدم العائلة الحاكمة ويمجد شخص المخلوع صالح وحزبه الحاكم الذي اعتمد عليهما "حزب المؤتمر ،الأعلام الرسمي "  الى جانب القوة "الجيش، الأمن" في حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود ،لم تشهد تقدماً يذكر على اية صعيد ،بإستثناء نجاح صالح في ضرب رقماً قياسيا في الحروب الأهلية والجريمة السياسية المنظمة والتصفيات للخصوم ،وتسجيل نظامه اعلى معدل انتهاكات ضد الحقوق والحريات، وبالذات بما يتعلق بالحريات الصحفية والاعلامية ،التي يختمها بإغتصاب المؤسسات الاعلامية بجنوده وبلاطجته دون اكتراث بإلتزاماته التي نصت عليها مبادرة الخليج   ..
بحسب ما نقلته صحيفة البيان الإمارتية الصادرة قبل امس الاحد ،عن مصدر يمني حضر اجتماع اللجنة المعنية بتفسير الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي يرأسها عبدربه هادي، تقديم رئيس اللجنة والمرشح التوافقي للرئاسة عبدربه هادي  "صورة مأساوية للوضع في البلاد"، منها تأكيده على عدم تقديم ممثلي حزب المؤتمر لأي تبريرا لما تشهده البلاد من تصعيداً عسكريا من قبل ابناء صالح ..
كما شكا هادي من وصول الأمر بصالح وبقايا نظامه العائلي المتحلل ،بطلب انصار التوريث داخل حزب المؤتمر طرح مقترح على  هادي بنزع صلاحيات رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة إلى لجنة من شخصين أحدهما من المؤتمر والآخر من اللقاء المشترك لمناقشة واقتراح القرارات قبل إصدارها, كما اقترحوا «نزع صلاحيات وزير الإعلام إلى لجنة مشتركة تضم الائتلاف الحاكم لإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة»، وهذا ما يكشف عن مخطط التصعيد لبقايا صالح في المؤسسات الاعلامية الرسمية في الايام الأخيرة ...
ليلة الجمعة الفائتة نجاحهم في فرض سيطرتهم البلطجية على يومية الثورة بصنعاء ،واصدار "الثورة" بذات الذات النمط الهزيل الذي تتصدر صفحتها الاولى اضاءة المخلوع صالح ،وكأنه قدراً محتوما عليا أن نقاطعه_ اي يومية  الثورة _  حتى تحريرها ،واظن موعد ميلادها الطبيعي كصحيفة ومؤسسة رسمية تقدم خدمة للشعب في اطار المسؤولية الوطنية و الإجتماعية المناطة بها دون تجميد او تصنيم للحاكم ،وهذا ما اغاط بقايا النظام ودفعهم لإغتصاب الصحيفة بعد يومين من اسقاط محرريها لصالح واضاءته من صفحتها الأولى ....
لم يكتفي بقايا النظام بمصادرة الثورة واصدارها على هذا النحو المثير للشفقة والتقزز من حال صالح ونظامه العائلي الساقط ،بل اغراهم هذا الانتصار الآني ،لتكرار فعلتهم البلطجية بمحاصرة مؤسسة الجمهورية في تعز ،وتعريض حياة محرريها للخطر ،مهددين بتفجير مطبعة المؤسسة ،في ردة فعل نتيجة  مبادرة محرريها  لإسقاط  صالح واقواله مطلع العام الجاري ،واستبداله بعداد زمني يومي للأيام المتبقية عن موعد الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير الجاري ،في حين اقتحمت مجاميع بلطجية تابعة لعلي صالح وأبنائه مقر فرع صحيفة الجمهورية السبت الفائت بصنعاء ..
وبعد يومين من التوقف نتيجة حصارها من قبل جنود بلباس مدني بقيادة مراد العوبلي ومسلحون تابعون لمحافظ تعز ونافذين محليين آخرين ،صدرت يومية الجمهورية صباح الأحد ،بإضاءة لعلي صالح ،نصها " سأعود الى صنعاء لتنصيب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً للدولة بعد 21 فبراير في دار الرئاسة " في ذات المكان الذي كانت ادارة تحرير الصحيفة قد اسقطته منه واستبدلته بعداد زمني تنازلى ينتهي في 21 فبراير الجاري ،موعد انتخاب هادي رئيسا توافقيا للبلاد خلفا لصالح ...
وخلافا لصحيفتي "الثورة ،الجمهورية" ،اتجهت ثالثة يومية رسمية يمنية "14 أكتوبر" الصادرة من مدينة عدن ،بعيداً عن شقيقاتها ثورة صنعاء وجمهورية تعز ،وبدأت في تغيير خطابها المكرور بخطاب مذكي للنزعات التشطيرية والانفصالية تنفيذا  لتوجيهات عليا من بقايا نظام صالح في صنعاء ،بهدف تهويل مخاطر انفصال الجنوب عن الشمال في نظر الداخل والخارج ،في تأكيداً يأس لما يزعمون فيه من ضرورة بقائهم بأي شك ،بإعتبارهم "صمام امان البلاد والوحدة الوطنية" ،وهذا ما يقابل  بسخرية الجميع ،ويزيد من قناعة شعب اليمن وقواه السياسية واولها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي سيفك ارتباط عن صالح قريبا، كبداية لعودته كحزب سياسي الى الواقع السياسي اليمني ...
في سياق متصل بالثورة المضادة لبقايا نظام صالح في محاولة وقف التغيرات المتسارعة التي تشهدها المطبوعات الورقية الرسمية، وبعد وصول ثورة المؤسسات تصل الى قناة اليمن ،الذي شهد خطابها لإعلامي تحسناً ملحوظا في الايام الأخيرة تماشيا مع توجهات حكومة باسندوه ، وهذا ما دفع بعصابة صالح وفريقها الأمني المكلف بإدارة وتحرير " الاعلام العائلي" بإفتعال المشكلات بهدف احداث صراع مسيطر عليه من قبل يزيد من قبضته الحديدة للإعلام المرئي حتى آخر لحظة ،يقابلها سيطرة  شبه تامة على قنوات الإعلام الإذاعي التي يخطط ابناء صالح لإحداث فوضوى غير مسبوقة ،وهذا ما قد يبدوا للمتابع بالحوادث العرضية ،لكنها غير ذلك ،فهي فوضوى عميقة ومدبرة لها من قبل  ابناء صالح والمنتفعين من نظامه ...
مطلع الاسبوع الجاري فشل مخطط مؤتمري عبر مجموعة من الموظفين المنتمين للمؤتمر في قطاع التلفزيون بصنعاء في استعادة (الفضائية الأولى) ،والذين طالبوا في احتجاجهم بإقالة رئيس القناة حسن باسليم _ الذي اعيد الى رئاسة القطاع بقرار من وزير الاعلام  بعد استقالته وعلان تأييده للثورة عقب مجزرة جمعة الكرامة _ ، كما طالبوا بعودة السياسة التحريرية السابقة للقناة التي تخدم اجندة صالح ونظامه العائلي بعد اسابيع من  انتهاج سياسة تحريرية مغايرة تعبر عن توجه حكومة الوفاق الوطني ...
في الوقت ذاته اتفق موظفي القناة  الأولى  بحضور قائد اللواء الرابع محمد علي خليل، على اعادة الشعار القديم للقناة  في مخالفة للقانون الخاص بذلك ، شريطة عدم التجمهر والتظاهر داخل التلفزيون، وتأجيل اي مطالب  اخرى الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير ،من جانبه قائد اللواء الرابع المكلف بحماية القناة  بحماية رئيس القطاع  حسين باسليم من اي اعتداء بعد منعه من دخوله الى مقر عمله داخل  القناة..
كل هذا وغيره من تبعات  احد مظاهر الثورة المضادة على الصعيد الإعلامي التي قد تنتهي ببركة دماء ،كما خطط لها في دار الرئاسة بصنعاء، بدأت من محاولة اغتيال فشلة تعرض لها وزير الإعلام في حكومة الوفاق علي العمراني على بعد امتار من مقر مجلس الوزراء بقلب العاصمة صنعاء ،والتي تشير معلومات اوليه بأن لأبناء علي صالح وسلطان البركاني يدٌ فيها، وبعدها المؤتمر الصحفي لنائب وزير الإعلام المسخ عبده الجندي الذي عبر فيه بصراحة عن توجهات ابناء صالح في ما تبقى لهم من وقت ، و بلهجة تصعيدية تنذر بمزيداً من حماقات صبيان القصر الذي عبروا عنها بلسان جندي صفيق ،اعتبر فيها اسقاط صورة صالح واضاءته في الثورة وقبلها الجمهورية كحدث طبيعي تميلة ظروف المرحلة الإنتقالية ،مبرراً لإغتصاب وسائل اعلام الدولة التي ينفق عليها من مال الشعب ،وتجييرها لحساب صالح واجندته التدميرية الناقمة من الشعب وكل جميل في هذه الوطن ...
ومادامت الوضع الاعلامي المتصل بشكل رئيس بالواقع السياسي الذي خرج من مرحلة الإضطراب بفعل الثورة السلمية ودخل الى مرحلة التوافق وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ،فأن صياغة مستقبل الاعلام اليمني يبدأ من الآن وصاعداً، فالإعلام "الرسمي، الحزبي"  مرتبط بمدى نجاح او فشل الوضع السياسي الانتقالي الذي ستمر به البلاد لأكثر من سنتين ،ومدى التوافق والانسجام  في هذه المرحلة ستنعكس ايجابا على الخدمة الإعلامية  في حال توافرت نوايا جادة من قبل اطراف التوافق لوضع حداً لهذه القضية المؤرقة للجميع وفي مقدمتهم القوى السياسية التي تؤثر وتتأثر بإستمرار وتذاكي حالة الخطاب الاعلامي الشمولي الذي يتغدى من الصراع ويصيب بويلاته المجتمع دون استثناء ...
وبين هذا وذاك ، يظل الاعلام الأهلي "المستقل" على محدوديته حالة وسط  بتخففه في اكثر من منعطف من التأثير المباشر لأي صراع او اختلال سياسي كما كان في عهد المخلوع علي صالح ،وان كان لبعض من وسائل الاعلام المستقل صلة مباشرة او غير مباشر بطرف او بغيره من ادوات الصراع ،وهذا ما اثبته عام واكثر من امتحان الثورة السلمية الذي وضعت احداثها استقلالية الإعلام الأهلي المموج على المحك ،وفرزت حالة الادعاء والتدليس التي تتستر خلفها بعض وسائل الاعلام، ومع هذا لازال اكثره _الاعلام المستقل المهني_  تجرية رائدة في خطاب مغاير للإعلام الشمولي كما ان وضعها المهني افضل حالا بكثير قياسا  بالإعلام الموجه "الرسمي، الحزبي" ،الذي سيتغير بفعل تغيرات سيشهدها الاعلام بكل توجهاته ،كما يتوقع كثيرون من زملاء المهنة ..
وعلى ضوء تداعيات  الثورة المضادة التي يقودها بقايا نظام صالح العائلي في المؤسسات الإعلامية الرسمية التي تحرر تباعا من قبضة العائلة وخطابها الإعلامي السخيف ،الذي لا تربطه صلة بالإعلام الوطني او المهني ،يبدو أن مرحلة جديدة من الاعلام الوطني تولد وولادته مرتبط بنجاح الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير الجاري ،التي سيدفن على اثرها الخطاب الاستبدادي الفردي والى الأبد ،وكلِ امل في تغير الخطاب الإعلامي بشكل جدري ،ومن مصلحة اليمن وقواه الفاعلة اطلاق العنان لوسائل الإعلام أن تؤدي مهمتها الإعلامية دون  تدخل او تجيير او تجييش في اي صراعات عدمية تسخر فيه الامكانيات والوسائل للمناكفات الاعلامية   العابثة كما كان يحدث في عهد السفاح المخلوع علي صالح ...
وفي الأول والآخر ،اجزم بأن ما من مخرج لنا من هذا الوضع الإعلامي المزري والرتيب، سوى بإرادتنا وخوضنا لهذا التحدي التأريخي الهادف الى تأسيس واقع اعلامي معاصر ومتطلع ، وبنا وحدنا وبتوجه القوى الوطنية ،سنتجاوز ماضي تزيف الحقائق وقصف الوعي العام  بـ"التضليل، المناكفات "  الذي رسخه النظام البائد وسيرحل بتنصيب الرئيس التوافقي، كما تقول معطيات المرحلة ،بعدها اثق بقدرة الصحفيين والاعلاميين اليمنيين بالخروج الى المستقبل بخطاب اعلامي تنويري مهني مغاير مواكب للمتغيرات السياسية والتقنية بما يخدم المهنة ويحسن من رسالتها النبيلة "شكلاً ،مضموناً " ...
وكون مرور البلد بمرحلة انتقالية غير مسبوقة "مرحلة توازن سياسي " ، يجب على كافة العاملين بحقل الصحافة والاعلام في البلاد  _ومن الآن_  الاستعداد لمواكبة  المرحلة المواتية لصناعة غدٍ اعلامي وصحفي مشرق بالحرية وانتاج خطاب اعلامي حصيف ينهض بوعي الناس ويعزز من رغبتهم في النهوض والخروج من ماض مؤلم عشناه تحت طائلة حاكم ديكتاتوري عفر الحقيقة بالزيف وسقط بالإعلام الى مستنقعٍ مقرفاً وماحقاً بالموضوعية وقداسة المهنة .......

ليست هناك تعليقات: