الجمعة، 10 فبراير 2012

في ذكرى 11 فبراير

في ذكرى 11 فبراير

محمد سعيد الشرعبي

 
عندما نتحدث عيد ميلاد ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية المستمرة  ضد نظام السفاح صالح والتي تشهدها مختلف محافظات الجمهورية  طيلة عاما وازيد ،لا يستطيع احداً منا القفز على محطات تأريخيه مهمة دون فيها شعب اليمن( افراد، جماعات ،احزاب ) بدايات ثورة ضد صالح  كانقلابات عسكرية  فشلت من ازاحة صالح من كرسي السلطة في شمال الوطن في مرحلة ما قبل اعادة توحيد شطري الوطن في تسعينيات القرن المنصرم ،والتي قتلها _اي الوحدة_ بحربه على الجنوب في  صيف 1994م ،ليتوج نفسه حاكما مغتصبا للسلطة في البلد وقاتلا للوحدة وناهبا للثروة الشعب ..
ومن يومها وامتداد لروح الثورة التي كانت تشرق وتغيب هنا او هناك والشعب اليمني  جنوباً وشمالاً ،اعلن الشعب رفضه صالح ونظامه الإستبدادي الذي هيأت ممارساته وسياسته البغيضة موعداً للانفجار الشعبي ،فكانت الانتخابات الرئاسية في 2006 م لحظة فارقة لليمنيين جعلهم امام خيارين لا ثالث لهما وهما  الصمت على الظلم بتأييد وانتخاب صالح او رفض الظلم بشكل صريح وانتخاب مرشح المعارضة المهندس فيصل بن شملان ،كثير من اليمنيين رفضوا صالح وانتخبوا بين شملان، لكن  رفض نتائج الانتخابات واغتصب السلطة بالقوة وهدد كبار معارضيه افراد واحزاب  بالقتل والتصفية ...
بعدها خرج ابناء الجنوب في حراك سلمي مطلبي قوبل بالقمع والقتل والنكران من قبل صالح واجهزته الأمنية وقواته العسكرية ،ما دفع بفصائل وتيارات في الحراك على ،لتأتي الثورة السلمية بعد عقد ونصف من انفراد صالح بالسلطة، لتصحيح هذا الاعتقاد لدى لأبناء الجنوب الذي تحولت اعتقادهم الناقم من صالح  الى لعنة على الشمال وابنائه الذي طالهم ما طال الجنوبيين من قمع وتنكيل على يد صالح _كسفاح مُعمم_ وربما اعظم مما تعرض له ابناء الجنوب _ومن باب التذكير فقط _ و ما تعرضت ساحات الثورة والمسيرات  السلمية لشباب الثورة  في الشمال من مجازر وحروب خير برهان على جرائم وحروب صالح ضد اليمنيين دون استثناء من اي نوع ...
وعلى الرغم من مصادرة صالح للسلطة ،واستعداداته لتوريثها لنجله الاكبر احمد ، حلت  روح محمد البوعزيزي بلحظة الخلاص للشعوب العربية ومنها اليمن التي اندلعت الشرارت الاولى لثورتنا  صباح الـ 15 يناير 2011 في مسيرات طلابية  من جامعة صنعاء ،غداة فرار دكتاتور تونس بن علي  وبعد شهر واكثر من المسيرات الطلابية التي  جابت شوارع صنعاء كنار في هشيم  صالح ، وبعد لحظات من اعلان المصري حسني مبارك ليلة الـ 11 فبراير2011م  كسر الشعب حاجز الخوف بشكل كلي بمسيرات في تعز وصنعاء، وفي مدينة تعز وعمدَ شباب الثورة  ليلتهم  المشهود في ذاكرة التأريخ بتأسيس اول ساحة حرية للثورة في الجمهورية ...
وبين 15 يناير و11فبراير ازيد من شهر من الحراك الثوري السلمي من قبل شباب الثورة الذين وضعوا كل القوى السياسية امام واقع ثوري جديد، دفعهم لإعادة النظر في الوياتهم وبالذات تكتل اللقاء المشترك الذي اعاد ترتيب اولوياته ،ووفاء بهبته الشعبية الجماهيرية التي هدد بها صالح ،لكن صمود الشباب في تعز 11 فبراير وفي صنعاء 15 يناير فرضتنا على جميع القوى اتجاه اجباري نحو الثورة دون العودة الى واقع ما قبل فضيحة قلع عداد الحكم ..
وبعيداً عن اي هوى او حسابات مناطقية ،كانت تعز مدينة الثورة وقلبها المتدفق بفكر الثورة ،ليس فقط بحراكها السلمي النوعي ،فلقد عزفت تعز لحن منفرد في حلم الثورة بكل جديد من تدشين اول ساحة حرية الى خروج خيرة شبابها بمسيرة الحياة الراجلة ،كما ان لصمود اهلها في وجه  آلة الحرب والتدمير درسا لن ينسى في ذاكرة القتلة ،ومهندسي ومنفذي محرقة الهولوكست في ساحة الحرية وبقية المجازر منها مجزرة جمعةٍ "لا حصانة للقتلة" ...
من لحظتها الأولى ،وتجسيداً لإرادة شباب تعز وخياراتهم بالخلاص من نظام صالح ،شكلت مسيرات تعز وفعاليات الحرية  -حينها_  الضربة  القوية التي هزت صالح واحدثت تصدعات في بنية نظامه الشللي والاجرامي ،لذا خص تعز بنار الحرب ووبيل التدمير وانتهى المعركة بهزيمته ،وانتصرت الثورة وارداتها الشعب السلمية ،ويواصل ابناء اليمن تصعيدهم السلمي حتى تحقيق بقية اهدافها  الثورة ،و وستستمر  الثورة كفعل مستمر ،ومن يعتقد غير ذلك ،نرد عليه بمقولة خالدة للثوري الأرجنتيني تشي جيفارا رضى الله عنه " من يعتقد أن نجم الثورة قد أفل فإما أن يكون خائنا أو متساقطا أو جبانا, فالثورة قوية كالفولاذ, حمراء كالجمر, باقية كالسنديان عميقة كحبنا الوحشي للوطن "  ... دمتم ودامت تعز قلبا للثورة وساحتها قبلة للحرية ...

السبت، 4 فبراير 2012

ثورة مضادة لإبقاء الصنم !!


محمد سعيد الشرعبي
الى الشاعر والاديب اليساري فتحي ابو النصر الذي اشاطره وجع الحرف ونتفق بحتمية نجاة البلد وسقوط الصنم من وعي الشعب ،بعد ايام من الآن ....
------------------
في تصعيد جديد ،عاود بقايا صالح ومخلفاته البلطجية ثورتهم المضادة  لثورة المؤسسات بدءً من المؤسسات الإعلامية التي تشهد تحرر متسارع لسياستها الاعلامية النمطية التي ظلت لأكثر من ثلاثة عقود تقدم خدماتها الاعلامية الذي يخدم العائلة الحاكمة ويمجد شخص المخلوع صالح وحزبه الحاكم الذي اعتمد عليهما "حزب المؤتمر ،الأعلام الرسمي "  الى جانب القوة "الجيش، الأمن" في حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود ،لم تشهد تقدماً يذكر على اية صعيد ،بإستثناء نجاح صالح في ضرب رقماً قياسيا في الحروب الأهلية والجريمة السياسية المنظمة والتصفيات للخصوم ،وتسجيل نظامه اعلى معدل انتهاكات ضد الحقوق والحريات، وبالذات بما يتعلق بالحريات الصحفية والاعلامية ،التي يختمها بإغتصاب المؤسسات الاعلامية بجنوده وبلاطجته دون اكتراث بإلتزاماته التي نصت عليها مبادرة الخليج   ..
بحسب ما نقلته صحيفة البيان الإمارتية الصادرة قبل امس الاحد ،عن مصدر يمني حضر اجتماع اللجنة المعنية بتفسير الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي يرأسها عبدربه هادي، تقديم رئيس اللجنة والمرشح التوافقي للرئاسة عبدربه هادي  "صورة مأساوية للوضع في البلاد"، منها تأكيده على عدم تقديم ممثلي حزب المؤتمر لأي تبريرا لما تشهده البلاد من تصعيداً عسكريا من قبل ابناء صالح ..
كما شكا هادي من وصول الأمر بصالح وبقايا نظامه العائلي المتحلل ،بطلب انصار التوريث داخل حزب المؤتمر طرح مقترح على  هادي بنزع صلاحيات رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة إلى لجنة من شخصين أحدهما من المؤتمر والآخر من اللقاء المشترك لمناقشة واقتراح القرارات قبل إصدارها, كما اقترحوا «نزع صلاحيات وزير الإعلام إلى لجنة مشتركة تضم الائتلاف الحاكم لإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة»، وهذا ما يكشف عن مخطط التصعيد لبقايا صالح في المؤسسات الاعلامية الرسمية في الايام الأخيرة ...
ليلة الجمعة الفائتة نجاحهم في فرض سيطرتهم البلطجية على يومية الثورة بصنعاء ،واصدار "الثورة" بذات الذات النمط الهزيل الذي تتصدر صفحتها الاولى اضاءة المخلوع صالح ،وكأنه قدراً محتوما عليا أن نقاطعه_ اي يومية  الثورة _  حتى تحريرها ،واظن موعد ميلادها الطبيعي كصحيفة ومؤسسة رسمية تقدم خدمة للشعب في اطار المسؤولية الوطنية و الإجتماعية المناطة بها دون تجميد او تصنيم للحاكم ،وهذا ما اغاط بقايا النظام ودفعهم لإغتصاب الصحيفة بعد يومين من اسقاط محرريها لصالح واضاءته من صفحتها الأولى ....
لم يكتفي بقايا النظام بمصادرة الثورة واصدارها على هذا النحو المثير للشفقة والتقزز من حال صالح ونظامه العائلي الساقط ،بل اغراهم هذا الانتصار الآني ،لتكرار فعلتهم البلطجية بمحاصرة مؤسسة الجمهورية في تعز ،وتعريض حياة محرريها للخطر ،مهددين بتفجير مطبعة المؤسسة ،في ردة فعل نتيجة  مبادرة محرريها  لإسقاط  صالح واقواله مطلع العام الجاري ،واستبداله بعداد زمني يومي للأيام المتبقية عن موعد الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير الجاري ،في حين اقتحمت مجاميع بلطجية تابعة لعلي صالح وأبنائه مقر فرع صحيفة الجمهورية السبت الفائت بصنعاء ..
وبعد يومين من التوقف نتيجة حصارها من قبل جنود بلباس مدني بقيادة مراد العوبلي ومسلحون تابعون لمحافظ تعز ونافذين محليين آخرين ،صدرت يومية الجمهورية صباح الأحد ،بإضاءة لعلي صالح ،نصها " سأعود الى صنعاء لتنصيب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً للدولة بعد 21 فبراير في دار الرئاسة " في ذات المكان الذي كانت ادارة تحرير الصحيفة قد اسقطته منه واستبدلته بعداد زمني تنازلى ينتهي في 21 فبراير الجاري ،موعد انتخاب هادي رئيسا توافقيا للبلاد خلفا لصالح ...
وخلافا لصحيفتي "الثورة ،الجمهورية" ،اتجهت ثالثة يومية رسمية يمنية "14 أكتوبر" الصادرة من مدينة عدن ،بعيداً عن شقيقاتها ثورة صنعاء وجمهورية تعز ،وبدأت في تغيير خطابها المكرور بخطاب مذكي للنزعات التشطيرية والانفصالية تنفيذا  لتوجيهات عليا من بقايا نظام صالح في صنعاء ،بهدف تهويل مخاطر انفصال الجنوب عن الشمال في نظر الداخل والخارج ،في تأكيداً يأس لما يزعمون فيه من ضرورة بقائهم بأي شك ،بإعتبارهم "صمام امان البلاد والوحدة الوطنية" ،وهذا ما يقابل  بسخرية الجميع ،ويزيد من قناعة شعب اليمن وقواه السياسية واولها حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي سيفك ارتباط عن صالح قريبا، كبداية لعودته كحزب سياسي الى الواقع السياسي اليمني ...
في سياق متصل بالثورة المضادة لبقايا نظام صالح في محاولة وقف التغيرات المتسارعة التي تشهدها المطبوعات الورقية الرسمية، وبعد وصول ثورة المؤسسات تصل الى قناة اليمن ،الذي شهد خطابها لإعلامي تحسناً ملحوظا في الايام الأخيرة تماشيا مع توجهات حكومة باسندوه ، وهذا ما دفع بعصابة صالح وفريقها الأمني المكلف بإدارة وتحرير " الاعلام العائلي" بإفتعال المشكلات بهدف احداث صراع مسيطر عليه من قبل يزيد من قبضته الحديدة للإعلام المرئي حتى آخر لحظة ،يقابلها سيطرة  شبه تامة على قنوات الإعلام الإذاعي التي يخطط ابناء صالح لإحداث فوضوى غير مسبوقة ،وهذا ما قد يبدوا للمتابع بالحوادث العرضية ،لكنها غير ذلك ،فهي فوضوى عميقة ومدبرة لها من قبل  ابناء صالح والمنتفعين من نظامه ...
مطلع الاسبوع الجاري فشل مخطط مؤتمري عبر مجموعة من الموظفين المنتمين للمؤتمر في قطاع التلفزيون بصنعاء في استعادة (الفضائية الأولى) ،والذين طالبوا في احتجاجهم بإقالة رئيس القناة حسن باسليم _ الذي اعيد الى رئاسة القطاع بقرار من وزير الاعلام  بعد استقالته وعلان تأييده للثورة عقب مجزرة جمعة الكرامة _ ، كما طالبوا بعودة السياسة التحريرية السابقة للقناة التي تخدم اجندة صالح ونظامه العائلي بعد اسابيع من  انتهاج سياسة تحريرية مغايرة تعبر عن توجه حكومة الوفاق الوطني ...
في الوقت ذاته اتفق موظفي القناة  الأولى  بحضور قائد اللواء الرابع محمد علي خليل، على اعادة الشعار القديم للقناة  في مخالفة للقانون الخاص بذلك ، شريطة عدم التجمهر والتظاهر داخل التلفزيون، وتأجيل اي مطالب  اخرى الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير ،من جانبه قائد اللواء الرابع المكلف بحماية القناة  بحماية رئيس القطاع  حسين باسليم من اي اعتداء بعد منعه من دخوله الى مقر عمله داخل  القناة..
كل هذا وغيره من تبعات  احد مظاهر الثورة المضادة على الصعيد الإعلامي التي قد تنتهي ببركة دماء ،كما خطط لها في دار الرئاسة بصنعاء، بدأت من محاولة اغتيال فشلة تعرض لها وزير الإعلام في حكومة الوفاق علي العمراني على بعد امتار من مقر مجلس الوزراء بقلب العاصمة صنعاء ،والتي تشير معلومات اوليه بأن لأبناء علي صالح وسلطان البركاني يدٌ فيها، وبعدها المؤتمر الصحفي لنائب وزير الإعلام المسخ عبده الجندي الذي عبر فيه بصراحة عن توجهات ابناء صالح في ما تبقى لهم من وقت ، و بلهجة تصعيدية تنذر بمزيداً من حماقات صبيان القصر الذي عبروا عنها بلسان جندي صفيق ،اعتبر فيها اسقاط صورة صالح واضاءته في الثورة وقبلها الجمهورية كحدث طبيعي تميلة ظروف المرحلة الإنتقالية ،مبرراً لإغتصاب وسائل اعلام الدولة التي ينفق عليها من مال الشعب ،وتجييرها لحساب صالح واجندته التدميرية الناقمة من الشعب وكل جميل في هذه الوطن ...
ومادامت الوضع الاعلامي المتصل بشكل رئيس بالواقع السياسي الذي خرج من مرحلة الإضطراب بفعل الثورة السلمية ودخل الى مرحلة التوافق وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ،فأن صياغة مستقبل الاعلام اليمني يبدأ من الآن وصاعداً، فالإعلام "الرسمي، الحزبي"  مرتبط بمدى نجاح او فشل الوضع السياسي الانتقالي الذي ستمر به البلاد لأكثر من سنتين ،ومدى التوافق والانسجام  في هذه المرحلة ستنعكس ايجابا على الخدمة الإعلامية  في حال توافرت نوايا جادة من قبل اطراف التوافق لوضع حداً لهذه القضية المؤرقة للجميع وفي مقدمتهم القوى السياسية التي تؤثر وتتأثر بإستمرار وتذاكي حالة الخطاب الاعلامي الشمولي الذي يتغدى من الصراع ويصيب بويلاته المجتمع دون استثناء ...
وبين هذا وذاك ، يظل الاعلام الأهلي "المستقل" على محدوديته حالة وسط  بتخففه في اكثر من منعطف من التأثير المباشر لأي صراع او اختلال سياسي كما كان في عهد المخلوع علي صالح ،وان كان لبعض من وسائل الاعلام المستقل صلة مباشرة او غير مباشر بطرف او بغيره من ادوات الصراع ،وهذا ما اثبته عام واكثر من امتحان الثورة السلمية الذي وضعت احداثها استقلالية الإعلام الأهلي المموج على المحك ،وفرزت حالة الادعاء والتدليس التي تتستر خلفها بعض وسائل الاعلام، ومع هذا لازال اكثره _الاعلام المستقل المهني_  تجرية رائدة في خطاب مغاير للإعلام الشمولي كما ان وضعها المهني افضل حالا بكثير قياسا  بالإعلام الموجه "الرسمي، الحزبي" ،الذي سيتغير بفعل تغيرات سيشهدها الاعلام بكل توجهاته ،كما يتوقع كثيرون من زملاء المهنة ..
وعلى ضوء تداعيات  الثورة المضادة التي يقودها بقايا نظام صالح العائلي في المؤسسات الإعلامية الرسمية التي تحرر تباعا من قبضة العائلة وخطابها الإعلامي السخيف ،الذي لا تربطه صلة بالإعلام الوطني او المهني ،يبدو أن مرحلة جديدة من الاعلام الوطني تولد وولادته مرتبط بنجاح الانتخابات الرئاسية في الـ 21 فبراير الجاري ،التي سيدفن على اثرها الخطاب الاستبدادي الفردي والى الأبد ،وكلِ امل في تغير الخطاب الإعلامي بشكل جدري ،ومن مصلحة اليمن وقواه الفاعلة اطلاق العنان لوسائل الإعلام أن تؤدي مهمتها الإعلامية دون  تدخل او تجيير او تجييش في اي صراعات عدمية تسخر فيه الامكانيات والوسائل للمناكفات الاعلامية   العابثة كما كان يحدث في عهد السفاح المخلوع علي صالح ...
وفي الأول والآخر ،اجزم بأن ما من مخرج لنا من هذا الوضع الإعلامي المزري والرتيب، سوى بإرادتنا وخوضنا لهذا التحدي التأريخي الهادف الى تأسيس واقع اعلامي معاصر ومتطلع ، وبنا وحدنا وبتوجه القوى الوطنية ،سنتجاوز ماضي تزيف الحقائق وقصف الوعي العام  بـ"التضليل، المناكفات "  الذي رسخه النظام البائد وسيرحل بتنصيب الرئيس التوافقي، كما تقول معطيات المرحلة ،بعدها اثق بقدرة الصحفيين والاعلاميين اليمنيين بالخروج الى المستقبل بخطاب اعلامي تنويري مهني مغاير مواكب للمتغيرات السياسية والتقنية بما يخدم المهنة ويحسن من رسالتها النبيلة "شكلاً ،مضموناً " ...
وكون مرور البلد بمرحلة انتقالية غير مسبوقة "مرحلة توازن سياسي " ، يجب على كافة العاملين بحقل الصحافة والاعلام في البلاد  _ومن الآن_  الاستعداد لمواكبة  المرحلة المواتية لصناعة غدٍ اعلامي وصحفي مشرق بالحرية وانتاج خطاب اعلامي حصيف ينهض بوعي الناس ويعزز من رغبتهم في النهوض والخروج من ماض مؤلم عشناه تحت طائلة حاكم ديكتاتوري عفر الحقيقة بالزيف وسقط بالإعلام الى مستنقعٍ مقرفاً وماحقاً بالموضوعية وقداسة المهنة .......

الناخي نبض القضية وعقل الجنوب الحر

محمد سعيد الشرعبي

عبدالله الناخبي مناضل يمني جنوبي معروف بخطاب عقلاني صريح دال على امتلاء ونضوج الرجل من الداخل المعايش للقضية الجنوبية عن قرب ،لذا يُعد من ابرز الوجوه الجنوبية الذين تصدروا مشهد الحراك الجنوبي السلمي منذ انطلاقته في مسيرات شعبية مطالبة برحيل السفاح علي صالح وناهب الثروات والاراضي ومشعل الحروب في الجنوب والشمال ..

كما كان الناخبي ولازال واحداً القيادات الحراكية الذين حافظوا على سلمية الحراك المطلبي في المحافظات الجنوبية الذي يعد بداية منطقية للثورة السلمية ،كما كان اكثرهم احساسا بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه واقلهم حدة من شطحات فك الارتباط التي جلبت على احراك المصائب وافقدته قوة حجته ،والتأييد الشعبي الذي حضى به في ارجاء الوطن كل الوطن ...

وبلاشك يعرف ابناء اليمن بجنوبه وشماله على حد سوء ،ويدرك المهتمين بالشأن اليمني عمق للرؤية الاستراتيجية التي يقدمها الأمين العام للحراك الجنوبي عبدالله الناخبي لقضية الوطن الكبرى " لقضية الجنوبية" من اسبابها وتداعياتها وانتهاءً بمقترحاته لتسويتها تحت سقف الوحدة ،وهذه مواقف تحسب للناخبي وقيادات جنوبية كثيرة ،والتي يؤكدها دوما في تصريحاته وحواراته الصحفية والمتلفزة وليس آخرها حواره مع قناة اليمن الأولى قبل ايام ...

بصراحة ليس غريبا على الناخبي وهو المناضل الوطني اليمني المعروف أن يدهشنا كل يوم بخطاب جديد ومغاير عن القضية الجنوبية ومطالبها وحقوق ابناء المحافظات الجنوبية منذ اندلاع الحراك قبل اربع سنوات ،وبذات الخطاب المتعالي عن سفاسف الامور ونزعات الفرد على حساب نضال تراكمي لشعب وحدوي ،كان الامين الناخبي اقرب القادة من هموم جماهير الحراك ،بقدر بعده عن مشاريع التفتيت والتشطير التي تخدم نظام صالح وكثير من القوى الخارجية التي تعمل من عقود على ضرب اليمن جنوبه بشماله والعكس ،وبعودة واعية لتأريخ الصراع الشطري ،نكتشف بأننا مجرد ضحايا لقوى خفية تذكي هذا الصراع العدمي بين ابناء الوطن ...

كان الناخبي اول قادة الحراك الذين اعلنوا تأييدهم لثورتنا السلمية التي تعم مختلف ارجاء الوطن ،وبفعل متغيرات الثورة الشبابية السلمية وانجازاتها لمطالب المتفق عليها في الجنوب و الشمال من اسقاط صالح ونظامه العائلي ،استمر الناخبي وقادة جنوبيون في مواقفهم المؤيدة والمشاركة بالفعل السلمي لثورة اليمنيين ضد السفاح صالح ،الذي أكد الناخبي في حواره الاخير مع قناة اليمن "نحن أعلنا فك الارتباط عن نظام علي صالح وليس عن الشعب اليمني .."

وباعتبار رحيل صالح من السلطة بداية لتحقيق مطالب اليمنين في ظل دولة جديدة عادلة برئاسة جنوبية خالصة عبدربه هادي للرئاسة الجمهورية ومحمد سالم باسندوه لرئاسة الحكومة ،والذين نراهن عليهم في اخراج اليمن من مستنقع صالح وعصابته الآن تمهيداً لحل القضية الجنوبية التي يعتبرها الناخبي " قضية سياسية بامتياز و قد شملت عدد كبير من شرائح المجتمع الجنوبي" وهذا مع جعلها قضيتنا المركزية ...

نتمنى من بقية قيادات الحراك الجنوبي بالداخل و معارضي الخارج أن يكونوا بحجم اليمن ووحدته كما كانوا بالماضي وألا يكونوا معاولاً للفرقة وادوات للتشطير البغيض في الزمان الغلط ،وليكن المناضل عبدالله الناخبي _المشهود بدوره الخلاق في مجريات الحراك الجنوبي الخالص لوجه الوطن _ قدوتهم ولا عيب في ذلك ،فقط لأنه امتداد للخط الوطني الذي يمثله الرئيس الراحل فيصل بن شملان ،بدلاً من مواصلة اطلاق بعض الجنوبيين دعوات الانفصال وهي دعوات غير المنطقية يطلقها اصحابها دون وعي او شعورا بمسؤولية وطنية فيما يشطحون ،والتي يكثر منها الرئيس علي سالم البيض ..

يؤلمني جداً وانا اسمع واتابع حوارات ومواقف الرئيس البيض الذي يصدر مواقف سياسية تتنافى مع تأريخه النضالي ودوره الأكبر في تحقيق حلم شعب اليمن بإعلان الوحدة الوطنية في الـ 22 مايو 1990م ،كنا نعتقد بأن مغادرة صالح من البلاد ليل 22 يناير ،تمهيدا لرحيله النهائي من السلطة في 21 فبراير ،ستغير من مواقف البيض الذي يفترض به أن يكون هو رجل المرحلة والرئيس المفترض للجمهورية خلقاً لخصمه التأريخي علي صالح ،لكن تشدد في مواقفه اكثر ،وكأنه لا يعي خطورة ما يشطح به الآن ..

هناك قيادات جنوبية تتغير مواقفها تباعا بناء على تتابع الأحداث والتغيرات الطارئة التي تشهدها البلاد طيلة عام من الثورة ،وبعد رحيل صالح عاد اغلبهم الى خطاب العقل والحديث عن القضية بموضوعية كون المرحلة تستدعي مواقف وطنية حازمة من قبل الجميع لإيصال اليمن الى بر الأمان واعادة الإعتبار للوحدة الوطنية ،ونتمنى أن يشارك قادة الجنوب في الداخل والخارج في هذه المفاصلة التاريخية بين صالح وبقايا نظامه وما نفثه من سموم في الوعي الوطني و ارادة الشعب التي دشنها الرئيس المرحوم فيصل بن شملان في 2006 م التي تتبلور الآن الى واقع مختلف ويمن جديد يقود زمامها قيادة جنوبية خالصة ممثلة بالرئيس التوافقي عبدربه هادي ورئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوه ، الذي نعتقد جدارتهما بقيادة قيادة الوطن الى دولة القانون والعدالة والمواطنة المتساوية ،ويفترض بنا " جنوبيين ،شماليين " مساعدتهم للوصول الى مستقبل يجسد حلم الثورة على ارض الواقع ارادة الشعب ..

ألاعيب صبيان القصر !!


محمد سعيد الشرعبي

رحل المخلوع علي صالح وترك عقدته العدوانية في نفوس ابنائه وابناء اخيه الذين يحاولون تفجير الوضع العسكري ويحاولون بشتى الحيل والذرائع اعادة البلاد الى مربع الحرب بهدف افشال انتخابات 21 فبراير من خلال تصعيد عسكري على اكثر من صعيد ،وبالذات بعد فشلهم في تسليم مدينة رداع لجماعة "انصار الشريعة" بقيادة طارق الذهب، وانكشاف نشرهم لقوات من الحرس بلباس مدني في مدينة تعز بأسم "انصار الشريعة " بهدف خلط الاوراق، كشر ابناء صالح انيابهم بعدة خروقات للهدنة التي تمخطت عن توقيعهم على مبادرة الخليج ..

فبالإضافة الى اعادة تمركزهم في مداخل معظم المدن بشكل ملفت بعد شهر من التهدئة الهشة، وقصف مقر الفرقة الألى مدرع بصنعاء بقذائف صاروخية من معسكرات للحرس غرب العاصمة ،عاودت مدافع قوات الحرس امس الأثنين قصفها لقرى بني جرموز شمال صنعاء بعد يوم من زيارة اللجنة العسكرية ،يوازيها اعادة انتشار لقوات الحرس شرق وشمال شرق مدينة تعز في توجه واضح لتفجير حرب جديدة على مرأى ومسمع اللجنة العسكرية التي تزور المحافظة التي تعيش وضعا امنيا عصيباً ..

يوماً آثر آخر ،يسعى ابناء صالح وبقاياهم تفجير الوضع بأي ذريعة في أكثر من منطقة ،وكلما تلاشت المسافة الزمنية بين اليمنين وصباح ترحيل صالح بالتصويت للمرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية اللواء عبدربه هادي وفقا للآلية المزمنة للمبادرة الخليجية ،تنكشف نوايا صالح وعائلته المتشبثين بالسلطة حتى آخر لحظة ،ومن خلال توجيهات مخالفة لتوجه حكومة الوفاق اللجنة العسكرية وبمعزل عن التزامات جميع الاطراف بوقف نهائي لأي تصعيد امني او عسكري يهدد المرحلة الانتقالي التي يعول اطراف العمل السياسي والمجتمع الدولي اخراج البلاد من حالة الحرب والفوضى الأمنية التي وصلت اليه بفعل محاولات صالح بقمع الشعب ووأد ثورته ..

وقبل اندلاع الاحتجاجات المستمرة لمنتسبي القوات الجوية بشكل واسع في صنعاء وعدد من محافظات الجمهورية قبل اقل من نصف شهر ،كان صالح وابنائه قد اعدوا انفسهم لأكثر من سيناريو لتفجير الوضع والتنصل من التزاماتهم بالمبادرة ،ما استدعى عودة المبعوث الأممي جمال بن عمر الذي نجحت جهوده المكثفة في اخراج صالح من البلاد والزام ابنائه بتنفيذ برنامج اللجنة العسكرية ووقف اي تصعيد ،لم تسلم التهدئة من خروقاتهم التي دشنوها بتوجيه وحدات من الأمن المركزي الحرس الجمهوري لقمع احتجاجات لمنتسبي القوات الجوية المطالبين بإقالة قادتهم واولهم شيق المخلوع علي صالح "محمد صالح الأحمر" في قاعدة الديلمي الجوية شمال صنعاء وفي قاعدة طارق في تعز ..

واثر ردة فعل اللجنة العسكرية والمجتمع الدولي من هذا التصعيد لأبناء واشقاء صالح ،وتحاشيا لأي موقف حازم يترتب على توجهاتهم ،قامت قوات الحرس المتمركزة في شارع الخمسين غرب العاصمة صنعاء بقصف قيادة الفرقة الأولى مدرع بقذائف الهاون مساء السبت الفائت ،بهدف جر الجيش المؤيد للثورة الى ردة فعل ،وعلى عكس ما اراد صالح وابنائه قابل الجيش المؤيد للثورة قصف الفرقة بعدم الرد تفويتا منهم لتداعيات اي رد مماثل استشعارا منهم بخطر مخطط صالح بتفجير الهدنة والهروب من استحقاقات مرحلة التوافق الإنتقالي ..

واستمرار لذات لمخطط، قامت قوات الحرس المتمركزة في معسكري الصمع وبيت دهره بقصف قرى الغربي وبيت الحسام والهجرة ومناطق مجاورة لها في بني جرموز شمال العاصمة صنعاء بالمدفعية الثقيلة والدبابات يوم الأثنين الفائت بعد يوم من زيارة ميدانية اللجنة العسكرية للمناطق المتضررة من الحرب شمال صنعاء والتي يطالب سكانها بسرعة سحب قوات الحرس الجمهوري من مناطقهم وقراهم التي تشهد وضعاً انسانيا مأساوياً ..

وصباح الثلاثاء الفائت ،قصفت قوات الحرس الجمهوري المتمركزة في معسكر الصمع على قريتي "شراع وسنة"، بمديرية أرحب ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بينهم امرأة من منطقة سنه بجروح خطيرة.

من جهة آخرى و في سياق متصل بمخطط تفجير الوضع العسكري من طرف صالح وأبنائه الذين لازالوا في مناصبهم حتى اللحظة ،تؤكد مصادر محلية بمدينة تعز معاودة وحدات من قوات الحرس الجمهوري انتشارها في عدد من الاحياء والشوارع من خلال استحداثات عسكرية ونقاط تفتيش مكثفة وتحديداً شرق وشمال شرق بالمدينة في محيط القصر الرئاسي والمدخل الشرقي للمدينة تعز وفي محيط مطار تعز "قاعدة طارق العسكرية" ،مثيرة قلق سكان مدينة تعز من خطورة اي تصعيد لقوات صالح ..

يذكر بأن مدينة تعز ،تعيش حالة من الفوضى الأمنية التي يقف ورائها بقايا وقوات صالح بالمحافظة بشكل مباشر وغير مباشر ،وهذا ما اعتبره وفداً من اللجنة العسكرية التي تزور مدينة تعز بخروقات تضاف الى خروقات صالح وقواته التي تهدد امن واستقرار البلاد في هذه المرحلة المفصلية التي تشهدها البلاد الذي يستعد كثيراً من ابنائه لطي صفحة صالح والى الأبد في الـ 21 فبراير القادم ...