طلاب جامعة صنعاء ... سنة أولى أنتفاضة
محمد سعيد الشرعبي
20 يناير
2011
صحيفة اليقين
توسعت احتجاجات طلاب جامعة صنعاء وآخرين من مدراس العاصمة في أول ثورة
سلمية يمنية تطالب برحيل الرئيس علي عبدالله صالح من الحكم بعد 33 عاما من وصوله
الى السلطة في محاكة للثورة التونسية.
خلال الأيام الماضية خرج مئات من طلاب جامعة صنعاء وطلاب المدارس في خمس
مظاهرات متوالية تنديدا بالسياسات الجائرة لحكومة المؤتمر الشعبي الحاكم،وطالب
المتظاهرين برحيل صالح وأسرته من الحكم قبل الفرار تحت ضغط الجماهير التي تتزايد أعدادها
بشكل ملحوظ في ظل غياب شبه تام لإتحاد طلاب جامعة صنعاء وعمران ،و لنشطاء وجماهير
المشترك ...
وبدأت الإنتفاضة السلمية بعشرات من طلاب كلية جامعة صنعاء قوبل الطلاب
بالأطواق الأمنية والقمع والإعتقالات بشكل استفزازي يتناقض مع إدعاءات السلطة وأجهزتها
الأمنية بعدم قمع التظاهرات الطلابية تنفيذا لما يقولون توجيهات عليا لمدراء أمن
المحافظات بالتعامل الإيجابي مع أي مظاهرة ومسيرة.
وقامت القوات الأمنية بإطلاق
الرصاص الحي لتفريق المظاهرات، واعتقلت عشرات من الطلاب،ومنعت المتظاهرين
من الوصول الى السفارة التونسية يوم الاثنين الماضي ،وفي اليوم التالي فرضت طوقا
أمنيا بعشرات من أطقم الأمن والنجدة منعا لذهاب
المتظاهرين للتجمهر في ميدان التحرير، كما قامت بإعتقال عشرات من الطلاب الذي تم
الإفراج عن بعضهم يومي السبت والأحد، في حين لازال مصير معتقلي تظاهرات الاثنين
والثلاثاء والأربعاء مجهولا حتى اللحظة .
وبتوجيهات عليا، أقدمت قوات الأمن على تكسير ومصادرة كاميرات وهواتف نقالة لصحفيين
ومتظاهرين كانوا يقومون بتغطية التظاهرات على مدار الأسبوع،في محاولة بائسة للتعتيم
الإعلامي على مجريات تظاهرات يومية غير مسبوقة في تاريخ النضال السلمي في اليمن .
ورفع المتظاهرون شعارات ولافتات جرئية
أبرزها " يا بو عزيزي يا مغوار
إحنا معك على خط النار ضد الحكام الأشرار ،يا تاريخ سجل واكتب الحاكم لازم يهرب،
جمهورية جمهورية ضد الأسرة والملكية ،أين الوحدة والثورة أصبحت ملك الأسرة،واجب علينا
واجب إسقاط الفاسد واجب، ارحلوا قبل أن ترحلوا " وشعارات أخرى تدعوا السلطة
لأخذ العبرة من نهاية الرئيس التونسي بن علي .
وانطلقت شرارة الثورة يوم السبت بخروج عدد من طلاب إعلام صنعاء لا يزيد
عددهم على عشرين طالبا في مسيرة الى السفارة التونسية،و باشرت قوات الأمن منع
وتفريق الطلاب الذين هب لمساندتهم عشرات
من الصحفيين و نشطاء المجتمع المدني ،وبمشاركة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب
الاشتراكي الدكتور عيدروس النقيب الذي حاول منع اعتقال طالبين من كلية الإعلام .
تصاعد حماس طلاب جامعة صنعاء،وبجهود فردية لأعضاء في القطاع الطلابي
للحزب الإشتراكي في جامعة صنعاء توافد الطلاب من مختلف كليات الجامعة في اليوم
التالي الى بوابة الجامعة الجديدة
،وشاركهم في تظاهرتهم مئات من طلاب المدارس وآخرين تداعوا الى المكان بمحض
إرادتهم،وساروا في مظاهرة حاشدة الى الى مقر السفارة التونسية دون تدخل قوات الأمن
لتفريقهم عملا بتوجيه وزير الداخلية الذي لم تتمالك أجهزتها القمعية أعصابها أقل
من نصف يوم .
وظهر الاثنين الماضي كان بداية القمع للتظاهرات الرافضة للتوريث
والمطالبة برحيل رئيس الجمهورية من البلاد،فالطلاب
_كالعادة_ يتجمعون في بوابة الجامعة الجديدة، وينطلقون كل يوم الى وجهة، ولأن
هدفها تظاهرة الإثنين كانت نحو السفارة السعودية فرضت قوات الأمن للمتظاهرين سياجا
أمنيا أمام الجامعة القديمة،وقامت بشق التظاهرة المنددة بفساد الحاكم وأسرته الى
نصيف وأخلت المكان لتظاهرة هزيلة مكونة أقل من عشرين فردا تردد شعارها المقدس
"بالروح بالدم نفديك يا علي " في تقليعة سلطوية جديدة لم تستمر لدقائق
لتباشر قواها الأمنية بالاعتداء على وجد في المكان دون تمييز بين المتظاهرين
وعابري السبيل بالهراوات وأعقاب البنادق ،واقتادت ثلاثة من المتظاهرين الى السجن .
وبعد ثلاثة أيام من القمع غير المبرر والتحريض والترهيب للطلاب داخل
الكليات من بعض أعضاء هيئة التدريس وخارجها
من الحرس الجامعي وشرطة مكافحة الشغب،نظم
الطلاب تظاهرة كبيرة
(طلابية،شعبية) صباح الثلاثاء في بوابة الجامعة الجديدة لليوم الرابع على
التوالي غير مكترثين بعشرات من المركبات
الأمنية التي تقل عدد كبير من القوات الأمنية التي حضرت باكرا بهدف محاصرة
التظاهرة أمام بوابة أو حشرها الى داخل أسوار الجامعة بحسب عابر بين تناهى الى
مسامع الطلاب قبل تنفيذ المخطط الأمني بنصف ساعة.
وتنفيذا لما تداعوا لأجله،حاصر الأمن المتظاهرين ومنعوهم من الذهاب الى
ميدان التحرير،ونتيجة لتزايد الحضور الشعبي ،فتحوا بوابة الجامعة وزجوا
بالمتظاهرين داخل الحرم الجامعي مستخدمين الهراوات،لم يستقر الطلاب خلف بوابة
موصدة بالحديد والعسكر والبنادق المتأهبة للتصويب كما كان يعتقد الأمن،فغادر المكان
،ليجوبوا كليات التجارة والشريعة وصولا الى الهندسة،عائدين في سير معاكس للأمن
الذي اقتحم الحرم الجامعي الى كليات التربية والأعلام واللغات ثم علوم الحاسوب، ليعود
مجدد الى البوابة الموصدة وبحضور طلابي مشرف،ورغم محاولات لبعض الطلاب في أقناع
الأمن بخروج المتظاهرين،قام الحرس الجامعي بإطلاق أعيرة نارية في الهواء لإيقاف
زحف المتدافعين الذين تمكنوا من فتح البوابة والخروج للتجمهر في الجولة ساعة كاملة..
وبعد توقف الحركة المرورية قبالة المدخل الشرقي لجامعة صنعاء تحرك مئات المتظاهرين صوب الجامعة القديمة (كلية الآداب) ترافقهم القوات الأمنية التي عمدت لقطع تحركهم في جولة القادسية بسيارات
شرطة النجدة ،وإجبار الطلاب على السير في شارع الرباط بلا جدوى ،ليواصل المتظاهرين سيرهم نحو كلية
الآداب بخطى واثقة،دفعت بالأمن لتجديد عملية
إطلاق الرصاص في الهواء قبالة المستوصف
الإيراني لفض التظاهرة المتزايدة ...لم تتمكن قوات الأمن من تحقيق مرادها بشق أو تفريق تظاهرة اليوم الرابع لأكثر مره في
ساعات معدودة ... فحركة الطلاب كانت أكثر
تماسكا من حواجز وأطواق الأمن المنتفخ
بأدوات القتل والقمع التي عجزت عن تحقيق هدفها يومها قياسا بالأيام السابقة.
وتحسبا لتظاهرة خامسة ينظمها نظمها طلاب جامعة صنعاء صباح أمس الأربعاء ،
حذر مصدر مسؤول بوزارة الداخلية مساء الثلاثاء المنصرم الطلاب من "تنظيم أي مسيرات
أو تظاهرات، أو المشاركة فيها، دون إتباع الإجراءات القانونية والحصول على الموافقات
اللازمة لذلك" موضحاً بأن القانون يمنح قوى الأمن فرض إجراءات مشددة مع من يسميهم بـ(دعاة الفتنة)،ونبه
بأنهم سيتعاملون بحزم مع المتظاهرين،مهدد بعقوبات تصل الى الحبس والغرامة للداعين
والمشاركين في التظاهرة..
طلاب جامعة صنعاء لم يأبهون بتحذيرات المصدر المسئول في وزارة الداخلية،
وأقاموا تظاهرة يوم أمس الأربعاء وسط طوق أمني كبير من الحرس الجامعي وشرطة النجدة
ومكافحة الشغب، التي حاولت تفريق التظاهرة بإلإعتداء على المتظاهرين،وقامت بإعتقال
خمسه طلاب احدهم يدعى رأفت عبدالقادر مقبل واقتادتهم الى مكان مجهول .
وبعد ذلك صعد النائب البرلماني أحمد سيف حاشد فوق حاجز حديدي لتلطيف الجو
بين المتظاهرين وقوات الأمن ،وأبدى استعداده بأن يكون مشروع شهيد في حال أستمر
الطلاب في انتزاع تنازلات من الحزب الحاكم،ودنى موعد سقوط من وصفها بـ(السلطة
الفاسدة) التي تستهتر بإرادة الشعب،وتقدم على قمع كل تحرك جماهيري سلمي .
وفي كلمته المقتضبة البرلماني المقرب من الحزب الإشتراكي احمد سيف حاشد
جميع القوى السياسية الحية والمتجردة من الحسابات الضيقة لمؤزرة طلاب جامعة صنعاء
في انتفاضتهم السلمية المستلهمة من الثورة التونسية،والمطالبة برحيل الرئيس وحزبه
الحاكم للبلاد بالحديد والنار..كما دعا قوات الأمن والجيش لرفض توجيهات قادتهم
بقمع المظاهرات،وطالبهم بالتكاتف مع الطلاب في ثورتهم المطلبية التي ستعود بالخير
على الجميع بمن فيهم الأمن والجيش.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق