الاثنين، 24 يوليو 2017

قبل سقوط تعز


قبل سقوط تعز

محمد سعيد الشرعبي
اغتيال نجل قائد الشرطة العسكرية وجندي آخر عصر اليوم من قبل مسلحين مجهولين في شارع العواضي وسط مدينة تعز.. فمن اغتالهم؟؟ 

لا نعرف من يقف وراء هذه الجرائم، ولم يكشف حتى اليوم عن منفذي الاغتيالات السابقة، ولكن هناك طرف أو أطراف مستفيدة، ويتهموا بإغراق تعز في الوحل!!

لن تكون هذه آخر الجرائم إذا ظلت عصابات الاغتيالات تستهدف العسكريين والمدنيين بمدينة تعز، ويصل عدد الضحايا إلى 200 قتيل وجريح في العامين الماضيين. 

في الأيام الماضية وسعت الشرطة العسكرية تواجدها في شوارع تعز لمساعدة قوات الأمن في إنهاء كوارث الإنفلات، وهذه خطوة ممتازة ويجب تعزيزها ودعمها.

هناك عصابات وجماعات ونافذين يرفضون ضبط الأمن في تعز، ويثير مخاوفهم انتشار الشرطة العسكرية في مدينة يعملون على اسقاطها من الداخل بيد التطرف.

الصراعات على الجبايات بين عصابات وجماعات النفوذ، وتغييب مؤسسات الدولة وإطالة الحرب يؤكد المخاوف الأممية من سقوط مدينة تعز بيد التنظيمات الإرهابية.

تزامنت جريمة الاغتيال مع زيارة رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تعز، وهذا ليس اول تزامن إجرامي مع زيارة وفد أجنبي إلى مدينة تحت القصف والحصار.

من يخطط وينفذ مثل هذه الجرائم بمثل هذا التوقيت يبعث رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها تعز غير آمنه، ويعزز مخاوفهم من سقوط المحافظة بيد الإرهاب.

لقد حذر المبعوث الأممي في إحاطته لمجلس الأمن من سقوط تعز بيد الإرهاب، ولكن الحكومة اليمنية لم تأخذ هذا التحذير على محمل الجد، وهذه ليس غريباً عنهم!

المؤسف والمقلق، تتعامل قيادات الشرعية بكل برود مع كارثة الإنفلات و رسائل الاغتيالات رغم انهم يتحملون المسؤولية الأخلاقية عما حدث وسيحدث في المدينة.

لن تتوقف جرائم الاغتيالات وحروب العصابات في تعز قبل إنهاء الإنفلات الأمني، ولن ينجز شيئا يذكر إذا لم يكون هناك سلطة محلية وأمنية قادرة على فعل ذلك.

ستظل مأساة تعز مستمرة والمخاوف متعاظمة إذا ظل المحافظ مهاجرا والمحافطة بلا مدير أمن والمسؤولين المتواجدين في المدينة متورطين في أغلب الأحداث.

نطالب بتعيين محافظ لتعز ومديرا للشرطة قادران على ضبط الأمن وإعادة تشغيل مؤسسات الدولة قبل سقوط المحافظة بيد جماعات الإرهاب خدمة لسلطة الإنقلاب.

السبت، 22 يوليو 2017

أنقذوا اليمن


أنقذوا اليمن

محمد سعيد الشرعبي

أينما وليت وجهك على هذه الأرض فلا تأمن جماعات الموت، وتعيش حالة قلق دائم أكثر مما مضى، و هذه بدايات الفصل الأسوأ من الحرب في اليمن!!

ذات المخاطر المميتة تلاحق المواطن اليمني في شمال الإمامة وجنوب الحراك، و لن تنجو من الموت والبطش حين تدافع عن حرية وكرامة الإنسان.

ولو ألتزمت الصمت أو الحياد، فأنت محل اتهام وشك، ويطالك الأذى بشكل أو بآخر، ولهذا يتخندق أصدقاء وزملاء مع جماعات الأمر الواقع... مكرها لا بطل!!

في زمن الحرب القذرة يكون لا فرق بين الحياة والموت، ويصبح الإنسان مشروع قاتل أو قتيل، جلاد أو ضحية، ناهب أو منهوب، منافق أو مطارد.

يزعم طرفي النزاع دفاعهم عن حياة وحريات الشعب، ولكن الكوارث اليومية تؤكد بأنهم سلموا البلاد وأعناق الرجال لجماعات تمتهن القتل والنهب وإذلال الآخرين.

أسقطت الحرب كل شيء، وأطلق صُناع الموت العنان لجماعات إزهاق الأرواح، والسطو على الأملاك، ونهب الإيرادات، والقضاء على هامش الحريات.

ولو كان بمقدورهم قطع الأكسجين لقطعوه على الشعب بعد قطع الخدمات (الماء والكهرباء)، ونهب المال العام، وتهربهم من صرف رواتب موظفي الدولة حتى اليوم.

تتفاوت درجات توحش الجماعات، وتختلف طرقات اجرامهم، ولكنها جماعات تسرطن واقع اليمن، وتعمل برعاية هوامير الحرب، والأيام السوداء لم تأتي بعد.

وتشتغل هذه الجماعات في ضفتي الجحيم على فرض توجهاتها الإجرامية، ومسخ الوعي المجتمعي، وتحديد رغبات المواطنين بالإكراه والإرهاب والتجويع.

كما يتفقوا على تغييب مؤسسات الدولة، ونسف العمل السياسي والمدني، ومصادرة الحقوق، وقمع الحريات، والتنكيل بأي معارض لاجرامهم بمجرد وشاية كاذبة.

ووجد زعماء الجماعات والعصابات في إطالة أمد الحرب فرصتهم للتسلط والإجرام والإثراء غير المشروع، و هذه الانتفاشة تدفعهم لتجاوز أربابهم في ملفات مصيرية!

تعاني اليمن ويلات الحرب، أبرزها، مجاعة تهدد سبعة مليون إنسان، واغلب سكان البلد يعيشون تحت خط الفقر، وتتزايد المأساة يوميا، بحسب تقديرات أممية.

وتتوقع ‏مؤسسة أوكسفام زيادة حالات الوفاة والإصابة بوباء الكوليرا في اليمن إلى 600 ألف ليصبح أكبر عدد مسجل للآن في أي دولة بعام واحد منذ بدء التسجيل.

نار الحرب والمجاعة والكوليرا تعصف بحياة اليمنيين، وهذا الواقع المأساوي يثير رعب العالم باستثناء تجار الحروب وعصاباتهم ومستثمري المآسي الإنسانية.

بعيداً عن عنتريات تجار الحرب وحذلقات مستثمري المآسي الإنسانية أصبح السلام حلماً ينشده العقلاء لإنقاذ الشعب من الفناء والبلاد من التشرذم.

لن تتوقف الحرب ويحل السلام ما لم يمارس المجتمع الدولي ضغوط كبيرة على طرفي النزاع بهدف الاتفاق على تسوية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة.

يعتبر المبعوث الأممي إتفاق طرفي النزاع على خطته حول ميناء الحديدة بداية لاتفاق وطني شامل، ولكن المواقف الأخيرة للإنقلاب غير مشجعة على التفاؤل.

أنقذوا اليمن قبل فوات الأوان، فاليوم الحلول ممكنة، وغدا لن تكون سانحة، ومن يقرأ المتغيرات الإقليمية والدولية يدرك ضرورة إنهاء الحرب وإنجاز التسوية.

أنقذوا اليمن بالاستجابة لدعوات إنهاء الحرب، اولها، المبادرة المقترحة من المبعوث الأممي كونها الطريق الوحيد لإنقاذ الشعب وإحلال السلام في وطن ذبيح.

أنقذوا اليمن لو كان لديكم أحساس وطني أو إنساني، فالبدايات الموحشة للفصل الأسوأ من الحرب تتوالى، وغدا لن ينفعكم الندم إذا سقطت البلاد بيد الإرهاب.

الخميس، 20 يوليو 2017

يومين من العزلة في تعز


يومين من العزلة في تعز

محمد سعيد الشرعبي

نعيش مطلع الألفية الثالثة حياة إلكترونية أكثر من اللازم، وأصبحت معظم تواصلاتنا وأعمالنا مرتبطة بخدمة الإنترنت.

في الظروف الطبيعية تكون الحياة بعيداً عن الإنترنت هادئة وخالية من صخب التفاعلات الآنية مع الأحداث والقضايا، والعكس في ظرف غير طبيعي كالذي نعيش.

حين تعيش وسط الحرب، وتتوالى علينا أنباء مؤلمة يكون انقطاع الإتصالات - الإنترنت تحديداً-، مشكلة مثيرة لمخاوف أقاربك وأصدقائك وزملائك.

نعد غياب صديق/ زميل عن شبكة الإنترنت وإيقاف هاتفه حدثا مخيفا، و نسأل عنه خوفا عليه ومنذ بدأ الحرب صدقت مخاوفنا إلى حد بعيد بهذا الجانب.

من المصادفات، أعتزلت الإنترنت، واكتشفت ليل اليوم التالي قطع الخدمة، وتواصلت مع الاصدقاء والأقارب لمعرفة احوالهم في ظل العزلة الإجبارية عن العالم.

وأبلغت أن انقطاع الانترنت ليس نتاج خلل فني، ولكن بفعل فاعل هدفه تغييب الناس عن أهوال أفعالهم، وما يعصف بالمحافظة من صراعات دامية على الجبايات.

لم يقطع الإنقلابيين الإنترنت عن تعز سوى ساعات في أيام متباعدة منذ بداية الحرب، وبعدما عرف التافهين سر الشغلة ذهبوا لعقاب أبناء المحافظة بقطع الخدمة.

الإنترنت الخدمة الوحيدة المتوفرة في تعز، ولم تتأثر بتبعات الحرب كالكهرباء - مثلاً- نظرا لأهميتها للجميع، وبعدها التجاري، وحرص المجتمع على استمرارها عدا المتطرفين.

لا جديد إذاً، لقد قاموا بقطع خدمة الإنترنت عن تعز، ويبدو خسارة أحدنا محدودة مقارنة بخسائر شركات ومؤسسات خاصة ترتبط أعمالهم بالإنترنت ولو كان لديهم بدائل.

يؤكد قاطعو خدمة الإنترنت عن تعز بأنهم قطاع طرق وليسو أهلا لتحمل أبسط المسؤوليات في إدارة مرفق حكومي، والأنكى انهم غير أمناء على تقديم الخدمات، وتركوها للأوغاد.

تعز اليوم مدينة معزولة عن العالم تزامنا مع حصارها واستمرار العمليات القتالية في أطرافها، ويبدو حرص المخرج المحلي على عقاب المحافظة من خلال قطع للإنترنت.

قرأت تبريرات كثيرة، ويستشف منها أسباب لجؤهم إلى عقاب أبناء تعز بقطع الإنترنت بعد قرابة اسبوعين على قطعه، ومن مبرراتهم الغبية الربط الكهربائي العشوائي من مولدات السنترال.

لا يمكن لأي مواطن الربط الكهربائي من مولد السنترال دون تواطؤ حمايته المتطرفة، وهذا ليس مبررا مقنعا، وبحسب معلومات أمنية تم قطع الإنترنت بتوجيهات.

ويثبت قطع خدمة الإنترنت تقارير مجلس الأمن والأمم المتحدة حول الأطراف المسيطرة على تعز، ولا يظهرون بالصورة، ولا يتجرأ أحد على تحميلهم مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المحافظة.

حتماً، تعرفون جيداً من اقصد، ولا داع للاشارة إليهم، فالجميع صامت عنهم، ولا أرغب اليوم بتذكيركم بهم، واحتفظوا بتبريرات أبطال الزحمة حول عزل جحافل الشالات السوداء تعز عن العالم.

الاثنين، 17 يوليو 2017

اليمن آفاق الحل وخطر الضياع


اليمن آفاق الحل وخطر الضياع

محمد سعيد الشرعبي

في زحمة الأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة وبعد عامين ونصف من الحرب، تحولت المعركة اليمنية إلى حرب منسية رغم أهوالها الإنسانية.

طالت الحرب في اليمن، وأصبح الحديث عنها مختزلاً في قضايا محدودة تحكمها أزمة الخليج، وعادت إلى الواجهة - مؤخراً - بعد اجتماع مجلس الأمن الدولي، والتحركات الراهنة للمبعوث الأممي.

وبين التعويل الشعبي على تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، وتطورات الأزمة الخليجية، وتعنت تجار الحرب يعتبر إنجاز حلاً سياسياً معجزة، ولكنها ممكنة إذا ضغط المجتمع الدولي.

في قراءة سريعة للمواقف السياسية والتصريحات يبدو لي الحكومة الشرعية والتحالف العربي جاهزين لإنجاح مهمة المبعوث الأممي لإنجاز حل سياسي يبدأ من إبعاد الإنقلابيين عن ميناء الحديدة وتسليمه لطرف ثالث مقابل إيقاف التحالف للعمليات العسكرية في الساحل الغربي.

على الضفة الأخرى، أعلن الإنقلابيون ترحيبهم بالجهود الدولية والإقليمية الهادفة إلى إنهاء المأساة، واشترطوا إيقاف ما يسموه "العدوان"، ورفع الحصار، و لم يبدوا التزامهم بوقف حربهم على تعز - مثلاً-، وتعنتهم يأتي نتيجة ارتباط قرار جماعة الحوثي بالممول الإيراني.

يبذل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وبدعم مجلس الأمن الدولي جهوداً لإيقاف مأساة اليمن بعد تفشي وباء الكوليرا وتزايد المآسي الإنسانية، ويتحدث عن خطورة إطالة أمد الحرب في البلاد، وتحولها إلى تجارة حروب رابحة لأطراف على ضفتي الجحيم.

هناك فرصة مواتية لإنهاء الحرب في اليمن، وإنجاز تسوية نهائية بناءً على مرجعيات العملية السياسية، وإنقاذ عشرين مليون من المجاعة والكوليرا، وتكمن المشكلة في أن قرار الحوثي بيد ملالي طهران، فيما قرار حليفهم صالح خاضع لسيطرته، وتقلبات مزاجه.

وبين احتمالات نجاح أو فشل الحلول السياسية للأزمة اليمنية القائمة على مقترحات المبعوث الأممي، أضحت المعارك  اليومية لقوات الشرعية ومليشيات الإنقلاب حرباً منسية، وإثارة الصراعات بين الحلفاء والخصوم وإطالة أمد الحرب يضاعف مآسي الحياة.

كانت الحرب في اليمن إلى وقت قريب مثار اهتمام وسائل الإعلام والتحركات الدبلوماسية كونها معركة  تخص الأمن القومي العربي، وأضحت اليوم في آخر سلم الأولوية السياسية والإعلامية العربية والدولية، وهذا ما يجعلها حربا منسية.

والأنكى ما آلت إليه المعركة في اليمن، وتحولها من حرب مصيرية بين الشرعية والإنقلاب إلى موضوع لصراعات سياسية وتجاذبات اعلامية داخل تحالف استعادة الدولة، ووصلت إلى تأجيج الرأي العام ضد التحالف.

عزفت وسائل الإعلام العربية عن تغطية أحداث الحرب والأزمات الإنسانية في اليمن، ويقتصر اهتمامات بعضها على فتح الملفات الإنسانية والعسكرية وإثارة المخاوف الشعبية من أهداف غير معلنة لدول التحالف العربي.

التشكيك بالنوايا والأهداف، وقلب حقائق واقع اليمن، وحرف مسار المعركة، وتغول الجماعات المسلحة على حساب الدولة يبدد وجود الشرعية ويعقد علاقتها مع التحالف، ويعزز سقوط البلد بيد التنظيمات الإرهابية، بحسب تحذيرات المبعوث الأممي.

إذا كانت اليمن ستذهب إلى مرحلة الضياع، وحروب الجماعات المسلحة، وقبل سقوطها بيد الإرهاب، فمن الأفضل إنجاز تسوية قبل وقوع الفأس بالرأس، وهذا الخيار الأنسب والآمن لليمنيين وجيرانهم في الخليج.

الاثنين، 10 يوليو 2017

تعز جمهورية وليست إرهابية


تعز جمهورية وليست إرهابية

محمد سعيد الشرعبي

بين حين وآخر يدفعنا البعض لتذكير القريب والبعيد بحتمية انتصار إنسان تعز على أوهام مسيرة الموت وجماعات التطرف وسلطات الأمر الواقع.

تعز مدينة جمهورية صامدة في وجه طغيان الإمامة، وتسلط عصابات الإنفلات وعبث مافيا الفساد، وثقتنا كبيرة بانتصارها المظفر على الجميع.

عجزت مليشيات الإنقلاب وجماعات الإنفلات ومافيا الفساد عن قتل روح تعز، واسقاط كبريائها، وتجريف قيمها المدنية المترسخة في وعي أبنائها.

تقاوم تعز مليشيات الإنقلاب وسلطة عصابات الإنفلات ومافيا الفساد في وقت واحد، وتدفع تضحيات يومية عظيمة لأجل الإنتصار لذاتها وكرامة وحرية أبنائها.

منذ بدء إنقلاب تدفع تعز ثمن رفضها مسيرة الموت والخراب، ولن تستسلم لأي طرف يريد تحويلها إلى جربة لاوهام التسلط والتطرف، وهذا موقفنا الثابت.

ولهذا نقول، تعز ليست إرهابية، ولو تديول فيها حزب/ تنظيم إسلامي وتنمرت جماعات سلفية وفصعت مافيا فاسدة في ظل هذه الحرب الكارثية.

تعز ليست تنظيما إسلاميا أو جماعة سلفية أو مافيا فساد، بل إنسان اسطوري سينتصر لذاته، ويعيد بناء دولته، ولن يقبل البقاء رهينة لأي طاغية.

تعز ليست مدينة إرهابية بل منكوبة بالحرب والكوليرا والمجاعة، وقدرها الإنتصار المبين لذاتها وقيمها مهما خيل للنخب استسلامها لآلة الموت والتطرف.

تعز تنبذ الأفكار الإرهابية، ولن تكون موطنا لجماعات متطرفة، ولو شوهت الحرب صورة المدينة، فالمدنية متجذرة في وعي أبناءها، وهنا يكمن الأمل .

أوقفوا الحرب على تعز، وسوف تعرفوا أنها مدينة أسطورية عصية على الإرهاب والإنفلات، والأيام ستثبت هذه الحقيقة التاريخية لمن فقدو ثقتهم بإرادة الإنسان التعزي.

أوقفوا الحرب على تعز، وسوف يتكاتف كل الأحرار فيها على بعث مؤسسات الدولة، وإنهاء سلطة البنادق والمافيا، وسيزاح عن روح المدينة كوارث حربكم الذمية.

تعز ليست كذبة مدنية بل جغرافيا مباركة رفض أبنائها إنقلاب الكهوف وسوف ينتصروا على الأوغاد، و يدحروا هيلمان هيمنة وعي القبور.

تعز قلعة صامدة منذ زمن، ولن تموت بفعل حرب جائرة، ولن تستلم لسلطة عنف لأنها لا تؤمن حتى اليوم بثقافة دخيلة وطارئة على قيمها المدنية والتحررية.

تكفر تعز بجماعات اللادولة (إمامية، إخوانية، سلفية)، وغدا ستغادر صمتها، و سوف تعبر بخطى واثقة إلى ميدان الحياة دون رجوع إلى الوراء، وهذا قدرها.

تجرع إنسان تعز ويلات الحرب عامين ونيف، وتجاربه وخبراته التراكمية ستعينه على تجاوز عثرات الماضي والحاضر والذهاب نحو المستقبل.

ومهما تمشيخ الغفير، وتنمرت جماعات العنف، وتسببوا بتزايد الجرائم والأخطاء القاتلة، ستخرج تعز كالعنقاء من تحت ركام الحرب، وأقوى مما كانت.

حتماً، سيغادر كافة الأوباش مشهد تعز لأنهم أدوات حرب لا حياة، وسيأتي من يضبط الأمن، ويعيد الحق، ويطبع الحياة، ويعمر ما خلفته الحرب في المحافظة.

بلا شك، سوف تنتصر تعز لقيمها التحررية ومشروعها المدني، وتعيد كتابة تاريخها، ولو حاول الأوغاد إبقائها رهينة حسابات غبية او الغدر بحلمها الكبير.

أخيراً، أقول للجميع، ستظل تعز قبلة للتمدن، و موطنا للحب والحياة، ومنبعا للأفكار المنحازة للذات والهوية، ولو تكالبت عليها كوارث الإمامة والمجاعة والكوليرا.

الخميس، 6 يوليو 2017

تعز.. قضية الأرض والإنسان والهوية


تعز.. قضية الأرض والإنسان والهوية

محمد سعيد الشرعبي

تتزايد كتابات النخب اليمنية عن المظلوميات اليمنية باستثناء المظلومية التعزية التي لم تجد من يتحدث عنها، ولهذا أوجز المشكلة في النقاط التالية:

1- مظلومية تعز أقدم المظلوميات اليمنية، ويعد بعدها وطني، وبدأ فصلها الأخير عقب الإنقلاب، ويدفع ثمنها آلاف التعزيين شمالاً و جنوباً حتى اليوم.

2- البعد الوطني لمظلومية تعز حال دون الإنتصار لها، ولذاتها المحلية، وجعلها في مهب تسويات لاوطنية، ويطال المؤمنين أحقاد كائنات الموت والخراب.

3- كلما تحدثت نخب الشعب عن مظلومية تعز تقابل أقوالهم بالسخرية، وترشق مطابخ وأدوات الإستبداد المدافعين الصادقين عنها بالمناطقية منذ نصف قرن.

4- تدافع نخب تعز عن مختلف المظلوميات اليمنية الجهوية والمذهبية عدا التعزية معللين سلبية مواقفهم بزيف حرصهم على عدم الانتقاص من نضالاتها الوطنية.

5- العزوف النخبوي والسياسي عن واجب الانتصار للمظلومية التعزية يخرج تعز من أي تسوية سياسية، والتاريخ يؤكد هذه الحقيقة منذ قيام الجمهورية.

6- الإنتصار لمظلومية تعز الأرض والإنسان في كل آن يعد انتصاراً للقضية الوطنية، ولا يقلل من تضحيات المحافظة حسب اعتقادات النخب النفعية.

7-تعمل نخب الأحزاب ومراكز النفوذ على إبقاء تعز تابع لسلطة المذهب ومافيا الفساد، وهذا أبرز أسباب المأساة التعزية وتعثر المشروع الوطني منذ زمن.

8- التخندقات الحزبية تفسد عدالة القضايا، وتحولها مواضيع للصراعات، وتؤدي إلى تمييعها، وحرفها عن مسارها، والقضية التعزية خير شاهد تاريخي.

9- تسقط عدالة القضايا الوطنية والإنسانية حين تخنقها مصالح الأحزاب وتتعرض لانتقام السلطة ومافيا الفساد، وهذا ما تعرضت له القضية التعزية.

10- قدمت تعز تضحيات كبرى خلال ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وقوبلت بالجحود، وجلب دور أبنائها في بناء مؤسسات الدولة الجمهورية وتحقيق الوحدة أحقاد الجنوب والشمال.

11- أشعلت تعز ثورة فبراير، وتمكنت الأحزاب من الإنقلاب على الثورة، والذهاب إلى تسوية شكلية، وحصدت خذلان رفاق الثورة ونقمة الثورة المضادة.

12- هبت تعز للدفاع عن الجمهورية ومقاومة إنقلاب الإمامة، وسيطرت المافيا على قرار المعركة فيها، ويكتوي سكانها حتى اليوم بنار الإنقلاب والإنفلات

13- تعيش تعز حتى اللحظة وسط سعير القصف والحصار الإمامي، ويتجرع أبنائها ويلات تغييب الإرادة التعزية لصالح مشاريع طارئة أيديولوجية ومتطرفة.

14- ما تعرضت له تعز خلال عامين ونيف من الحرب الكارثية، وتضحيات وخسائر المحافظة يجعلها أكبر مظلومية جمهورية تستوجب الدفاع عنها والانتصار لعدالتها.

15- لن تنتصر تعز قبل أن يكون لها إرادة قوية تغلب مصلحة الإنسان على مصالح لوبيات الأحزاب، ومافيا الفساد، وتنبذ المشاريع الأيديولوجية الكارثية.

16- الإنتصار للقضية التعزية مدخلاً لحسم الصراع الوجودي بين الشعب وعصابات السلطة ومافيا الفساد، و دونها، ستظل البلد بيد أعداء الحياة وبنادق التطرف.

17- الإنتصار المنشود للقضية التعزية واجباً وطنياً، وموقفاً إنسانياً، وانحيازاً جمهورياً لشعب اليمن ضد مشاريع أوباش الإمامة وقطيع الخلافة.

18- الإنتصار للقضية التعزية الآن يمثل إنقاذاً للذات اليمانية، وانتصاراً للجمهورية والمواطنة باعتبارها أساس قضية الأرض والإنسان والهوية العربية.

19- الإنتصار للقضية التعزية يبدأ بتفعيل المؤسسات، وإعادة بناء النظام الجمهوري على أسس وطنية بعيداً عن البناء الحزبي والمذهبي والقروي.

20- الإنتصار للقضية التعزية الخيار الوحيد للخروج من دوامة الحروب والصراعات المزمنة كونها تعيش في قلب كل المآسي اليمنية شمالاً و جنوباً.

الأربعاء، 5 يوليو 2017

اليمن إلى أين؟؟


اليمن إلى أين؟؟

محمد سعيد الشرعبي

عدت عاصفة الحزم لحظة انطلاقتها نهاية مارس 2015 فرصة كبرى لإنهاء الإنقلاب الإمامي على الجمهورية في اليمن خلال أشهر، وما حدث العكس.

طال ليل الحرب، ولم يشرق فجر الحياة، فلا الشرعية الجمهورية حسمت أمرها، ولا الإنقلاب الإمامي يدرك مآلات الموت والخراب على حاضر ومستقبل البلاد.

حرب بلا أفق أودت بحياة آلاف المدنيين، وفوقهم آلاف الجرحى، وتعاظمت المجاعة والمآسي، وتفشت الأوبئة، ومازال الإنقلاب قائما والشرعية تنتظر المعجزات.

تسببت الحرب في انهيار الإقتصاد، وخلفت دماراً كبيراً في البنية التحتية، وقدرت مؤسسات دولية قبل قرابة عام خسائر اليمن بحوالي عشرين مليار دولار.

على الصعيد الإنساني والصحي، تهدد المجاعة والكوليرا ملايين السكان في مدن وريف اليمن، أولها، محافظتي تعز والحديدة، وفقاً لتقديرات أممية.

عسكريا، بعد توقف تقدم التحالف شمال المخا لم يجد جديد، ومازال ميناء الحديدة خط دولي أحمر، وبقية الجبهات للإستنزاف، ابرزها، ضواحي مدينة تعز.

سياسيا، بين حين وآخر يظهر المبعوث الأممي بتغريدات حول موقف هنا وعن لقاء هناك، وثمة تسوية تطبخ على نار أممية، ومطالب الجنوبيين بالاستقلال يخلط أوراق الشرعية.

لقد تسبب تضارب أولويات الشرعية والتحالف، وتعنت الإنقلاب، وجشع لوبيات الفساد في إطالة أمد الحرب، وإفشال جهود الأمم في إنجاز تسوية سياسية.

وأدى تأخر إنهاء الحرب وإحلال السلام إلى إمعان قطبي المافيا في تحويل البلاد إلى مقبرة ابناءها عبر استثمار المآسي والاتجار بالأشلاء والجماجم.

وسعت مافيا الشرعية والانقلاب استغلال كارثة الحرب، وفتحوا الأسواق السوداء، واستثمروا المآسي، ويعرقلوا الحسم العسكري أو السياسي، والكارثة مستمرة!!

واللافت ، تحكم سلطتي صنعاء وعدن عصابات مافيا، وتحدد توجهاتها السياسية والعسكرية، وهذا ينعكس على عمليتي الحرب والسلام، ولا يهمهم حال البلد.

وتشترك أدوات ومطابخ المافيا في تأجيج الصراع السياسي والأمني لاستمرار فسادهم دون اكتراثهم بمصير وطن يتهدده الضياع والتشرذم.

وكلما نشطت المساعي الأممية الهادفة إلى إعادة الشرعية والإنقلاب إلى طاولة المفاوضات تحركت الجبهات واشتعل الصراع على ضفتي الجحيم.

ويتورط قطبي المافيا في تبديد مكتسبات الشعب من خلال تمكين ادواتهم من إدارة شؤون مناطق نفوذهم، وبناء جيوش خاصة، وهذا يؤسس لحروب مستقبلية.

وليس غريبا عدم اكتراث سطلتي صنعاء وعدن بمآسي الشعب، وإنعدام الخدمات الأساسية، والنظام الصحي، وتورطهم في العبث بالإغاثة الإنسانية.

وتتهرب الحكومة الشرعية من الوفاء بالتزاماتها، أولها، صرف رواتب موظفي الدولة، اكتفى الإنقلابيون بصرف نصف راتب، وتحميل "العدوان"، المسؤولية!!

رغم تعدد المآسي، تزايد قلق اليمني من تسبب الأزمة الخليجية في إطالة أمد الحرب، وتحويل البلاد ساحة تصفية الحسابات، واستفسارهم المر: اليمن إلى أين؟

كما أن تصاعد مطالب استقلال الجنوب يضاعف قتامة المشهد اليمني، ويثير هلع رموز الشرعية، و أظن رسالة رئيس الوزراء للإنتقالي الجنوبي تزيد مخاوف الشعب.

اليمن مرشحة للتشظي، وتصفية الحسابات بين أطراف كثيرة، والانزلاق الآن نحو صراع "الديولة" يعقد مهمات التحالف ويبدد وجود الشرعية ويخدم إيران.

ليس من مصلحة أحد غرق البلاد في صراعات جديدة، فما خسره الشعب منذ انقلاب الإمامة سيتوجب على الجميع العودة إلى جادة الصواب.

لا حلول أمام الشرعية غير الحسم، وهذا مستبعد حالياً بفعل التغيرات الجديدة في المنطقة، وليس هناك خياراً آخر للانقلاب غير العودة إلى المفاوضات لإنهاء الحرب.

الطريق الوحيد لإنقاذ اليمن إنهاء الحرب وإنجاز تسوية تؤسس لمرحلة سلام دائم بناء على المرجعيات الثلاث قبل تغير واقع الصراع الإقليمي لصالح مشروع إيران.