كتب / محمد سعيد الشرعبي
تعد جريمة اغتيال البرلماني وعضو مؤتمر
الحوار الوطني عبدالكريم جدبان على يد مسلحين مجهولين ليلة امس الجمعة بصنعاء حادثة
خطيرة جدا، وقد تصبح آخر مسمار يُدق على نعش الوطن العالق بين هاويتي ( الدولة و اللادولة
)
تكمن خطورة الجريمة في توقيتها المتزامن
مع انفلات امني مخيف نتيجة فشل/عجز وزارتي (الداخلية، الدفاع)، واجهزتهما عن ضبط الامن
وفرض اٌلاستقرار، رغم تضحيات منتسبي المؤسستين حد مقتل 225 ضابطا/جنديا خلال النصف
الاول من العام الجاري، وفقا لإحصائية.
من الدقائق الأولى لتناقل نبأ الحادثة الغادرة،
تراشقت بعض المنتمين لقوى الصراع السياسي بالتهم الجاهزة،لكن هناك مواقف وآراء عديدة
ومتباينة في مواقع التواصل الإجتماعي تفند الحادثة وهدف مرتكبيها، وأقربها للصواب تتلخص
محاولة الجناة ضرب أكثر من طرف سياسي في حادثة واحدة .
يتحدث اصحاب تلك الآراء احتمالين، أولهما
قد يحدث بفعل تراخي الدولة عن قيامها واجبها من فتح تحقيق جاد وشفاف وضبط الجناة الى
تقديمهم للعدالة، فيما الاحتمال الثاني، يرتبط بمدى امتناع الحوثيين عن الإنجرار خلف
هدف المستفيد من جريمة يُراد منها _ كما يبدو للكثيرين_ ضرب الحوثين بالسلفيين والقبائل..
و من هنا قد تبدأ الكارثة!
لذا، يفترض الآن جماعة الحوثي ضبط النفس
والابتعاد عن الشكوك وعدم الاستعجال في اطلاق تهمها الى حين خروج نتائج التحقيق، وهذا
بحد ذاته، امتحان كبير للجماعة لأكثر من سبب، من ضمنها، الضغوط السياسية التي تمارس
عليها بشأن حربهم مع السلفيين في دماج، ومناوشاتهم مع القبائل في تخوم صعدة.
ربما لن ينتظر الحوثيين كثيرا لنتائج تحقيق
اجهزة دولة وحكومة يعبروا عن عدم ثقتهم بمصداقيتها، رغم تحميلهم للسلطات الأمنية مسؤولية
الكشف عن الجناة، وهذا موقف يستوجب منهم ابقاء القضية في سياقها الطبيعي، بعيدا عن
اللجوء الى الثأر ممن قد يعتقدوا أو يُثبت تورطهم في اغتيال ممثلهم في الحوار عبدالكريم
جدبان.
وثمة اعتقاد سائد، يخشى من خطر التوظيف
السياسي من قبل بعض القوى، بهدف إشعال فتنة أوسع بين الحوثيين وخصومهم المفترضين، رغم
ايجابية المواقف المعلنة لمعظم القوى، والتي عبروا فيها عن ادانتها ومطالبتها بتحقيق
جاد وضبط الجناة .
ابرز تلك المواقف، كان للمجلس السياسي لأنصار
الله (الحوثيين)، والذي أتهم فيه من وصفهم بـ "الأيادي الآثمة التي تخدم المشروع
الأمريكي " بتنفيذ "العمل الإجرامي والغادر"، كما حملوا " السلطة
الأمنية مسؤولية الكشف عن الجناة وتقديمهم للقضاء".
كما صدرت بيانات متقاربة عن أحزاب (الاشتراكي
، الاصلاح ، الناصري، الرشاد السلفي"، تتهم معرقلي التسوية والمتضررين من مخرجات
الحوار بالوقوف وراء الجريمة، من جهته أصدر المؤتمر الشعبي العام بيان ادان فيه الحادثة
، بالإضافة الى ذلك ، صدرت بيانات عن امانة مؤتمر الحوار الوطني ، ومجلس النواب، واللجنة
الامنية العليا
بقراءة سريعة لمجل المواقف المُعلنة، يعتقد
أحدنا تبدد احتمالي الصراع/الحرب،لكن اليمن تظل بلد المفارقات السيئة،ولا يُستبعد أن
تمثل هذه الحادثة بداية فصل آخر من مسلسل الاغتيالات المستمر في حصد ارواح ابرز القياديات
(السياسية، المدنية ،العسكرية) في البلاد ..

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق