في 22 مايو 1990 توحدت الأرض وفي 22 مايو 2011 توحد الشعب
الشعب اليمني يستعيد وحدته في ذكراها الـ21 !
محمد سعيد الشرعبي
في خضم ثورة التغيير السلمية التي اندلعت شرارتها الأولى منتصف يناير الفائت، ،شارك ملايين من إبناء اليمن_لأول مرة_ في الاحتفالات الكرنفالية التي شهدتها مختلف محافظات الجمهورية تلبية لدعوة شباب الثورة ابتهاجا بمناسبة حلول الـ 21 للوحدة اليمنية المباركة تلبية لدعوة شباب الثورة، كتعبير فرائحي مساند لثورة سلمية،تحضى بإجماع شعبي منقطع النظير في البلاد،وهذا ما جسده لوحات رمزية لشباب الثورة في ساحات العروض نهار العيد،وسطعت نورهم والعاب النارية ليلا في سماوات المدن ،بعد عقود من الألم تحت نير حاكم عدم ،صورت له نفسه بأن وحدة الشطرين إنجازا شخصيا يحتكره لفخامته،وساطور ترسيخها _كما يقول_ سلاحا سحريا لإقصاء شركائه الجنوبيين،وللفتك بخصومه السياسيين،بدعوى الحفاظ على الوحدة من شعب وحدوي بالفطرة،لولاه ما ألتم شطري الوطن صباح 22 مايو 1990 م..
في عدن غمرت نفوس العدنيين فرحة مختلفة،وفاح رائحة البخور شوارعها العامرة بثورة الكرامة،وطغى عبق الماضي وسط بارود كتائب علي صالح،كما كانت شواطئها وجهة لسكان المدنية الذين كتبوا على ورق البحر ملامح يمن جديد يشبه إلى حد بعيد تطلعات الناس لوطن يليق بهم ويتسع لطموحاتهم ،وبالذات محافظة عدن التي لا يحد من تمدنها شؤم المجرمين،ولا يشوش أزيز الرصاص على زغاريدها ،مهما أمنعت أعداء الحياة في البطش بإنسانها السلمي .. مساء الأحد الماضي،شهدت مديريات عدن مسيرة حاشدة،عُدت الأكبر في تأريخها، ساحة قريبة من عدن موال ،توجهت المسيرة في شارع المتحف وجابت الشوارع ،رافعين العلم الوطني، مرددين بصوت واحد : لا شمال ولا جنوب وحدتنا وحدة قلوب ،وانتهت مسيرتهم بساحة الحرية بكريتر.
وفي ساحة التغيير كان صباح عيد الوحدة منتشية بالعرس الوحدوي،فالمعتصمون لم يغمض لهم جفن،فالكل ساهم في الإعداد للإحتفال الكرنفالي بساحة العروض بالستين،تضمن عروضا رمزية مذهلة لمختلف فئات الشعب فالطلاب والأطفال ،رجالا ونساء،مدنيين وعسكريين سارو في مواكب لأكثر من ساعتين بمشاركة جماهيرية واسعة من مؤيدي الثورة السلمية المطالبة بإسقاط نظام علي صالح،والبارز أن الإعلام الوطنية بهئيات مختلفة شعار وحيدٌ للحفل الاستثنائي في أهم شارع بالعاصمة صنعاء..
أما تعز التي حلمت كثيرا جداً وجداً بالتغيير قبل الثورة ،وصارت بين أخواتها أضحوكة ،وصار تمدنها أثماً،ولكنتها التغييرية_آنذاك_ غير مرحب فيه مطلقا،فكانت للثورة قِبلة وقُبلة،وبسمة تورد ذكريات جبلها والمدينة،فبعد اسابيع مفتوحة لقتل شباب الثورة في شوارعها المسالمة برصاص قوات علي صالح ،احتفلت مدينة تعز مساء الأحد الماضي بالذكرى الـ21 لإعادة تحقيق الوحدة في مهرجانات كرنفالية شعبية غير مسبوقة ،بعد عام من احتفال باهت لعلي صالح وأعوانه وفي مقدمته الفار من عدالة الثورة حمود الصوفي الذي قدم نفسه _يومها_ خطيبا لم يجاري زندقته آخر ،فعصر الأحد أقيم حفل كرنفالي في ساحة الحرية شارك فيها الآف من شباب الثورة بتعز،الذين أبهر بالألعابهم النارية ليل مدينهم الخارجة _لتوها_ من سلبية المواقف الى ايجابية العمل الثوري..
وفي كورنيش مدينة المكلا حيث تطرب قلوب سكانها وزوارها لسماع الدان الحضرمي بعذوبته المتدفقة من خناجر مطربيها كأموج المحيط الهندي ،شهدت ساحة التغيير مظاهر فرائحية بنكهة توابل الشرق،وعطر الغرب، احتفاء بذكرى ميلاد يمن الحب والسلام ،هناك وبعد تحية النشيد الوطني ،وإطلاق شباب الثورة بالونات هوائية ومفرقعات نارية،خرج الآلاف بمدينة المكلا عصر الأحد المنصرم ،وبهتاف مدوي "نحن شباب البلد لا يمثلنا أحد ، لا شمال لا جنوب وحدتنا وحدة قلوب، يا صنعاء ثوري ثوري نحو القصر الجمهوري، ، يا خليجي لا تبادر علي صالح بايغادر" وهتافات أخرى تطالب برحيل صالح ومحاكمته ونظامه جراء ما اقترفوه من جرائم قتل المعتصمين سلميا، واعتداءات على ساحة الاعتصام في أكثر من زمان ومكان،وآخرها الاعتداء البلطجي على ساحة التغيير بالمكلا ليل أمس الإثنين ....كما لم يفوت أبناء فرصة كهذه،فقاموا بتطهير مدينته الغناء مما تبقى فيها من صور لعلي صالح على واجهات المباني الحكومية،وعلى الرغم مما طالهم من أذى بلاطجة صالح شباب التغيير بحضرموت هدايا لأفراد الأمن والجيش بمناسبة احتفالات اليمنيين بعيد أعيادهم الوطنية،_وكالعادة_ كان للوصلات الإنشادية مكانها ليلة فرحة حضرمية بإستعادة وحدته ممن سلب..
ومن حيث صدح الحجر قبل البشر بالحق في وجه الطاغية بـ" ارحل "،ومن معقل الحراك الجنوبي السلمي الذي خرجت طلائعها على نظام يستبيح حرمة الدم والأرض بقوة السلاح،ومرغت بأنفه المتغطرس بالتراب،ليخرج _بعدها_ ذليلا مهانا...من حيث تجد للحق ألف صاحب،شارك الآلاف من أبناء محافظة الضالع في مهرجان جماهيري حاشد للإحتفاء بالعيد الـ 21 للوحدة،بعد سنوات من مطالبتهم بفك الارتباط في حال أستمر علي صالح في اغتصاب السلطة مدى الحياة،ولأن رحيله بات مطلبا لثورة شعبية تعم الجهات الأربع لليمن،تراجع خفت مطلب كثيرا من الجنوبيين بفك الارتباط،ودوت ساحات الثورة بمطلب إسقاط النظام،بصفته بيت الداء ومستنقع الوباء ...ففي مدينة قعطبة،هتف مواطني الضالع بصوت رجل واحد " وحدتنا وحدة قلوب ...لا شمال ولا جنوب ،وكلنا نفدي اليمن .. من صنعاء إلى عدن، والضالع تحمي الوحدة .. في الرخاء وفي الشدة".
محافظة صعدة احتفلت _هي الأخرى_ بعيد وحدة الشعب،حيث نظم السلطة المحلية بالمحافظة مهرجان فني وخطابي كبير وسط حضرهالآلاف من ابناء صعدة والمحافظات المجاورة،و مشاركين من عدن والضالع وتعز وحضرموت والحديدة وصنعاء،والقيت كلمات قوية للقائم بأعمال المحافظ الشيخ فارس مناع ،والناطق باسم الحوثي الذي قال في كلمته بأن "الوحدة اليمنية ليست منجزاً شخصياً يستغله بعض الأفراد لتمزيق الشعب ونهب ثرواته"،مضيفا "بفضل ثورة الشعب أصبح الجندي الذي كنت أخافه ويخيفني.. يده بيدي نتلاحم سوياً لبناء هذا الوطن".
كما شهدت محافظة إب، حفل مماثل شارك فيه عشرات الآلاف ساحة العروض في شارع الدائري حضره نشطاء من محافظة الضالع الجنوبية،كما أقيم حفل خطابي وفني بمدينة ذمار في ملعب قريب من ساحة التغيير بذمار شارك فيه الآلاف المواطنين يتقدمهم مشايخ وأكاديميين توافدوا منذ الصباح الباكر من مختلف مديريات المحافظة للإحتفال بهذه المناسبة العظيمة،وعلى هامش الاحتفال افتتح شباب الثورة معرض الصور الفوتوغرافية والكاريكاتير، عن مراحل الثورة السلمية اليمنية.
الى ذلك أحتفلت محافظات ومديرية أخرى بهذه المناسبة العظيمة،سيسجل التاريخ بأن الشعب أستعاد وحدته في ذكراها الـ21 ،في ضروف ثورية إستثنائية وغير مسبوقة في تاريخ البلاد ،والأهم في هذه اللحظة التاريخية التفاف اليمنيين"شماليين،جنوبيين" بمختلف إنتمائتهم حول وحدتهم التي حاول علي صالح الأنفراد بخيراتها لشخصه ولعائلته الحاكمة..
ومحاولة من النظام لصد الناس عن الوصول الى ساحات العروض لمشاركة شباب الثورة ،قطع مجاميع بلطجية وقوات من الحرس الجهوري والأمن المركزي في معظم شوارع العاصمة وتعز والطرق الرئيسية بين المحافظات،وسجلت اعتداءات بالرصاص على المواطنين ، استشهد فيها شخصان وأصيب ما يزيد عن 15 لبلاطجة صالح وقوات الحرس الجمهوري على مواكب الشعبية التي توافدت صباح الأحد الفائت للاحتفال بذكرى الوحدة اليمنية في العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق