الجمعة، 31 مارس 2017

الكتابة في زمن الحرب


الكتابة في زمن الحرب
محمد سعيد الشرعبي

الكتابة حياة وليست مهنة، وأساسها الحرية، ويكون للحرف معنى وللعبارة أثراً إيجابيا حين يعبر الكاتب عن هموم ذاته ومجتمعه في واقع طبيعي وبطريقة إبداعية تحترم القارئ.

لكل كاتب طريقته في التعبير عن آرائه وأفكاره، والحديث عن خلاصة تجاربه حين يتوفر شرط الحرية، وتكون الكتابة فعل انتحار عندما تقمع حرية الرأي، ويضيق الخناق على الكُتاب.

أكثر الكُتاب يتجنبون الصدام مع السلطات، و يتخلون عن حرياتهم مقابل الأمان والعيش بعيداً عن الرقابة الأمنية، وقلما تجد من يقاومون بالقلم لأجل الإنتصار لحقوقهم، أولها، حرية الرأي والتعبير.

لحرية الرأي ثمن في الظروف العادية، والثمن الفادح يدفعه الكاتب حين يعارض سلطة قامعة، ويتحدث عن مواقفه أو يعبر عن هموم وتطلعات مجتمعة في زمن الحرب.

بعد ثلاث ثورات تاريخية ونصف قرن من الجمهورية، وقعت بلدنا اليمن وسط جحيم الحرب، وقمعت سلطة الأمر الواقع حرية الرأي، وباتت الكتابة أكثر من فعل إنتحار.

عامين من الحرب، والتشرد، وإنعدام فرص الحياة، غيرت من قناعات المجتمع، وكبلت هذه الظروف الصعبة حرية الكاتب، وجعلت منه هدفا للاوغاد، ولهذا خفتت الأصوات المنحازة للإنسان، وتنمر المستفيدين من كوارث البلاد.

وتتضاعف المأساة يومياً لدى الكُتاب الأحرار الذين آمنوا بالشعب، ولم ينتموا لحزب/جماعة/طائفة، وهذا يجعلهم في مواجهة أعداء الحياة وقامعي الحريات على اختلاف توجهاتهم في بلد تعيش وسط الجحيم منذ زمن.

وفي ظل الحرب أصبح المفسدين والقتلة أصحاب سلطة، وبات الكاتب هدفا لأي عصابة أو جماعة، ومن الطبيعي عزوف صُناع الرأي الحقيقيين عن الحديث بالشأن العام كونهم أكثر نخب المجتمع عرضة للخطر.

هناك قلة كُتاب في الداخل يحضون برعاية وحماية ولديهم هامش حرية أكثر من غيرهم، ويعبروا عن أرائهم بشكل متخفف من ضغوط الواقع و مخاوف/هواجس تعرضهم للقمع والتنكيل من هذا الطرف أو ذاك.

على أية حال، تظل الكتابة بحرية وسط جحيم هذه الحرب مغامرة كبرى، بل تجعل من حياة الكاتب في مهب أنتقام عصابات الفتك بالحريات وقمع اي صوت معارض لا يسبح بحمد القتلة واللصوص.

السبت، 25 مارس 2017

المافيا ومستشفى الفقراء بتعز


المافيا ومستشفى الفقراء بتعز

محمد سعيد الشرعبي

تقف مافيا الفساد في تعز خلف كافة الحوادث والجرائم التي تطال مستشفى الثورة، وهدفهم إغلاقه لاحتكار الدعم المالي لمسالخهم الخاصة.

تنشط المافيا في نهب اي دعم يصل إلى تعز، وهدفهم منذ عام إغلاق/تعطيل مستشفى الثورة كونه أكبر منشأة طبية حكومية موثوقة لدى المنظمات الدولية العاملة في اليمن.

ترتيب الأحداث :

- قتل أحد نزلاء المستشفى من قبل مسلحين ملثمين، ولم تحرك الجهات المعنية أي ساكن، والمؤكد لن يحاسب أحد!

- الإعتداء على موظفي المستشفى قبل أيام _ خلال زيارة مسؤول الصليب الأحمر الدولي إلى لمستشفى_ من قبل مسلحين كلفهم وكيل المحافظة بـ(حماية المستشفى)!!

- أعلن الكادر الطبي إضرابهم عقب الاعتداء عليهم ، وعادوا للعمل بعد وعود رسمية بإنهاء المشكلة، وتغيير الحماية، ولم ينفذ شيء حتى اللحظة.

- تدخل مسلحين في شؤون إدارة الهيئة، أغربها، مطالبة أمين الصندوق بعد الاعتداء عليه بإيقاف توريد الإيرادات إلى البنك، وهذا ليس من اختصاصات حماية رسمية أو تابعة بجماعة!

- يدير أحدهم هذه الفوضى بضوء أخضر من نافذين بغية إجبار منظمة أطباء بلا حدود على التخلي عن المستشفى، وتشغيل مركز طبي يدار من قبلهم.

- تفاقم المشاكل الأمنية قد تدفع منظمة أطباء بلا حدود للعزوف عن خطتهم إبرام عقود/اتفاقيات تشغيل أقسام مستشفى الثورة العام بشكل كامل.

-تستبعد المافيا مستشفى الثورة من الدعم، و يعرقلوا اي عقود لتشغيله على الرغم من أنه أكبر المشافي الحكومية في تعز، ويقدم خدماته الطبية لجميع السكان، واغلبهم من الفقراء الذين لا يقدرون على العلاج في مستشفيات خاصة.

- تخصص المافيا الدعم لمستشفيات خاصة، أبرزها عقود مركز الملك سلمان، والذي بموجبه يستلموا أربعة ألف دولار عن كل جريح، وهذا من بين أبرز مداخلهم للفساد والإثراء غير المشروع على حساب حياة آلاف الجرحى.

بالمختصر :

تمارس المافيا فساد مرعب عبر عقود/اتفاقيات تشغيلهم مشافيهم الخاصة على حساب الحكومية، ويستحوذوا على مخصصات الحكومة الشرعية ومنظمات الإغاثة الإقليمية، أولها، مركز الملك سلمان.

وما يتعرض له مستشفى الثورة العام منذ أكثر من عام لا يخرج عن الهدف الأكبر لعصابات مافيا الفساد الذين يجب كشفهم للرأي العام تمهيدا لمحاسبتهم قانونيا عقب تفعيل مؤسسات الدولة.

السبت، 18 مارس 2017

ست سنوات من الكرامة


ست سنوات من الكرامة

محمد سعيد الشرعبي

ست سنوات مرت على مذبحة جمعة الكرامة، ومازالت دماء اليمنيين تسفك حتى الآن من قبل مليشيات الطاغية وحلفائه الإماميين في أرجاء الوطن المقبرة.

تعد جمعة الكرامة مذبحة مرعبة، وبداية الفصل قبل الأخير من المأساة اليمنية، والتي أزهق فيها قناصة الطاغية أرواح عشرات من شباب الثورة جنوب ساحة التغيير وسط صنعاء.

صعدت أرواح الثائرين إلى خالقها، وهوت دمائهم بعصابة المخلوع بعد ثلاثة عقود ونيف من حكمهم البلد بنار القتل والغدر، و ماتزال شعلة الثورة الجمهورية متقدة، وتضيق خناقها على إنقلاب الطاغية والإمامة.

لقد فشل المخلوع في وقف عجلة التغيير رغم ما ارتكبته مليشياته من المذابح البشعة بحق شباب الثورة في كافة الساحات على إمتداد التراب اليمني، وسينهزم أمام إرادة الجمهورية.

بعد فشله في إيقاف التغيير خلال ربيع الثورة الفبرايرية، تحالف المخلوع مع جماعة الحوثي الإمامية، وأنقلب على النظام الجمهوري، وأشعل حربه الإنتقامية في البلد، ولم يتوقف حتى اللحظة عن سفك الدماء.

 

قبل أسبوعين أطل المخلوع بحقده المعهود موجها جحافله الإجرامية بقنص المدنيين وقوات الجيش الوطني في تعز، بقوله "دقوهم"، وبهذا ذكرنا بتوجيهاته لقناصته وبلاطجته لقتل شباب الثورة السلمية.

بعد سته أعوم من جرائم حربه بحق المدنيين والعسكريين اليمنيين يؤكد المخلوع بأنه السفاح الأول في البلد الذبيح، ولكأنه مدركا حتمية سقوطه الأخير في شراك آخر حروبه على إرادة الشعب.

كان المخلوع وحلفيه الحوثي يعتقدان نهاية عام 2014 بأنهم قد أسقطوا الثورة والجمهورية، ولكن إرادة شعب اليمن بددت أوهامهم، وانطلقت نار المقاومة من وسط عاصمة الثورة السلمية تعز، وعمت البلاد.

وهب التحالف العربي بطلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي إلى اليمن لإنقاذ الشعب اليمني من إجرام مليشيات الإنقلاب، وهذا لم يكن في حسبان طاغية أتقن خداع دول الجوار، واستعان بهم طيلة سنوات حكمه.

وبعد عامين من معارك التحرير تغيرت موزاين المعركة لصالح الحكومة الشرعية، وتقف قوات الجمهورية على أبواب صنعاء المحتلة من قبل أوباش الإمامة، و قريباً، سيسقط الإنقلاب في عقر داره.

معركة الشعب اليمني واحدة رغم كل تعقيدات المرحلة، والعدو لم يتغير من جمعة الكرامة حتى اليوم، والسفاح الذي يحاصر المدن ويقتل الأبرياء بات محاصرا في قبو جنوب صنعاء المحتلة.

لقد اقتربت نهاية الطاغية بعد ست سنوات من عمر الثورة السلمية وعامين على الكفاح الشعبي ضد إنقلابه الدموي، وسيدفع كافة المجرمين ثمن جرائم حربهم بحق اليمنيين.