الجمعة، 30 ديسمبر 2016

وطن افتراضي


وطن افتراضي

محمد سعيد الشرعبي
 

حين تتغيب عن عالمك الإلكتروني بين حين وآخر يتذكرك أصدقاء و زملاء بالتواصل الهاتفي، ومحور استفساراتهم تتلخص بالآتي: (أين غبت ؟، ما سر الصمت؟، لماذا غادرت؟).

 

بعضهم يسأل ببراءة، وآخرين يحملك مسؤولية ضياع وطن بسبب غيابك عن معترك الصراع السياسي الذي نقل من الكواليس إلى منصات التواصل الإجتماعي!!

 

 لا شيء يستدع القلق، وبعض الصمت أبلغ من الكلام، والصخب في الزمن الخطأ لا يخدم قضايا شعب بقدر الإكثار من الأحقاد السياسية والعداوات مع "حنشان" المرحلة!

 

ليست ثورة المعلومات فقط من خلقت هذا الواقع، بل الحرب دفعت اليمنيين للهروب من واقعهم الكارثي إلى بناء وطنا افتراضيا يلملم أرواحهم المتناثرة في أكثر من بلد بعد ضياع وطنهم.

 

في عز ثورة 11 فبراير 2011 ومرحلة الوفاق لم يكن حضور اليمنيين في مواقع التواصل الإجتماعي كبيراً بقدر تواجدهم الإفتراضي الآن بعد عامين من نكبة الإنقلاب .

 

بعدعامين من إنقلاب الحوثي وصالح على النظام الجمهوري وحربهم الهمجية على الشعب، أضحت حياة أبناء اليمن افتراضية أكثر مما توقع أغلبنا بداية نكبة الإنقلاب.

 

لقد دفع إجرام المليشيات ما يزيد عن مليون إنسان إلى مغادرة البلد، وقد تكون ظروف الشتات أهون من حياة الشعب أهوال الحرب و مآسي التجويع والحصار في محافظات وسط وشمال الوطن.

 

تتعاظم المآسي الإنسانية في البلد، ومع ذلك، يعيش أغلب اليمنين وسط الجحيم قيد الأمل بإيقاف الحرب وعودة الحياة، وفعّل بعضهم وجوده الافتراضي رغم التكاليف الباهضة لخدمة الإنترنت.

 

مع إمتداد فصول الحرب، ومضاعفة مليشيات صالح والحوثي قمع حرية الرأي والتعبير، وملاحقة كافة معارضيهم وحصار المدن، وتعذر التواصل التقليدي، خلق اليمنيين وطنهم الإفتراضي.

 

وبعد فشل مساعي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنهاء الإنقلاب وإيقاف الحرب، ونظراً لانعدام فرص العمل، تزايد الحضور اليمني في (فيسبوك، توتير، واتس آب) خلافاً لتوقعات قائمة على تقديرات هذا الحضور بالظروف الاقتصادية للمجتمع.

 

لقد أسقطت مفارقات الواقع الجديد نخبوية الأنشطة الإلكترونية، وتقلصت مسافات التواصل، وتكاثرت آفة التفاعلات الشعبوية بفعل حرية النشر والتعبير عن الرأي دون اعتبارات مهنية.

 

وجراء توسع الاعتقالات في الأونة الأخيرة بصنعاء وغيرها، هناك تراجع لافت في حضور صحفيين وحقرقيين على توتير وفيسبوك، و قلما يتواجدون على الواتس آب للتواصل مع الأصدقاء والزملاء.

 

خلاصة القضية لم تعد مواقع التواصل الإجتماعي منصات نخبوية كما كانت قبل سنوات، ولهذا شددت سلطة الإنقلاب من مراقبة أنشطة معارضيها، وهناك زملاء وأصدقاء اختطفتهم المليشيات على خلفية نشاطهم في الفيسبوك أو تويتر، مثلاً.

 

على أية حال، باتت مواقع التواصل الإجتماعي الآن الوطن الإفتراضي لليمنيين في الداخل والخارج بعد تحول البلد إلى مقبرة جراء الإنقلاب الإمامي وقذارة حربهم على إرادة الشعب.

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

الإنقلاب يبحث عن نكف روسي


الإنقلاب يبحث عن نكف روسيا

محمد سعيد الشرعبي

لم يتأخر المخلوع علي صالح وجماعة الحوثي في إدانة جريمة اغتيال سفير روسيا في تركيا أمس الإثنين، بعد فشل محاولاتهم جلب التدخل الروسي لإنقاذهم من وحل حربهم ضد دولة وإنسان اليمن.

اغتيال السفير أندريه كارلوف جريمة مدانة وقذرة، وموقف روسيا يؤكد إدراكهم إبعاد الجريمة، وقطعت موسكو الطريق على محاولات استغلالها من قبل أطراف الصراع في الإقليمي، وليس آخرهم، صالح والحوثي.

يبحث صالح والحوثي عن تدخل روسي رغم معرفتهم موقف موسكو منهم، وينتظرون من الرئيس فلاديمير بوتين إعلان النكف مع إنقلابهم، ولكأنه أحد مشائخ قبيلة حاشد لكي يدفع بقواته إلى جحيم اليمن !!

قمة الوقاحة محاولة صالح والحوثي استثمار مثل هذه الجرائم الإرهابية الشنيعة لتسويق إنقلابهم الدموي شرقا وغربا دونما خجل من معرفة العالم بفضاعة جرائم حربهم ضد المدنيين في اليمن.

روسيا ليست بحاجة دموع صالح والحوثي، وموقفهم مؤيد للدولة الشرعية في اليمن كما هو موقفهم في سوريا، ودورها يساند مساعي الأمم المتحدة من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 تمهيداً لإنهاء الحرب وإحلال السلام في البلد.

صالح والحوثي قطبي تحالف إرهابي، أنقلبوا على الدولة اليمنية، وأشعلوا حربا انتقامية من الشعب، وساعدت جرائم حربهم في توسع نشاط الإرهاب في البلد، وليس العكس، حد تأكيدات حكيم اليمن الراحل الدكتور عبدالكريم الإرياني.

من بداية إنقلابهم الدموي، يقدم الحوثي وصالح أنفسهم سلطة قادرة على محاربة الإرهاب في ظل تورطهم بتأجيجه، و إطلاق سراح عشرات العناصر القاعدية للقيام بعمليات إرهابية داخل المناطق المحررة، و إلصاق تهمة الإرهاب بالجيش الوطني.

دور روسيا لن يتجاوز حدود دعم النظام في سوريا، ولن تسقط في مساندة تحالف الإنقلاب في اليمن مهما حاولت إيران دفع موسكو نحو جنوب الجزيرة العربية نظراً لاختلاف الواقع اليمني عن السوري، ونبذ الشرعية للإرهاب ومحاربته.

أمريكا تدرك علاقة علي صالح بالإرهاب من سنوات، وفي وثائق ويكيليكس أدلة كثيرة، ولن تنخدع اليوم بمزاعم محاربته القاعدة وداعش كونهما أحد أدواته لضرب الأمن واستهداف القوات الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية مدن الجنوب.

مطلع سبتمبر الفائت كشف مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جون برينان تعاون داعش والقاعدة ضد القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي، حد تعبيره في مقابلة نشرها مركز مكافحة الإرهاب بأكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية.

في المقابل، تؤكد الحكومة اليمنية والرئيس عبدربه منصور هادي إلتزامهم بالحرب ضد الإرهاب تزامنا مع معركتها ضد مليشيات الحوثي وصالح، وتمكن الجيش الوطني من دحر الإرهاب من حضرموت وأبين.

على ضوء هذه التحركات تنطلق مواقف أمريكا وروسيا وبقية الدول الغربية في انحيازها لاستعادة مؤسسات الدولة، وهذا ما يعجز ثنائي الإنقلاب تقديم أنفسهم شريكا في الحرب على الإرهاب الذي يعتبر صالح أبرز المتاجرين فيها، بحسب وثائق ويكيليكس.

منذ عام ونصف لم يفرق صالح والحوثي بين روسيا وبلاد الروس، ويتناسون مساندة الاتحاد السوفييتي للجمهورية ضد الإمامة في معركة السبعين، علاوة على علاقاتهم الوطيدة مع النظام الجمهوري في جنوب البلاد قبل الوحدة.

تدرك روسيا دورها بالشرق الأوسط، ويعتبر رفض الرئيس فلاديمير بوتين الإلتفات لعروض صالح والحوثي تأكيداً على عدم تجاوزه الأدوار التاريخية لبلاده في دعم النظام الجمهوري بهدف إنقاذ إنقلاب إمامي لم تعترف به أي دولة، أولهم، حليفتهم إيران.

السبت، 17 ديسمبر 2016

تعز بوابة استعادة الجمهورية


تعز بوابة استعادة الجمهورية

محمد سعيد الشرعبي

بعد عام ونصف من صمود أبناء تعز في خطوط النار، وثبات المدنيين تحت سعير القصف والحصار والجوع بات الحسم مطلب إنساني، وضرورة عسكرية من أجل وضع نهاية لإجرام صالح والحوثي.

ألتقى الرئيس عبدربه منصور هادي اليوم قيادات أحزاب مشترك تعز، وكان صريحا معهم، ووعدهم بإقتراب النصر المظفر في المحافظة باعتبارها بوابة الوصول إلى الجمهورية .

بمنأى عن الوعود العرقويبة، لا خيارات أخرى أمام الشرعية غير سرعة استكمال تحرير تعز من خلال عملية عسكرية واسعة أطراف المدينة ومديريات الساحل وجنوب المحافظة.

ولن تنجح اي عملية عسكرية دون إشراف الرئيس هادي، واسناد حقيقي من طيران التحالف، ويكون قرار التحركات الميدانية بيد قيادة المحور وألوية الجيش الوطني، وكل الطرق معبدة نحو النصر.

التأخير في تحرير تعز يزيد التعقيدات العسكرية، والمشاكل السياسية، في المقابل، تؤكد المؤشرات الميدانية سرعة حدوث انهيارات وتصدعات كبيرة في صفوف المليشيات فور إطلاق عملية عسكرية.

قدم أبناء تعز مدنيين وعسكريين تضحيات عظيمة في مواجهة المليشيات الإمامية، وصمدوا أمام أحقاد الحوثي وصالح رغم مرارة الخذلان، و آن للشرعية مغادرة دوامة المخاوف والتقدم نحو النصر.

يعد تحرير تعز يدفن أوهام الحوثي وصالح في فرض سلطتهم الإنقلابية، ويوقف حربهم على أكبر كتلة سكانية منحازة للجمهورية، كما سيعزز فرص الدحر المليشيات من الحديدة وإب، وتقدم الجيش الوطني نحو صنعاء وصعدة وحجة.

قوة المليشيات الآن لم تعد كما كانت بداية انتفاشة الإنقلاب، وسيكون بإمكان الجيش الوطني دحرهم من تعز بسهولة إذا وجد توجه حقيقي للحسم، وأطلقت عملية عسكرية دونما إلتفات لمخاوف غربية مبالغ فيها حول باب المندب.

باب المندب سيكون آمنا بعد تحرير تعز من مليشيات الإنقلاب، وتأمين سواحل البحر الأحمر يبدد أطماع إيران بإنشاء قواعد بحرية قريبة من المندب لابتزاز دول الخليج والعالم، كما هو حالهم في مضيق هرمز.

وإذا لم يكن تسارع الأحداث على الساحة الإقليمية دافعا لقيادة الشرعية للقيام بواجبها تجاه تعز فقد تتضاعف التحديات وتتكالب الظروف المقيدة لفعل التحرير في كل أنحاء البلاد، وتصبح التسوية واقعا لا مفر منه.

وفي مختلف الأحوال، يعتبر تحرير تعز بداية نهاية الإنقلاب، ومنها بوابة استعادة الجمهورية من قبضة الإمامة، ولهذا يجب على القيادة العليا إدراك أهمية سرعة الحسم، وخطورة التأخير والتسويف.