الجمعة، 30 ديسمبر 2016

وطن افتراضي


وطن افتراضي

محمد سعيد الشرعبي
 

حين تتغيب عن عالمك الإلكتروني بين حين وآخر يتذكرك أصدقاء و زملاء بالتواصل الهاتفي، ومحور استفساراتهم تتلخص بالآتي: (أين غبت ؟، ما سر الصمت؟، لماذا غادرت؟).

 

بعضهم يسأل ببراءة، وآخرين يحملك مسؤولية ضياع وطن بسبب غيابك عن معترك الصراع السياسي الذي نقل من الكواليس إلى منصات التواصل الإجتماعي!!

 

 لا شيء يستدع القلق، وبعض الصمت أبلغ من الكلام، والصخب في الزمن الخطأ لا يخدم قضايا شعب بقدر الإكثار من الأحقاد السياسية والعداوات مع "حنشان" المرحلة!

 

ليست ثورة المعلومات فقط من خلقت هذا الواقع، بل الحرب دفعت اليمنيين للهروب من واقعهم الكارثي إلى بناء وطنا افتراضيا يلملم أرواحهم المتناثرة في أكثر من بلد بعد ضياع وطنهم.

 

في عز ثورة 11 فبراير 2011 ومرحلة الوفاق لم يكن حضور اليمنيين في مواقع التواصل الإجتماعي كبيراً بقدر تواجدهم الإفتراضي الآن بعد عامين من نكبة الإنقلاب .

 

بعدعامين من إنقلاب الحوثي وصالح على النظام الجمهوري وحربهم الهمجية على الشعب، أضحت حياة أبناء اليمن افتراضية أكثر مما توقع أغلبنا بداية نكبة الإنقلاب.

 

لقد دفع إجرام المليشيات ما يزيد عن مليون إنسان إلى مغادرة البلد، وقد تكون ظروف الشتات أهون من حياة الشعب أهوال الحرب و مآسي التجويع والحصار في محافظات وسط وشمال الوطن.

 

تتعاظم المآسي الإنسانية في البلد، ومع ذلك، يعيش أغلب اليمنين وسط الجحيم قيد الأمل بإيقاف الحرب وعودة الحياة، وفعّل بعضهم وجوده الافتراضي رغم التكاليف الباهضة لخدمة الإنترنت.

 

مع إمتداد فصول الحرب، ومضاعفة مليشيات صالح والحوثي قمع حرية الرأي والتعبير، وملاحقة كافة معارضيهم وحصار المدن، وتعذر التواصل التقليدي، خلق اليمنيين وطنهم الإفتراضي.

 

وبعد فشل مساعي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنهاء الإنقلاب وإيقاف الحرب، ونظراً لانعدام فرص العمل، تزايد الحضور اليمني في (فيسبوك، توتير، واتس آب) خلافاً لتوقعات قائمة على تقديرات هذا الحضور بالظروف الاقتصادية للمجتمع.

 

لقد أسقطت مفارقات الواقع الجديد نخبوية الأنشطة الإلكترونية، وتقلصت مسافات التواصل، وتكاثرت آفة التفاعلات الشعبوية بفعل حرية النشر والتعبير عن الرأي دون اعتبارات مهنية.

 

وجراء توسع الاعتقالات في الأونة الأخيرة بصنعاء وغيرها، هناك تراجع لافت في حضور صحفيين وحقرقيين على توتير وفيسبوك، و قلما يتواجدون على الواتس آب للتواصل مع الأصدقاء والزملاء.

 

خلاصة القضية لم تعد مواقع التواصل الإجتماعي منصات نخبوية كما كانت قبل سنوات، ولهذا شددت سلطة الإنقلاب من مراقبة أنشطة معارضيها، وهناك زملاء وأصدقاء اختطفتهم المليشيات على خلفية نشاطهم في الفيسبوك أو تويتر، مثلاً.

 

على أية حال، باتت مواقع التواصل الإجتماعي الآن الوطن الإفتراضي لليمنيين في الداخل والخارج بعد تحول البلد إلى مقبرة جراء الإنقلاب الإمامي وقذارة حربهم على إرادة الشعب.

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

الإنقلاب يبحث عن نكف روسي


الإنقلاب يبحث عن نكف روسيا

محمد سعيد الشرعبي

لم يتأخر المخلوع علي صالح وجماعة الحوثي في إدانة جريمة اغتيال سفير روسيا في تركيا أمس الإثنين، بعد فشل محاولاتهم جلب التدخل الروسي لإنقاذهم من وحل حربهم ضد دولة وإنسان اليمن.

اغتيال السفير أندريه كارلوف جريمة مدانة وقذرة، وموقف روسيا يؤكد إدراكهم إبعاد الجريمة، وقطعت موسكو الطريق على محاولات استغلالها من قبل أطراف الصراع في الإقليمي، وليس آخرهم، صالح والحوثي.

يبحث صالح والحوثي عن تدخل روسي رغم معرفتهم موقف موسكو منهم، وينتظرون من الرئيس فلاديمير بوتين إعلان النكف مع إنقلابهم، ولكأنه أحد مشائخ قبيلة حاشد لكي يدفع بقواته إلى جحيم اليمن !!

قمة الوقاحة محاولة صالح والحوثي استثمار مثل هذه الجرائم الإرهابية الشنيعة لتسويق إنقلابهم الدموي شرقا وغربا دونما خجل من معرفة العالم بفضاعة جرائم حربهم ضد المدنيين في اليمن.

روسيا ليست بحاجة دموع صالح والحوثي، وموقفهم مؤيد للدولة الشرعية في اليمن كما هو موقفهم في سوريا، ودورها يساند مساعي الأمم المتحدة من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 تمهيداً لإنهاء الحرب وإحلال السلام في البلد.

صالح والحوثي قطبي تحالف إرهابي، أنقلبوا على الدولة اليمنية، وأشعلوا حربا انتقامية من الشعب، وساعدت جرائم حربهم في توسع نشاط الإرهاب في البلد، وليس العكس، حد تأكيدات حكيم اليمن الراحل الدكتور عبدالكريم الإرياني.

من بداية إنقلابهم الدموي، يقدم الحوثي وصالح أنفسهم سلطة قادرة على محاربة الإرهاب في ظل تورطهم بتأجيجه، و إطلاق سراح عشرات العناصر القاعدية للقيام بعمليات إرهابية داخل المناطق المحررة، و إلصاق تهمة الإرهاب بالجيش الوطني.

دور روسيا لن يتجاوز حدود دعم النظام في سوريا، ولن تسقط في مساندة تحالف الإنقلاب في اليمن مهما حاولت إيران دفع موسكو نحو جنوب الجزيرة العربية نظراً لاختلاف الواقع اليمني عن السوري، ونبذ الشرعية للإرهاب ومحاربته.

أمريكا تدرك علاقة علي صالح بالإرهاب من سنوات، وفي وثائق ويكيليكس أدلة كثيرة، ولن تنخدع اليوم بمزاعم محاربته القاعدة وداعش كونهما أحد أدواته لضرب الأمن واستهداف القوات الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية مدن الجنوب.

مطلع سبتمبر الفائت كشف مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جون برينان تعاون داعش والقاعدة ضد القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي، حد تعبيره في مقابلة نشرها مركز مكافحة الإرهاب بأكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية.

في المقابل، تؤكد الحكومة اليمنية والرئيس عبدربه منصور هادي إلتزامهم بالحرب ضد الإرهاب تزامنا مع معركتها ضد مليشيات الحوثي وصالح، وتمكن الجيش الوطني من دحر الإرهاب من حضرموت وأبين.

على ضوء هذه التحركات تنطلق مواقف أمريكا وروسيا وبقية الدول الغربية في انحيازها لاستعادة مؤسسات الدولة، وهذا ما يعجز ثنائي الإنقلاب تقديم أنفسهم شريكا في الحرب على الإرهاب الذي يعتبر صالح أبرز المتاجرين فيها، بحسب وثائق ويكيليكس.

منذ عام ونصف لم يفرق صالح والحوثي بين روسيا وبلاد الروس، ويتناسون مساندة الاتحاد السوفييتي للجمهورية ضد الإمامة في معركة السبعين، علاوة على علاقاتهم الوطيدة مع النظام الجمهوري في جنوب البلاد قبل الوحدة.

تدرك روسيا دورها بالشرق الأوسط، ويعتبر رفض الرئيس فلاديمير بوتين الإلتفات لعروض صالح والحوثي تأكيداً على عدم تجاوزه الأدوار التاريخية لبلاده في دعم النظام الجمهوري بهدف إنقاذ إنقلاب إمامي لم تعترف به أي دولة، أولهم، حليفتهم إيران.

السبت، 17 ديسمبر 2016

تعز بوابة استعادة الجمهورية


تعز بوابة استعادة الجمهورية

محمد سعيد الشرعبي

بعد عام ونصف من صمود أبناء تعز في خطوط النار، وثبات المدنيين تحت سعير القصف والحصار والجوع بات الحسم مطلب إنساني، وضرورة عسكرية من أجل وضع نهاية لإجرام صالح والحوثي.

ألتقى الرئيس عبدربه منصور هادي اليوم قيادات أحزاب مشترك تعز، وكان صريحا معهم، ووعدهم بإقتراب النصر المظفر في المحافظة باعتبارها بوابة الوصول إلى الجمهورية .

بمنأى عن الوعود العرقويبة، لا خيارات أخرى أمام الشرعية غير سرعة استكمال تحرير تعز من خلال عملية عسكرية واسعة أطراف المدينة ومديريات الساحل وجنوب المحافظة.

ولن تنجح اي عملية عسكرية دون إشراف الرئيس هادي، واسناد حقيقي من طيران التحالف، ويكون قرار التحركات الميدانية بيد قيادة المحور وألوية الجيش الوطني، وكل الطرق معبدة نحو النصر.

التأخير في تحرير تعز يزيد التعقيدات العسكرية، والمشاكل السياسية، في المقابل، تؤكد المؤشرات الميدانية سرعة حدوث انهيارات وتصدعات كبيرة في صفوف المليشيات فور إطلاق عملية عسكرية.

قدم أبناء تعز مدنيين وعسكريين تضحيات عظيمة في مواجهة المليشيات الإمامية، وصمدوا أمام أحقاد الحوثي وصالح رغم مرارة الخذلان، و آن للشرعية مغادرة دوامة المخاوف والتقدم نحو النصر.

يعد تحرير تعز يدفن أوهام الحوثي وصالح في فرض سلطتهم الإنقلابية، ويوقف حربهم على أكبر كتلة سكانية منحازة للجمهورية، كما سيعزز فرص الدحر المليشيات من الحديدة وإب، وتقدم الجيش الوطني نحو صنعاء وصعدة وحجة.

قوة المليشيات الآن لم تعد كما كانت بداية انتفاشة الإنقلاب، وسيكون بإمكان الجيش الوطني دحرهم من تعز بسهولة إذا وجد توجه حقيقي للحسم، وأطلقت عملية عسكرية دونما إلتفات لمخاوف غربية مبالغ فيها حول باب المندب.

باب المندب سيكون آمنا بعد تحرير تعز من مليشيات الإنقلاب، وتأمين سواحل البحر الأحمر يبدد أطماع إيران بإنشاء قواعد بحرية قريبة من المندب لابتزاز دول الخليج والعالم، كما هو حالهم في مضيق هرمز.

وإذا لم يكن تسارع الأحداث على الساحة الإقليمية دافعا لقيادة الشرعية للقيام بواجبها تجاه تعز فقد تتضاعف التحديات وتتكالب الظروف المقيدة لفعل التحرير في كل أنحاء البلاد، وتصبح التسوية واقعا لا مفر منه.

وفي مختلف الأحوال، يعتبر تحرير تعز بداية نهاية الإنقلاب، ومنها بوابة استعادة الجمهورية من قبضة الإمامة، ولهذا يجب على القيادة العليا إدراك أهمية سرعة الحسم، وخطورة التأخير والتسويف.

الجمعة، 11 نوفمبر 2016

بريطاينا تعود اليمن في ذكرى جلائهم

بريطاينا تعود اليمن في ذكرى جلائهم


بعد تعزيز واشنطن تواجدها في مضيق باب المندب، عادت البحرية الملكية البريطانية اليوم إلى المياة الأقليمية اليمنية، ولهم أهداف مشتركة إلى جانب أهداف خاصة لكل طرف.

كشفت صحيفة «تايمز» اليوم عن وصول أحدث مدمرة بريطانية «إم إتش إس دارينغ» إلى سواحل اليمن، بهدف "حماية المصالح البريطانية من الصواريخ الإيرانية"، حسب مصادر الصحيفة.


تأتي عودة البحرية البريطانية إلى سواحل اليمن في عز بعض الاستعدادات المحلية لإحياء الذكرى الـ 49 لعيد جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن (في 30 نوفمبر 1967).

يثير التحرك العسكري البريطاني اللامتوقع عديد من التساؤلات حول الهدف المستقبلي الذي ستقوم به القوات الغربية المتوافدة تباعا إلى سواحل بلد غارق وسط الحرب منذ عامين.

الأهداف المعلنة حماية الملاحة في باب المندب، ومشاركة التحالف الدولي في الحرب ضد الإرهاب، وتثار تكهنات كثيرة حول مهام مستقبلية للقوات الغربية الواصلة إلى البحر الأحمر وخليج عدن.

تقول تلك التكهنات، لو عجزت قوات الشرعية عن إنهاء الإنقلاب، يرجح قيام القوات الغربية بإسناد خيار استقلال الجنوب، مستدلين بتحركات جنوبية ساعية إلى تحقيق هذا الهدف الأكبر، في نظرهم.!

مواقف واشنطن ولندن قبل وبعد الإنقلاب، و كذلك مجلس الأمن الدولي تؤكد على وحدة اليمن، وموقف التحالف والشرعية واضحا بهذا الشأن، وبالرغم من ذلك، تظل حسابات الغرب غير ثابتة.

سيبدد الحسم العسكري شمال البلاد كافة المخاوف، والغريب عدم اكتراث صانع قرار الشرعية والتحالف بمخاطر إطالة أمد الحرب رغم معرفتهم بتعقيدات المرحلة، واحتمال ترجيحها خيار استقلال الجنوب بدعم دولي.

الشرعية والتحالف والحراك يتعاملوا ببرود مع التحركات البحرية، ويحذر صالح والحوثي منها لأسباب تخصهم، وهناك مخاوف لدى الأحزاب من التواجد الغربي، فيما النخب جنوب وشمال البلاد ليست مهتمة بالأمر.

من الصعوبة الآن استقراء سيناريوهات المستقبل في اليمن، ومع ذلك، فكل الاحتمالات واردة بفعل تراجع وتيرة قوات الشرعية في إنهاء الإنقلاب شمال البلاد، يقابلها، عمل الحراك على فرض سلطته في الجنوب.


* محمد سعيد الشرعبي

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

مأساة فنية من المحيط إلى الخليج

مأساة فنية من المحيط إلى الخليج

محمد سعيد الشرعبي:

رحل الموسيقار الفذ والمطرب الخالد ملحم بركات، وكان رحيله موجعا، ويذكرنا بمأساة الفن العربي الراهن عامة، والفن اليمني على وجه الخصوص.

يغادر الحياة كبار المطربين، وتركوا مكتبة باذخة بالأعمال الفنية الخالدة، وقدموا فنا أصيلا أرتقى بذائقة الشعوب العربية وساعد في حشد الأحرار للخلاص من الإستعمار و الإستبداد.

يرحل عمالقة الفن، وتنعدم الأغنية الوطنية، وتسود التفاهة، ويتعملق الأقزام بفعل ترويج قنوات عربية لأصواتهم البائسة، علاوة على افتقادهم الموهبة.

منتصف القرن الفائت كان الفن الأصيل أحد عوامل تحرر الوطن العربي، وكان للفن دوره البارز في رفع وعي الشعوب، ومنع إندثار التراث العربي.

الآن، ورغم تعاظم الخطر على البلدان العربية، أولها اليمن والخليج، تستمر قنوات خليجية بترويج الفن الهابط وغير البعيد عن واقع العرب من المحيط إلى الخليج، ولكأنهم بعيدين عن واقع أوطانهم.

الأشد مضاضة أصبح الضجيج الفني الهابط منتشراً كالوباء، ويظهر كارثة ارتباط الفن بجشع الشركات التجارية الباحثة عن المال على حساب الإبداع الموسيقي والقيم الإنسانية.

المتابع للقنوات الغنائية العربية يدرك الانحطاط وتبعاته على الإنسان بعدما كانت الفن معبراً عن ذات وثقافة العرب، والصوت المدافع عن حقوق الشعوب في التحرر من الإستعمار.

 يزعم تجار الفن الهابط حرصهم على إبقاء الفن بعيداً عن واقع السياسية والصراع المتزايد في بلدان العرب، وهم بهذا التبرير يعبروا عن هروبهم من بطش الحكام، ويؤكدوا حقيقة اتجارهم بالفن.

بإستثناء قلة فنانين عرب، يعد الفن المتلفز لا قيمة له، و يشارك أربابه في استغفال الشعوب عبر تكريس الضحالة لدى الجيل الراهن الذين يعتمدوا بشكل أساسي على القنوات الغنائية والترفيهية في استقاء قيمهم وأفكارهم.

ومن أسباب تراجع الفن العربي ابتعاد الشعراء عن الشعر الغنائي المعبر عن شعوبهم المهددة بالفناء بمشاريع طائفية قذرة و إرهابية مرعبة، وهذا يدل على غياب المشروع الوطني والقومي.

الفن ليس صوت يردد، وموسيقى تعزف، وجسد يتمايل، بل رسالة ثقافية وحضارية تعزز القيم وتنشر أفكار، وينقل وعي الشعوب إلى ذرى الشعور الإنساني والوطني، ويبعث الذات من وحل اللاشعور.

محليا، من كوارث الواقع غياب الفن عن واقع المعركة الراهنة، وهذا يؤكد غياب الشعور التحرري في الأوساط الفنية والثقافية منذ سنوات، ولهذا حلت زوامل الإمامة بدلاً عن أغان الجمهورية.

بعد عامين من الإنقلاب لم يبزغ نجما يبدد ظلام البلاد، ولن نسمع عملا فنيا يساند حق شعب اليمن في إنهاء الإنقلاب واستعادة جمهوريته، واللافت اعتماد قنوات الشرعية على الفن الوطني لعمالقة الطرب اليمني، في مقدمتهم، أيوب طارش ومحمد مرشد ناجي.

مكمن المشكلة يعتبر محرك الإعلام والثقافة الجمهورية نخبة رجعية لا تؤمن بالفن، وليس في حساباتهم اذكاء مشاعل الغناء في مواجهة الإمامة عبر فتح الباب للشباب في التنافس والإبداع كما فعل الأحرار قبل وبعد ثورة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر.

تقول النخبة المعنية بالفن والثقافة بأن الفن لن يصنع انتصار، ويجهلون بأن اليمن يواجه جائحة ثقافية تزامنا مع مواجهة المليشيات، ومن يعرفوا حرص الحوثيين على إنتاج الزوامل يدركوا غايتهم الظلامية في ضرب القيم الجمهورية.

تحدث أبطال سبتمبر وأكتوبر عن دور الأغاني التي حركت الشعب للإطاحة بالإمامة وطرد المستعمر، والمؤسف، يأتي الأدعياء بعد نصف قرن للتقليل من دور الفن في زيادة تحصين الشعب من جائحة الإمامة والثورة المضادة.

هناك مطربين يمنيين كبار في دول الخليج، والأغرب، لم يخرج أحدهم بأغنية مساندة للأحرار بسبب وقوع  أغلبهم ضحية الإعلام المعادي الذي  يصور الأمر وكأنه صراع على سلطة وليس معركة فاصلة بين الجمهورية والإمامة.

= نشر في موقع المصدر أونلاين

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

دعوة للاستسلام لا السلام

دعوة للاستسلام لا السلام

محمد سعيد الشرعبي :


عاود المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ للحديث عن هدنة في اليمن بعد دعوة أمريكية وبريطانية لوقف إطلاق النار، والتصعيد العسكري على الأرض يؤكد عودتنا إلى ذات الملهاه.

تحالف الحوثي وصالح يعلن قبوله بالهدن ويشترط وقف غارات التحالف، ورفع الحصار العسكري عليهم في البحر الأحمر، وغايتهم ليست السلام، بل مزيداً من الحرب في الداخل بدليل تحركاتهم الميدانية.

يعتبر الحوثي وصالح الهدنة إخراج التحالف العربي كطرف من المعركة بما يمكنهم مواصلة حربهم ضد اليمنيين، وفتح طرق تهريب السلاح للمليشيات عبر سواحل تعز والحديدة، والهدنة السابقة خير شاهد.

هدف الإنقلابيين تحييد طيران التحالف عن إسناد قوات الشرعية في الجبهات الداخلية، وفتح طرقات التهريب بعد إشتداد الحصار البحري عليهم في باب المندب والبحر الأحمر.

تتفاعل النخب في الداخل والخارج مع دعوات وقف إطلاق النار، و ينادون بضرورة إحلال السلام بالرغم من قناعاتهم بعدم إلتزام الحوثي وصالح بأي هدنة تهدف إلى إيقاف الحرب وإنجاز تسوية سياسية.

عودة الدعوات الغربية والأممية لوقف الحرب تعتبر إنقاذ للإنقلاب، ولن يمارس المجتمع الدولي ضغوطات تلزم الحوثي وصالح تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، والأصح، أصبح قرار الحوثي وصالح بيد طهران، ولهم مصلحة كبرى في استمرار الحرب.

محليا، من يدرك إبعاد إنقلاب الحوثي وصالح على الجمهورية، وإشعالهم حرب واسعة ضد الشعب، لن يستغرب تهربهم من دعوات السلام، وبعد ايصالهم البلد إلى مرحلة الجوع لن يتوقفوا عن الحرب.

كما أن حربهم ليست مجرد إنقلاب يمكن إنهائه بعقد تسوية سياسية مع بقية القوى السياسية المناهضة لهم، ولكنها حرب مسنودة بمطامع إقليمية، وتحركها خرافة الحق الإلهي بالحكم، ولهذا يعد السلام معهم استسلام .

تتزايد حرب صالح والحوثي يوما أثر آخر، ولا يمكن لأحد وقفهم سوى بإنهاء إنقلابهم بالقوة أو تطبيق القرار 2216 ، ومقترحات إبرام تسوية دون الإلتزام بمرجعيات العملية السياسية تفخيخ للمستقبل.

الحكومة الشرعية مطالبة بالحسم، والأدهى الذهاب إلى تسوية تؤسس لحروب أخرى بغباء تقدير انعكاس المتغيرات الدولية على البلد تزامناً مع تزايد المآسي الحياتية.

هدر الوقت في ماراثون المفاوضات لن يوقف صالح والحوثي عن استعادة ما فقدوا، بل يمنحهم فرصة لإعادة الأوضاع إلى نقاط البداية، وتجربة الهدن السابقة تؤكد هذه المفارقة.

أقول دائما، الدعوات لإرساء سلام هش دون ممارسة ضغوط هدفها تطبيق قرار مجلس الأمن تقدم فرصاً إضافية للمليشيات للبطش باليمنيين، وإبقاء البلد في مهب الحروب الإقليمية.

ما يريده اليمنيين سلاما شاملا واستعادة مؤسسات الدولة لا استسلام لمليشيات الإنقلاب، والمقرف تسطيح المعركة الفاصلة بين أحرار الجمهورية وجحافل الإمامة في سياق دعوات البعض للسلام.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

صمت عن مجزرة سوفتيل!!

صمت عن مجزرة سوفتيل!!

محمد سعيد الشرعبي

ليلة أمس نشر إعلام الإنقلاب تحذيراً خطيرا حول مخطط استهداف المدنيين في مدينة تعز من قبل مدفعية " المنافقين"، وحدث العكس صباح اليوم.

لقد شنت مليشيات الحوثي قصفا عنيفا صباح اليوم على أحياء تعز من مواقع تمركزهم في تبة سوفتيل، وشارع الستين، ومطار تعز الدولي، وغيرها.

في وضح النهار ارتكبت المليشيات الإنقلابية مجزرة مروعة قتل فيها 6 مدنيين وأصيب 19 آخرين جراء سقوط قذيفة هوزر عليهم قرب المقوات الجديد في جولة سوفتيل.

شهود عيان ومصادر عسكرية أكدوا إطلاق مليشيات الإنقلاب عشرات من قذائف الهوزر من مواقعهم في مطار تعز الدولي بالجند نحو أحياء شرق المدينة، وسقطت أحد القذائف في جولة سوفتيل، وخلفت قتلى وجرحى بين المدنيين.

استبق اعلام الحوافيش مجزرة اليوم في جولة سوفتيل،  وأتهموا مدفعية "المنافقين" قبل ساعات من حدوثها، وبينت المعلومات أن قذيفة الهوزر قادمة من المطار بمديرية الجند!!

خلال عام ونصف لم تطلق المقاومة والجيش الوطني قذيفة واحدة تجاه الأحياء السكنية بمناطق سيطرة المليشيات شرق المدينة، وهذا دليلاً يدحض مزاعم واتهامات إعلام الإنقلاب.

في المقابل، تواصل مليشيات الحوثي دك أحياء تعز وقرى جنوب وغرب المحافظة بذريعة استهداف من يطلقوا عليهم "الدواعش، والمرتزقة، والمنافقين"، ولكن نيرانهم تطال المدنيين.

من بداية الحرب حصدت صواريخ ودبابات ومدافع مليشيات الإنقلاب حياة أكثر من 2000 مدنيا، كما خلفت آلاف الجرحى، وغالبية الضحايا من الأطفال والنساء.

التطور الجديد في خطاب وسائل إعلام الإنقلاب نشر  أكاذيب مسبقة تتهم قوات الجيش الوطني والمقاومة باستهداف المدنيين، وعلى الفور ، ترتكب مليشياتهم المجازر بدم بارد، وكانت البداية من مجزرة سوفتيل.

لقد انتقل إعلام الإنقلاب من مرحلة اتهامات قوات الشرعية عقب مجازر مليشياتهم ضد المدنيين في تعز إلى مرحلة نشر الاتهامات المسبقة، ويأتي هذا التطور بعدما لاقت مجزرتهم في منطقة بئر باشا غرب تعز سخط محلي و دولي واسع.

أمام هذا الإنتقال الخطير في إجرام المليشيات بحق سكان تعز يجب على قوات الجيش الوطني والمقاومة ومنظمات المجتمع المدني توثيق الجرائم، ونشرها في وسائل الإعلام بدلاً من الحديث غير الموثق.

اللافت اليوم عدم قيام وسائل إعلام الشرعية وناشطي المقاومة بأقل واجب في تناول مجزرة سوفتيل رغم ضرورة ذلك بهدف تعريف العالم بحقيقة الجرائم المستمرة للمليشيات في تعز.

رغم معرفتنا أسباب صمت بعض المنظمات الحقوقية على جرائم مليشيات الحوثي، فلا يمكن تفسير صمت ناشطين عرفوا بنشطاهم في كشف حقيقة مغالطات إعلام عصابة الإنقلاب.

الجمعة، 7 أكتوبر 2016

أكتوبر التحرير

أكتوبر التحرير

محمد سعيد الشرعبي

أيام تفصلنا عن الذكرى الثالثة والخمسين لثورة 14 أكتوبر 1963، وأكتوبر التحرير يعيدنا إلى اللحظات المصيرية في تاريخ اليمن شمالا وجنوبا.

والحقيقة التاريخية المشرقة في ثورة 14 أكتوبر أنها امتداد لثورة 26 سبتمبر، وتجسد في الثورتين الإرادة اليمنية الكبرى، وسيعجز أصحاب المشاريع الصغيرة عن تمزيق الروح وتقطيع الجسد.

لا أهمية للحديث عن ثورة 14 أكتوبر دون إلمام بكل أحداثها، ومعرفة ارتباطها بثورة 26 سبتمبر، وجهود أبناء الشمال  في صناعة الإنتصار الأكتوبري بإرادة تجاوزت كارثة الإمامة والإستعمار في تشطير الأرض وتجزأة الشعب.

مثلت ثورة 26 سبتمبر 1962 الميلاد الوطني الملهم لثورة 14 أكتوبر 1963، والسند الحقيقي لانطلاقة مواكب تحرير الجنوب بعدما أشرقت الجمهورية في شمال الوطن.

لقد كان للشعب اليمني مساراً تحررياً واحداً في درب الخلاص من الإمامة والإستعمار، وسارت كل الأحداث  التحررية للجنوب على هذا الأساس الوطني الراسخ.

وشارك أبناء الشمال في معارك تحرير الجنوب بدافع وحدة المصير والهوية، وكانوا من أبرز قادة ثورة 14 أكتوبر، وتشهد وديان لحج، وجبال الضالع، وشوارع وحافات عدن بعظمة بطولاتهم.

تقدم تلك الكوكبة الوطنية العظيمة الشهيد عبود مؤسس كتائب الفدائيين في ثورة 14 أكتوبر، وآلاف من الشمال الذين كان لهم دور بارز في دحر المحتل من الجنوب.

لم يقتصر دور الشمال بالشهيد عبود ورفاقه، بل كانت تعز ساحة تدريب ثوار 14 أكتوبر، ونقطة إمداد لأبطال التحرير من أول رصاصة إلى لحظة جلاء آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر 1967.

كما كانت إذاعة تعز صوت ثورة 14 أكتوبر المزلزلة للمتحل، ومن ميدان الشهداء في قلب الحالمة، طلب الزعيم جمال عبدالناصر بريطانيا العجوز بالرحيل من جنوب اليمن.

بعد نصف قرن، نتذكر تاريخنا المشرق رغم المآلات الكارثية التي خلفها إنقلاب عصابة المخلوع صالح على الوحدة صيف 1994، وما تبعها من تنكيل قذر للأرض والإنسان في الجنوب.

في هذا العام المرير، سيكون للذكري الـ 53 لثورة 14 أكتوبر وقعا مختلف عما سبق نظراً لاستمرار المعركة التاريخية اليمنية ضد مليشيات الإمامة التي أعادت الشعب بدايته التحررية.

لا فرق بين الظروف التي تعيشها اليمن منذ نكبة 21 سبتمبر 2014، واللحظات الأولى لثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، ودفاع أبناء الجنوب والشمال على الحلم  الجمهوري في ستينيات القرن العشرين.

نكبة الانقلاب ضمدت كثيراً من الجراح، وأعادت ترتيب الأولويات، ودفعت الشعب إلى درب معركة تحرير البلد من المستعمر الداخلي، وبرغم ذلك، تعمل مكائن التفتيت والفيد بغباء ضد الأهداف الخالدة لثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر.

التحديات الراهنة أجبرت الداخل والخارج على إبقاء البلد موحداً إلى حين إعادة صياغة الوحدة مجددا، وذلك في بناء دولة الدولة الاتحادية وفق مخرجات الحوار الوطني.

سنحتفل بذكرى الثورة الأكتوبرية مهما تعاظمت المآسي، و السؤال الآن: هل سيواصل منظمو ذكرى ثورة 14 أكتوبر في عدن تغييب دور الشهيد عبود ورفاقه؟؟

واجبنا تذكير الأجيال بأمجاد ثورة 14 أكتوبر وفاءً لتضحيات الأبطال من أبناء شعب اليمن في مختلف المراحل، وتأكيداً على حقنا في الحياة بوطن آمن ومستقر.

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

الشاعر والقائد أبو ماهر

الشاعر والقائد أبو ماهر

محمد سعيد الشرعبي

تبدأ الثورة بكلمة في وجه الحاكم الطاغية، وكان بين أبطالنا في ثورة 26 سبتمبر شعراء وأدباء فجروا الثورة الكبرى على الإمامة، ودافعوا عن الجمهورية.

شارك في إشعال أيلول الثورة، والدفاع المستميت على الجمهورية نخبة من الأدباء والشعراء، بينهم، الشاعر المنسي والقائد المغيب عن الذكر عثمان أبو ماهر.

للأسف، تمر أعياد ثورة 26 سبتمبر دون ذكر بطولات الشاعر الجمهوري الممزوج بتراب الأرض عثمان سيف المخلافي، المعروف بـ"عثمان ابو ماهر".

بقدر أهمية تراثه الشعري المعبر عن روح الثورية الفريدة، شارك البطل أبو ماهر في التصدي لفلول الملكية إلى آخر لحظات انتصار الجمهورية.

كلف عثمان أبو ماهر بمهمَّة مطاردة فلول الملكية، أولهم، الإمام البدر من مديرية وشحة في حجة إلى الخَوْبَة داخل الحدود اليمنية السعودية.

وكان للقائد أبو ماهر مع الأبطال الذين تحركوا نحو أوكار الإمامة شمال البلد دوراً حاسماً في إنهاء حصار السبعين على صنعاء، وحسم النصر للجمهورية على مخلفات الملكية.

في ذات الوقت نحت أبو ماهر روائع  شعرية غنائية وطنية، صدح ببعضها الفنان أيوب طارش، وفنانين آخرين، وتردد إلى يومنا هذا بحماس قل نظيره.

وتزامناً مع احتفالاتنا بالذكرى الـ 54 لثورة 26 سبتمبر، أحببت نشر أربعه نصوص من قصائده المغناة.

* أستهل رائعته "النغم الثائر" بتكثيف صورة لحظات فجر 26 سبتمبر، والفنان أيوب طارش خلدها بلحنه وصوته:

يا نسيمًا عابقًا كالزهَر
طيب الأنفاس عند السحر
يا جلال الحق صوت القدر
يا وثوب الشعب في سبتمبر
اسقني عدلاً أغذِّي عُمُري
في سلام الثائر المنتصرِ
مولدي أنتَ ونور البصرِ
ووميضٌ في دمي المُستعرٍ
ذكرياتي عِبرًا سطرتها
فوق هامات جبال العِبرِ
أنت يا أيلول فجري
بدمي سجَّلت تاريخي وفخري
فاخصبي يا أمُّ يا خضراء
ها أنا فجَّرت نهري


* خاتمة قصيدته "زغاريد الغيول"  يقول :

شلال وادي بنا شل العقول
وشلَ [لبين ] زغاريد الغيول
وحدة بلادي فغني ياحقول
غني لها عانقيها ياسبول

غنيت انا رأس عيبان الصمود
للأرض للشعب وللوحدة الخلود
وابصرت ردفان يحلف مايعود
لا الشعب شعبين ولانقبل حدود



* نهاية "نشيد المجد"، التي غناها أحمد المعطري، يؤكد بلغة القائد :

سنحمل أيلول فوق الرؤوس
ونعطيه أكبادنا والنفوس
يمانون أرواحنا ظله
بيوم الهجير وحر الشموس
أصرواح يا قصة الوالدين
ويا صنو ردفان عبر السنين
عصارة أيامنا لم تزل
منارًا لوحدتنا أجملا

* وفي ملحمة "القسم" أقسم على مواصلة درب الثورة بلا انحناء :

يمينًا بمجدك يا موطني
ويا مهد كل فتىً مؤمن
سأمضي على الدرب لا أنحني
ولن أتوانى ولن أنثني
شعاري الفداء والوفاء والتقى
مدى الدهر أخدمهُ موطني
يمينًا يمينًا يمينًا بمجدك يا موطني
أنا الثائر الحر رمز النضال
وجندي بلادي ليوم القتالْ
شربت المنايا كشرب الزلال
وتوَّجت بالنصر هام الجبالْ
وحدَّثني الصخر عند الصمودْ
لك الله فاصمدْ صمود الرجالْ
يمينًا يمينًا يمينًا بمجدك يا موطني

الأحد، 25 سبتمبر 2016

فرحة أيلول المجيد

فرحة أيلول المجيد

يعم أرض اليمن فرح عارم بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر المجيدة، ولا صوت يعلو الآن على هتافات الشعب الصامد في وجه نكبة المليشيات الإمامية.

الجماهير السبتمبرية في تعز ومأرب تزغرد للنصر المظفر، وتوقد شعلة الثورة الكبرى، ومدينة عدن تحتفل بطريقتها بالعيد العظيم في تاريخ اليمن.

بفرحتنا الخالصة لوجه الوطن نقول للتاريخ سيظل سبتمبر شهر تحررنا من الإمامة، وميلاد جمهوريتنا، وانتصار اليمن على أعداء الحياة، وعم خيرها شمال وجنوب البلاد.

في هذا اليوم الأغر، يؤكد شعب اليمن إستمراره في معركة تحرره الأكبر من الإنقلاب الإمامي وفاءً لقيم ومبادئ ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر رغم ظروفه السيئة.

لا شيء يوحد اليمنيين أكثر من ثورة 26 سبتمبر  باعتبارها بداية تطهر الشمال من دنس الإمامة، وشرارة فجر أكتوبر التحرير في جنوب الوطن.

تحاول الإمامة غرس أنيابها في شمال البلاد، وإعادة عجلة الزمن إلى قبل 26 سبتمبر، ولكنهم عاجزون عن تحقيق هدفهم اللعين نظراً لإنكسار مشروعهم على صخرة إرادة الشعب.

وتؤكد الفرحة الجمهورية المستمرة في مختلف مدن ومديريات اليمن فشل الحوثي وصالح في قطرنة وعي جماهير الشعب بعار إنقلابهم ليل 21 سبتمبر الأسود.

والاحتفالات الشعبية والنخبوية بالثورة السبتمبرية تقول أن 26 سبتمبر ثورة يمنية تلخص إرادة تحررية دائمة البقاء، وصخرة يحصبية تتكسر عليها الأوهام الإمامية الراهنة.

إنها فرحة فرحة أيلول المجيد، وذكرى ثورة تتدفق  في أوردة شعب يقاوم حتى اللحظة إجرام المليشيات المتوحشة التابعة للطاغية الزنيم والإمامي البليد.

وبلا شك، ستكون فرحتنا العظيمة يوم إنهاء نكبة الإنقلاب الإمامي بتحرير المدن، واستعادة الدولة، وبناء الجمهورية الثانية التي يضحي لأجلها شعب اليمن.

محمد سعيد الشرعبي

السبت، 24 سبتمبر 2016

ثورة اليمن ونكبة الإنقلاب

ثورة اليمن ونكبة الإنقلاب

محمد سعيد الشرعبي

تحل ذكرى الـ 54 لثورة 26 سبتمبر 1962 في لحظة فاصلة من معركة اليمنيين ضد المليشيات الإمامية بعد مرور عامين على نكبة إنقلابهم على الجمهورية.

يظل كلامنا عن 26 سبتمبر عاجزاً عن وصف ثورة وطنية كبرى غيرت مسار التاريخ في البلد، و بإرادة الأحرار تحرك اليمنيين بثقة في دروب التحرر من الإستبداد والإستعمار حتى النصر.

لقد أعادت ثورة 26 سبتمبر للإنسان اليمني ذاته في شمال البلاد المذبوح منذ ألف عام بسيوف الإمامة، وهيأت الظروف الموضوعية لتحرير مدن الجنوب من  الإستعمار.

وأكد أحرار الثورة السبتمبرية بدعم الكفاح المسلح لأبطال الثورة الأكتوبرية على وحدة الأرض والهوية والمصير بعد تكاتف الإمامة والإستعمار، ومن قبلهم، السلاطين على تشطير الوطن وتجزأة الشعب.

يقول الرئيس عبدالفتاح إسماعيل في مقاله المعنون بـ" ثقافتنا بين القديم والجديد" : "ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر مثلتا روح الجماهير اليمنية الناهضة، الرافضة للقديم المهترئ والمتعفن".

ولهذا سطر أحرار سبتمبر وأكتوبر الملحمة اليمنية الكبرى في دفاعهم عن النظام الجمهوري بالعاصمة صنعاء أثناء حصار السبعين تزامنا مع معركة تحرير الجنوب من قوات الاحتلال بإرادة وطنية رسخت كل معاني وقيم واحدية المصير الوطني.

تكللت التضحيات الوطنية شمالا وجنوبا في إعلان الوحدة الوطنية في 22 مايو 1990، ولكن الإمامي علي صالح انقلب على الوحدة صيف 1994، وظل يعمق المأساة اليمنية، وينقلب على الجمهورية من خلال محاولاته توريث الحكم لإبنه.

بعد عقدين من مأساة، أشعل الحراك الجنوبي ثورة على الطاغية في 2007، و أثمرت تضحيات شباب  الجنوب في تفجير ثورة 11 فبراير 2011، ونجح شباب الثورة السلمية في إسقاط الطاغية صالح من الرئاسة.

وفشلت دولة الوفاق عقب ربيع الثورة بإنهاء سيطرة الطاغية على قرار الجيش والأمن، لهذا خطط ونفذ الإنقلاب مع جماعة الحوثي على الجمهورية، وبدأت النكبة اليمنية مساء 21 سبتمبر 2014، وبعد ذلك، اشعلوا الحرب على إرادة الشعب.

من ذلك اليوم المشؤوم يناضل جميع أبناء اليمن سلمياً وعسكرياً للدفاع عن وجودهم وكرامتهم من خلال تحرير البلد من مليشيا الإمامة تمهيداً لبناء الجمهورية الثانية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني.

خلال عام ونصف من الكفاح المسلح، تمكنت القوات الجمهورية في الجيش الوطني والمقاومة من تحرير المحافظات الجنوبية وبعض المحافظات الشمالية، واقترب الأحرار من إنهاء نكبة 21 سبتمبر الإمامية بعد وصولهم إلى مشارف صنعاء.

جميع الحقائق التاريخية والتضحيات الوطنية تؤكد عظمة الإرادة اليمنية الموحدة في مواجهة الإمامة التي عادت مجدداً لاستعباد الشعب رغم عجزهم عن إعادة عجلة التاريخ إلى قبل  26 سبتمبر 1962 و 14 أكتوبر 1963.

تحل الذكرى الـ 54 لثورة 26 سبتمبر المجيدة هذا العام في توقيت استثنائي، وتعيد إلى أذهان الشعب تاريخ كفاح الحركة الوطنية في تخليص اليمن من  طاعون الإمامة.

يزيد الشعور التحرري في اليمن صلابة إرادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في استكمال تحرير البلد من مليشيا الحوثي وصالح ورفض الشعب الركوع لهم.

مهما بلغت التحديات ستنتصر الإرادة الجمهورية في نهاية هذا النزال التاريخي، وستنهزم عصابة صالح والحوثي بعدما حاولوا طمس قداسة جمهورية 26 سبتمبر من وعي اليمنيين بانقلابهم الإمامي في 21 سبتمبر.

وبلا شك، تظل معركة بناء مؤسسات جمهورية اليمن الإتحادي وبناء الإقتصاد الوطني وإعادة إعمار البلد التحدي الأكبر للحكومة الشرعية والقوى السياسية اليمنية بالشراكة مع دول الخليج العربي.

الخطوة الإستراتيجية الهامة لبناء اليمن الإتحادي نقل البنك المركزي إلى عدن لإخراج اليمن من بين أنياب عصابة إنقلابية أشعلت الحرب، وقتلت آلاف الأبرياء، ونهبت الخزينة العامة، واحالت الوطن إلى مقبرة.

في حواره مع قناة الجزيرة، تحدث الرئيس عبدربه منصور هادي بثقة غير مسبوقه، وأكد على تحمله مسؤولية دفع مرتبات موظفي الدولة، معترفاً بخطأ تأخير نقل البنك المركزي من صنعاء  إلى عدن.

أقول "رب نكبة نافعة"، ونكبة إنقلاب الإمامة مساء 21 سبتمبر 2014 زادت تمسك الشعب بالجمهورية، وتقديسهم ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، وكذلك حرصهم من أجل العمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

كما دفعت نكبة الإنقلاب الإمامي القذر دول الخليج إلى مراجعة حساباتهم، وإطلقوا عواصف عسكرية هدفها إنقاذ اليمن وحماية الأمن القومي العربي من مآلات النكبة بعد شعورهم بخطأ ثقتهم بالطاغية علي صالح.

وأدرك شباب اليمن خطر الإمامة الرجعية التي بعثها صالح والحوثي، وبفعل جرائم حربهم الراهنة تشكل وعي مجتمعي مناهض للامامة، وهذا لا يعفي الدولة الشرعية من مسؤولية تعميم ثقافة الجمهورية في الحاضر والمستقبل.

الأحد، 11 سبتمبر 2016

حرب وحقائق مغيبة

حرب وحقائق مغيبة

محمد سعيد الشرعبي

ليست كل معلومة قابلة للنشر، وغالبية التداولات  بعيدة عن الواقع نتيجة عبث مكائن الإستحمار في وعي المجتمع.

في الحروب والثورات هناك معلومة للنشر الآني، ومعلومات تنشر بعد الاستقصاء، وبعضها تؤجل للتوثيق التاريخي.

وفي بلادنا يسود العبث في التناول أو التسريب جراء تصادم مواقف القوى، وسباق الأفراد على المصالح، ولهذا تغيب الحقيقة وسط هدير الخصومات وعبث مكائن العصف الذهني.

ومن كوارث الحرب الراهنة استمرار تعقب المليشيات للصحفيين واعتقال بعضهم وملاحقة آخرين واغلاق الصحف تعممت سطحية التناول الأخباري للأحداث.

ونظراً لحجب غالبية المواقع الأخبارية، تركز الضخ الإعلامي غير الدقيق عن يوميات الحرب، والأحداث السياسية في موقهي (فيسبوك، تويتر)، وتطبيقات (تيليجرام، واتس آب) كآخر نوافذ متاحة للتواصل .

ولدى الحكومة الشرعية وتحالف الإنقلاب والأحزاب كتائب إلكترونية تقوم بمهمات الضخ الإخباري بشكل دائم، ويغلب تغطياتهم الآنية واليومية خفة التناول وغياب المهنية بإستثناء بعض تداولاتهم.

ظروف سيئة مكنت الكتائب الأمنية والحزبية نفث سمومهم بين الناس، ويتعمدوا تزييف الوعي بنقل غير أمين للأحداث، ويغلب على تداولاتهم شيطنة من يريدون دون إدراك خطر ما يفعلون..

وبفعل عبث تلك المليشيات الإلكترونية تحولت مواقع التواصل الإجتماعي إلى ساحات تصفية حسابات بين الأفراد والأحزاب وقوى الشرعية، وطرفي الإنقلاب.
.
تعمقت نظرة سوداء جراء زيف التداولات الأخبارية على مواقع وتطبيقات التواصل، وهذه أحدى تبعات الإنقلاب، وبإمكان مواطن محدود الوعي، القول : أخبار واتس آب أو فيسبوك!!!

بالفعل، ليس كل ما ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي يستحق الإلتفات عدا معلومات ينشرها بعض الصحفيين والناشطين تدفع بالمهتمين إلى البحث عن الحقيقة.

الوصول على المعلومات في اليمن مهمة شاقة أثناء السلم والحرب نظرا لغياب العمل المؤسسي، وانعدام قوانين تشرع الحصول على المعلومات، وفي الحرب الراهنة تعقدت أكثر من أي وقت مضى.

سيكون ممكنا الوصول إلى الحقائق بعد زوال ظروف الحرب وعودة الحياة إلى البلد، أما الآن، فالكل واقع تحت عبث الدخلاء على مهنة الصحافة والإعلام، واستمرارهم في قطرنة الوعي.

تضيع الحقيقة بفعل عبثية نقل الأحداث اليومية، ويغيب الرأي السديد والمنصف لحظة إحتياج الناس لذلك عندما تعصف بهم الخلافات ويدمي وعيهم نار المزايدات .

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

انتهازية وسط معركة

إنتهازية وسط معركة

بالأمس اعترضوا على قرار تعيينه مديراً عاماً لمكتب الشباب في تعز، واليوم يبعث أغلبهم تهانيهم بالثقة.
لا عيب على أحد لو غير موقفه بناء عن مراجعة موضوعية، أما إذا كانت تصدر لأجل مقايضات في الكواليس يظل حديث حرصهم على الخطوات الصحيحة لاستعادة الدولة مزيدات حزبية مقيتة.

شخصيا، لا أثق بثبات مواقف أكثر  المتحزبين بحكم معرفتي بتقلبات مواقفهم المعبرة عن سباق انتهازي حول مناصب وحصص قادتهم من مخصصات التحرير وبرامج الإغاثة.

مواقفهم السابقة تؤكد انهم لا يدركوا تنقاضاتهم ودونية غايتهم، ولا غرابة لو هدأت الضجة اليوم، وعادت غدا بسبب احتدام صراعهم على خلفية صفقات مشاريع الأعمار .

ما يحدث  ليس أكثر من تقلبات انتهازية والاخطر كونها وسط  معركة مصيرية، ولست بحاجة الآن لسرد حقائق تثبت نظرتي لضحالة تفكيرهم.

حينما يعلن حزب تأييده توجهات المحافظ بهدف  تفعيل المؤسسات، فالواجب العمل على ذلك، وإدارة خلافاتهم بصمت لأن نقلهم عبثية الصراع للإعلام يثبت تورطهم في تأجيج واقع تعز.

في تعز هناك صراع/سباق انتهازي ذميم بين لوبيات حزبية من بداية الحرب بدوافع انتهازية تزيد مأساة الواقع الذي يستوجب منهم تقديم معركة التحرير عن مصالح الشلل التي تمثل الوجه الآخر للمافيا.

الاستحمار السياسي لا يعد جديداً على تعز، وإنما تجسد حالة تهافت حزبي وقح على فتات الفساد، وتاريخهم أسود بهذه النقطة، وجميعنا يتذكر عار تفريطهم بكل تضحيات ثورة 11 فبراير 2011 من  أجل نصف حكومة.

وبسبب تدافعهم الانتهازي نحو قاع الجحيم تزايدت انقساماتهم خلال  مرحلة الوفاق، ولهذا تمكن المخلوع من اغراقهم في مستنقعات الفساد، فيما هو انشغل مع الحوثي بترتيب الانقلاب على الجمهورية.

ما أريد قوله هنا، ستجلب مثل الانقسامات الحزبية كوارث تعقد من واقع تعز، والأهم الآن الإبتعاد عن اللهث خلف فتات المناصب وتظافر الجهود من أجل استكمال التحرير.

كما يجب إيقاف جميع المتحزبين عن النيل من نبل رجال المقاومة والجيش الوطني بسبب مواقفهم من بعض القادة.

* محمد سعيد الشرعبي

الاثنين، 29 أغسطس 2016

تجار الحروب في اليمن

تجار الحروب في اليمن

محمد سعيد الشرعبي

في كل حرب، يوجد من يطلق عليهم "تجار الحروب"، ويتكاثر عددهم حين تغيب مؤسسات الدولة، كما هو حال الحرب الراهنة التي أشعل صالح والحوثي فصلها الأعنف بدايات 2015 بعد إنقلابهم على الشرعية.

على اختلاف تموضعاتهم، يستثمر تجار الحروب في اليمن أشلاء الأبرياء، ولا يهمهم تحويل البلد مقبرة، وانهيار الاقتصاد الوطني، وتزايد المأساة الإنسانية، كما لا يكترثون بتبعات إجرامهم على حياة الشعب، وجل همهم إبقاء سلطة العصابة المركز المقدس.

في تحالف الإنقلاب يحرص تجار الحرب على إطالة فترة حربهم الإنتقامية من الشعب مادام استمرارها تزيد ثرواتهم الخاصة، وتكسب ساستهم وداعميهم الإقليميين أوراق تفاوض في ملفات أخرى، الملف النووي الإيراني مثلاً.

لا يكترث تحالف الإنقلاب بمآلات حربهم الهمجية، وما يترتب عنها من انهيار اقتصادي، وأزمات إنسانية، كون الحوثيين جماعة تقتات من الحرب، فيما علي صالح طاغية ناقم، وله تاريخ في استثمار الحروب، منها حروب صعدة ضد حلفائه الحوثيين أو الحرب على الإرهاب .

يشترك تحالف صالح والحوثي في جرائم نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ويحتكروا تجارة أهم المواد الغذائية الدوائية والمشتقات النفطية، وفتحوا أسواقهم السوداء لنهب الشعب.

وتتجلى قذارة حربهم في حصارهم الخانق على تعز، ومنع الغذاء والدواء عن قرابة مليون إنسان يعيشون في أحياء المدينة في مرمى مدافع وصواريخ ودبابات الإنقلاب، ومكمن البشاعة استخدامهم جريمة حصار المدينة، ومحاولتهم المستمرة لعزل المحافظة عن الجنوب، ورقة ضغط رابحة في المباحثات السياسية.

على الضفة الأخرى، برز تجار حروب في رأس هرم الشرعية، ولهم مآربهم من إطالة زمن المعركة في أكثر من جبهة، وتأجيل الحسم، وتأجيج الإنفلات الأمني، وفتح أسواق سوداء في المناطق المحررة.

والأغرب يعمل تجار الحرب في صف الشرعية بشكل مفضوح سوءاً في تأجيل الحسم وافتعال أزمات حياة، أو تأجيج الإنفلات خدمة للإنقلاب، ورغم ذلك، لم يتحرك الرئيس هادي لوقف جرائمهم بحق الشعب، بل يمكن بعضهم من احتكار مقاولات بأسم الشرعية.

لا غرابة أبداً حين يحيل الأوغاد المعركة الراهنة من مفاصلة تاريخية بين الجمهورية والإمامة إلى موسم تجميع الثروات الشخصية، والمؤسف تحكم أغلبهم بقرار الشرعية.

بلا شك، يعد تجار الحروب المندسين بصف الشرعية من مخلفات سلطة النظام السابق، وبعضهم لم تمس تجارتهم في المدن الواقعة تحت سيطرة المليشيات، و يدفعوا سراً وعلانية لجماعة الحوثي مبالغ مالية تُسمى "المجهود الحربي"!!!.

ويخطط تجار الحروب في الجانبين من الآن لاستثمار مرحلة ما بعد الحرب، وبداية إعادة الإعمار في بلد مدمر تتجاوز فيه أضرار الحرب سقف 14 مليار دولار، طبقا لإحصائية أعدها خبراء البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي.

يتزايد عدد الفقراء، وتتكاتف مآسي الحياة في هذا البلد، في حين تتصاعد ثروات تجار الحروب في ظل اتفاقهم على إطالة جحيم الحرب، ونسف  عملية السلام دونما اكتراث بجرمهم بحق الوطن والمواطن.

تجارة الحرب في اليمن ازدهرت في عهد المخلوع علي صالح، وكان أبرز مستثمريها، إبتداءً من حربه القذرة في السبعينيات ضد الجبهة الوطنية (الإشتراكية)، وتوجها بحرب صيف 1994 ضد شركائه في الوحدة.

وبعد ذلك، فجر حروب صعدة عام 2004 للنيل من الجيش الوطني، كما وجد فرصته في الحرب على الإرهاب في السنوات الأخيرة من رئاسته، وبعدها، غادر الكرسي مكرها، واحتفظ بكل أدوات السلطة.

مرت سنوات الوفاق وسط حقول ألغامه، وقبيل الذهاب إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، دشن علي صالح وحلفائه الحوثيين إنقلابهم على الشرعية تزامنا مع إشعال نار حربهم ضد إرادة الشعب، وجلبوا على البلد عواصف التحالف.

تجار الحروب في اليمن

تجار الحروب في اليمن

محمد سعيد الشرعبي

في كل حرب، يوجد من يطلق عليهم "تجار الحروب"، ويتكاثر عددهم حين تغيب مؤسسات الدولة، كما هو حال الحرب الراهنة التي أشعل صالح والحوثي فصلها الأعنف بدايات 2015 بعد إنقلابهم على الشرعية.

على اختلاف تموضعاتهم، يستثمر تجار الحروب في اليمن أشلاء الأبرياء، ولا يهمهم تحويل البلد مقبرة، وانهيار الاقتصاد الوطني، وتزايد المأساة الإنسانية، كما لا يكترثون بتبعات إجرامهم على حياة الشعب، وجل همهم إبقاء سلطة العصابة المركز المقدس.

في تحالف الإنقلاب يحرص تجار الحرب على إطالة فترة حربهم الإنتقامية من الشعب مادام استمرارها تزيد ثرواتهم الخاصة، وتكسب ساستهم وداعميهم الإقليميين أوراق تفاوض في ملفات أخرى، الملف النووي الإيراني مثلاً.

لا يكترث تحالف الإنقلاب بمآلات حربهم الهمجية، وما يترتب عنها من انهيار اقتصادي، وأزمات إنسانية، كون الحوثيين جماعة تقتات من الحرب، فيما علي صالح طاغية ناقم، وله تاريخ في استثمار الحروب، منها حروب صعدة ضد حلفائه الحوثيين أو الحرب على الإرهاب .

يشترك تحالف صالح والحوثي في جرائم نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ويحتكروا تجارة أهم المواد الغذائية الدوائية والمشتقات النفطية، وفتحوا أسواقهم السوداء لنهب الشعب.

وتتجلى قذارة حربهم في حصارهم الخانق على تعز، ومنع الغذاء والدواء عن قرابة مليون إنسان يعيشون في أحياء المدينة في مرمى مدافع وصواريخ ودبابات الإنقلاب، ومكمن البشاعة استخدامهم جريمة حصار المدينة، ومحاولتهم المستمرة لعزل المحافظة عن الجنوب، ورقة ضغط رابحة في المباحثات السياسية.

على الضفة الأخرى، برز تجار حروب في رأس هرم الشرعية، ولهم مآربهم من إطالة زمن المعركة في أكثر من جبهة، وتأجيل الحسم، وتأجيج الإنفلات الأمني، وفتح أسواق سوداء في المناطق المحررة.

والأغرب يعمل تجار الحرب في صف الشرعية بشكل مفضوح سوءاً في تأجيل الحسم وافتعال أزمات حياة، أو تأجيج الإنفلات خدمة للإنقلاب، ورغم ذلك، لم يتحرك الرئيس هادي لوقف جرائمهم بحق الشعب، بل يمكن بعضهم من احتكار مقاولات بأسم الشرعية.

لا غرابة أبداً حين يحيل الأوغاد المعركة الراهنة من مفاصلة تاريخية بين الجمهورية والإمامة إلى موسم تجميع الثروات الشخصية، والمؤسف تحكم أغلبهم بقرار الشرعية.

بلا شك، يعد تجار الحروب المندسين بصف الشرعية من مخلفات سلطة النظام السابق، وبعضهم لم تمس تجارتهم في المدن الواقعة تحت سيطرة المليشيات، و يدفعوا سراً وعلانية لجماعة الحوثي مبالغ مالية تُسمى "المجهود الحربي"!!!.

ويخطط تجار الحروب في الجانبين من الآن لاستثمار مرحلة ما بعد الحرب، وبداية إعادة الإعمار في بلد مدمر تتجاوز فيه أضرار الحرب سقف 14 مليار دولار، طبقا لإحصائية أعدها خبراء البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي.

يتزايد عدد الفقراء، وتتكاتف مآسي الحياة في هذا البلد، في حين تتصاعد ثروات تجار الحروب في ظل اتفاقهم على إطالة جحيم الحرب، ونسف  عملية السلام دونما اكتراث بجرمهم بحق الوطن والمواطن.

تجارة الحرب في اليمن ازدهرت في عهد المخلوع علي صالح، وكان أبرز مستثمريها، إبتداءً من حربه القذرة في السبعينيات ضد الجبهة الوطنية (الإشتراكية)، وتوجها بحرب صيف 1994 ضد شركائه في الوحدة.

وبعد ذلك، فجر حروب صعدة عام 2004 للنيل من الجيش الوطني، كما وجد فرصته في الحرب على الإرهاب في السنوات الأخيرة من رئاسته، وبعدها، غادر الكرسي مكرها، واحتفظ بكل أدوات السلطة.

مرت سنوات الوفاق وسط حقول ألغامه، وقبيل الذهاب إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، دشن علي صالح وحلفائه الحوثيين إنقلابهم على الشرعية تزامنا مع إشعال نار حربهم ضد إرادة الشعب، وجلبوا على البلد عواصف التحالف.

الخميس، 14 يوليو 2016

قبل إسقاط تعز من الداخل

قبل إسقاط تعز من الداخل

محمد سعيد الشرعبي

حين يتخلى المسؤول عن واجبه، وينصرف نار سخط  الناس عن قضيتهم، وجب علينا لفت اهتمامات قيادة الشرعية بتعز إلى علاج الأسباب عوضا عن الغرق في الرد على ردود الأفعال.

 

قد تحط المناطقية من موقف مناهضي التشدد، في المقابل، ظروف الحرب ليست مهربا لقوات الشرعية والسلطة المحلية من تحمل مسؤولياتهم في حماية المواطن من الإنفلات بتعز.

 

واقتصار دور البعض بذم إنزلاق خطاب بعض شباب تعز إلى هاوية المناطقية تعتبر محاكمة انتقائية لردود أفعال كون التحذيرات لم تأتي بعد تحركات ميدانية تستبق الكوارث الآتية.

 

بإمكان هذا الطرف أو ذاك الناشط تبرير الإنفلات من زواية مصالحه، والأخطر تعاظم السخط الشعبي مع مرور الوقت، وعدم الإسراع بوقف الكوارث يحط من نبل موقف المقاومة.

 

تكمن قوة تعز في تنوع أفكار وتوجهات سكانها، ولن يستطيع طرف سياسي أوديني مصادرة حريات أبناء مدينة تعد قلب ثورة 11 فبراير، وقبل نصف قرن كانت منطلق لثورثي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر.

 

إذا غابت السلطة المحلية، وصمتت قيادات المقاومة والجيش الوطني سيتغلغل الإرهاب ويتزايد الإنفلات، وبعدها، سيصبح مناهضة انفلات الأمن معركة للفرز المناطقي والسياسي والديني، ولهذا تتطلب البدايات الكارثية معالجات جذرية.

 

يجب إنهاء أسباب تشدد/انفلات أولئك المسلحين، ومنعهم عن حشر أنفسهم في شؤون الناس، والأنفع لتعز الآن إطلاق حملة إنقاذية (أمنية، وسياسية، ودينية)، وإلزام كل مكون مقاوم بتوعية أفرادهم بمخاطر استهداف الحاضنة الشعبية لهم.

 

والواجب على السلطة المحلية التنسيق مع قوات الشرعية والإسراع في حملة ميدانية غايتها أمن المدنيين قبل أن يصبح الإنفلات خطراً يعجل من مخطط الإنقلاب لإسقاط تعز من الداخل.

 

ثمة فرص سانحة الآن لتأمين ظهر الأحرار بوقف تداعيات إنفلات الأمن، أولها، وقف جرائم السلب والنهب، وإنهاء التطرف الدخيل على روح المدينة الصامدة وسط جحيم مليشيات الحوثي وصالح منذ عام و نصف.

 

ستظل تعز قبلة للتمدن، وعاصمة للثقافة، وساحة للإبداع، و حاضرة التعدد السياسي رغم المحاولات المستمرة للكائنات الذميمة والمليشيات الإنقلابية الساعية إلى تحويلها إلى مدينة للأشباح.

 

ننتظر قيام المحافظ، ومدير الأمن، وقوات الشرعية بواجباتهم في تعز، ولكن :

 

أين السلطة المحلية؟

أين إدارة الأمن؟ ومن يعرقل عملها؟

أين قيادة مجلس تنسيق المقاومة؟

أين قيادة وضباط الجيش الوطني؟

ولماذا يصمت الجميع ازاء ما حدث؟

ومن يمنع إعادة تفعيل مؤسسات الدولة؟
 

الثلاثاء، 12 يوليو 2016

أين المقاومة مما يحدث في تعز؟

محمد سعيد الشرعبي

أين مجلس تنسيق المقاومة مما يتعرض له سكان تعز من قمع لحرياتهم، وتعريض حياتهم للموت برصاص مسلحين ومتشددين في الأحياء المحررة؟

الصمت عار وإلتزام الحياد حيال جرائم تمس حريات وحقوق الناس يدين قيادة المقاومة، والأشد مضاضة تبريرات بعضهم كل جريمة وانتهاك رغم علمهم بأن الإنفلات يخدم الإنقلاب.

نعرف جيداً دوافع من يحرضوا على الحريات العامة بكذبة "حماية الفضيلة ومحاربة المنكر"، و إرهاب منتقديهم، لكن لم نجد تفسير لصمت المقاومة إزاء هذه الجرائم.

يعيش المدنيين بتعز منذ عام ونصف وسط نار حرب الحوثي وصالح، وتتفاقم معاناة الحياة بسبب استمرار حصارهم على المدينة، وفوق هذا يتورط من يزعموا انتمائهم للمقاومة باستهداف حريات الناس.

للأسف، يتدثر العاهات برداء المقاومة، ويستهدفوا سكان مدينة تعز بمبررات غبية وذرائع واهية على غرار حماية المجتمع من الإختلاط.

فأين المنكر الذي يدفع بالكائنات العجيبة لمحاربة أنشطة ومبادرات مجتمعية، وتجريم لقاءات شبابية في أماكن عامة، وترهيب منتقديهم ؟

اللافت في الآونة الأخيرة اهتمامهم بسفاسف الأمور، ولكأن غايتهم تشديد الخناق على الحاضنة الشعبية للمقاومة، وما يثير مخاوف الناس صمت أغلب قيادات المقاومة، ومحاولة بعضهم التهوين من ذلك.

تخوض تعز معركة فاصلة ضد المليشيات، في حين يتفرغ الأوغاد لاستهداف العزل في مدينة متمدنة، ولم يجدوا من يردعهم، والأغرب تهوين بعضهم من تبعات الكارثة.

والتحريض على الرأي ومنع تنظيم الأنشطة في ظل غياب السلطة المحلية، وتراخي المقاومة عن القيام بواجبهم في وقف الإنتهاكات يؤسس لكوارث خطيرة لن يكون أحداً بمنأى منها.

خرجت المقاومة التعزية لحماية حقوق وحريات وكرامة أبناء المحافظة من المليشيات الإنقلابية، وليس لمصادرتها بكذبة حماية الدين بالتزامن مع اسكات منتقديهم بتوزيع الصكوك والتهم.

جنون المتشددين يوسع الهوة بين الناس والمقاومة، وهذا ما يجعلهم بصف المليشيات التي تواصل حرب إبادة تعز بالقصف والحصار، ولهذا وجبت مواجهة الطرفين بوقت واحد.

بلا شك، ترسخ جرائم التشدد والعمليات الإرهابية اعتقاد الحكومات الغربية حول تنامي الإرهاب في المناطق المحررة، بينها، مدينة تعز، والتي يصفها الإعلام الغربي بأحد بؤر نشاط التطرف.

ويوفر جنون المتشددين بتعز والإرهاب في الجنوب مبررات انحياز الدول الغربية للمليشيات، وتتجلى موقفهم في إجبار الشرعية على الرضوخ لتسوية مهينة مع الإنقلاب.

بالعودة إلى تعز، يجب على قيادة المقاومة والجيش الوطني والسلطة المحلية إدراك مخاطر تأخرهم في وقف تبعات التطرف وقمع الحريات على مسار معركة التحرير، والأمن والإستقرار مستقبلاً .

ليس مقبولاً الاكتفاء بالصمت أو التهوين عن موجة التطرف وقمع الحريات في توقيت حساس من عمر معركة تعز ضد الإمامة التي تكرس أدواتها لإلصاق تهم الإرهاب بالمقاومة التعزية.