الاثنين، 29 أكتوبر 2012

تعقيب على "الخطر القادم " للسعودي محمد الطميحي


محمد سعيد الشرعبي :
في مقال للإعلامي السعودي محمد الطميحي المنشور في يومية الرياض ،تحدث فيه الطميحي عن " الخطر القادم " من ايران وحليفهم اليمني "جماعة الحوثي " بموازاة ،حديثه عن انتصاراتهم في ضرب الحوثي وتنظيم القاعدة باليمن عبر التدخل المباشر ضد الحوثيين وعبر الجيش والأمن اليمني في مواجهة القاعدة ...
بلغة واثقة في غير محلها،اشار الإعلامي السعودي _ المذيع في قناة العربية _ محمد الطميحي الى ثمن الرد السعودي على الحوثي في 2009 ، "كان الرد قويا ورادعا سمع صداه في الضاحية الجنوبية لبيروت وطهران قبل جبال صعدة ، وكانت الرسالة واضحة بأن ترابنا (خط أحمر) "،حد تعبيره ..
ليس من الضروري للسعودية الآن تكرار تدخلهم العسكري والبلد على حافة الإندثار ،ولو يفهم صناع القرار في الرياض الخطر الحقيقي ،لأدركوا جذوره الداهمة على البلد والإقليم ،حينها فقط ،ستدرك المملكة مصلحتها بتفويت خطر الحوثي وإيران او القاعدة ،كما باتت تردد وسائل اعلامها ...
لو أرادت المملكة فعل شئيا يجنبها تلك المخاطر المحتملة ،يفترض بهم الإسراع في تحركاتهم السياسيه  والدبلوماسية بهدف عزل المخلوع علي صالح  كونه أكبر خطر مسكوت عنه ، بغية ايقاف تأثيره في هذه المرحلة وبذلك سينتهي مفعول قنابله الموقوتة التي هدد الداخل والخارج بها في معظم تصريحاته  ...

اتفق مع الطميحي بما يخص قساوة ردهم على الحوثي ،لكن اغلبه رداً عشوائيا ، و غير مدرك لمخطط المخلوع علي صالح بجر المملكة الى حرب مع الحوثيين لغايات ومآرب شخصية ،مهدرا سيادة البلد لغايات سلطوية خاصة ( التوريث) ،ولضمان استمرار الدعم السعودي لبقاء نظامه البلطجي في حكم البلد بالنار والقهر و ووو ..
في المقابل ،انساقت جماعة الحوثي ذاتها الى ملعب مواجهة السعودية ،بدوافع ذاتية ،وتماشيا مع مخطط المخلوع بوعي او بدونه ،وهذا ما يجعل من طرفي الحرب مجرد ادوات لحروب بالوكالة تعاني منها البلد حد اللحظة ،مضافا على ذلك عدم خسارة ايا من اطراف الحرب قوتهم ...
وبلا شك ، الشعب اليمني وحده من دفع الثمن القاسي ،بدليل حصول المخلوع على دعم سعوديا كبيرا يومها ويتدفق دعمهم له حد اليوم ،فيما جماعة الحوثي هي الآخرى زاد نفوذها وتضاعفت قوتها ،وكأنها لم تخوض حرب ..
كان بإمكان الاعلامي محمد الطميحي تحميل حكام بلده جزء من مسؤولية ما آلت اليه اوضاع اليمن حد جعل البلد مرتع آمن لجماعات العنف ،ولما يعتبرها تغلغل ايراني،لم تجد لها منفذ في حال تم تصحيح الاخطاء السعودية الفادحة في البلد ..

وما من مجال لتصحيحها سوى بدعم النظام الجديد برئاسة عبدربه هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة ،حينها لن تشعر السعودية من اي خطر قادمة من اليمن ،ولو وجد خطر في اسوء الاحتمالات ،فاليمن وحدها من تستطيع التعامل معه سلما وحربا ...

تحدث في المقال مقترح بالإسراع في " احتواء صنعاء من قبل مجلس التعاون الخليجي " ، فهل تذكروا الآن موقفهم السلبي من انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي ؟؟ ولماذا تقف المملكة حجر عثرة عن انضمام اليمن الى مجلسهم هذا ؟ ... فربما كانت البلد _في حال انضمامها الى مجلس التعاون _ تجاوز ازمتها الاقتصادية على الاقل ...

هناك مشكلة سياسية اخرى مرتبطة بسياسات المملكة في اليمن وهو تعاملها الاستثاني مع نظام علي صالح ما اغراه في هدر الدم اليمني بشكل وحشي خلال الثورة السلمية التي اندلعت مطلع العام الفائت ، لهذا يعتبر كثيرين من اليمنيين بأن المبادرة ولدت لإنقاذ المخلوع أكثر من اي غاية آخرى ،قبل خروج المبعوث الاممي جمال بن عمر بآلية تنفيذية للمبادرة صححت بعض اخطأ المبادرة ،ومع ذلك لا يزال الدعم السعودي مستمر للمخلوع ولولاها ما بقى صالح في الحكم يوما امام شباب الثورة ..


ويضيف الطميحي في مقاله "الخطر القادم "، بالاقتراح على دول الخليج : تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إقامة قاعدة بحرية في مدينة عدن تساهم في خلق تواجد خليجي عربي من خليج عمان على بحر العرب وحتى باب المندب على البحر الأحمر حتى تظل الحدود البحرية أيضا محصنة ضد أي محاولات مستقبلية للعبث بالأمن والاستقرار) ،طبقا لمقاله ...

اليمن قادرة على حماية ترابها الوطني في حال اسرعت المملكة لإنقاذ اليمن من خطر المخلوع منذ اندلاع الثورة بداية العام الماضي ،لكنها لم تفعل وتباطأت في التعاطي بحزم مع المخلوع،وكأن ابقاءه درسا لليمنيين والسعوديين في آن  معا ..

الآن ،بأمكان دعم التحول التأريخي في البلاد بشكل كبير وعبر قنوات رسمية لتعزيز بناء اليمن الآمن والمستقر بدون هواجس من احزاب المشترك او من حزب الاصلاح بالذات ،على الرغم من الموقف الايجابي للمشترك من السعودية رغم فداحة سياسيتها بحقهم منذ زمن .

جانب مشكلة اليمن عسكرية، وهذه مشكلة يجب أن تحل بهيكلة الجيش ،وبناء مؤسسة عسكرية على اسس وطنية ،لكن المشكلة الكبرى في البلد سياسية بفعل بقاء تأثير الرئيس المخلوع على المشهد ،وأيضا مشكلة اقتصادية كبيرة بفعل سياسية ثلاثة عقود من الافقار الممنهج للمواطن والنهب المنظم للثروات من قبل المخلوع وعصابته المدللين من قبل المملكة  حد اليوم .

اذا كان لدى لدى الجارة مخاطر حقيقة قادمة من اليمن ،فليفعلوا شئيا من اجل البلد واستقراره ،بدعم اقتصادي وسياسي _ وليس بإنشاء قواعد عسكرية _ لحكومة الوفاق الوطني والرئيس هادي ،لكي يتمكنوا من تجنيب البلد خطر المشاريع الصغيرة او التوغلات الخارجية منها الإيرانية التي يتم الحديث عنها بشكل رسمي  ..

والفقرة الأدق ،التفات الطميحي الى طبيعة المعركة القادمة او بالأصح معركة اقتصادية وتنموية في اليمن : تكمن الحاجة إلى بدء معركة جديدة في اليمن سلاحها الاقتصاد هذه المرة من خلال دعم المشاريع الإنمائية وتوجيه بوصلة الاستثمارات الخليجية في المجالين العقاري والسياحي إلى هذا البلد الجار المليء بالفرص الواعدة ، حتى لا يترك المواطن اليمني البسيط الذي يعاني من الفقر والجوع في مواجهة إغراءات القاعدة والوعود الإيرانية ..) ،حد تعبير الطميحي .. فمن يسمع ؟؟

هنا فقط ،وضع الطميحي قلمه على جوهر المشكله التي تعاني منها اليمن بفعل النظام الاستبدادي برئاسة المخلوع علي صالح _المحسوب على المملكة _ ، وبفعل وصلت البلد الى هذا الوضع المتردي المغري للتغلغلات الخارجية منها الايرانية التي تثير مخاوف المملكة ،وفي حال بقاء الأخيرة على سياستها ، فالبلد الواقع في مرحلة الانتقال السياسي ذاهب الى النهاية المأساوية التي ستكتوي المملكة وبقية دول الخليج بتبعاتها ...

الآن ليس من مصلحة اليمن،ودول الخليج وتحديدا السعودية البقاء في مربع الحديث عن المخاطر،لكن على الاخيرة ،اختصار الطريق بتوجيه دعمها الى مؤسسات الدولة ،كما يتوجب عليها العمل على انجاح الانتقال السياسي في البلد ،وإشراك جميع القوي السياسية والمجتمعية لإنجاز المشروع الوطني الذي فرضه شباب وقوى الثورة السلمية كواقع جديد لا مجال لأحد بالإلتفاف عليه ..

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

الهيكلة قبل الحوار


بقلم/ محمد سعيد الشرعبي
أعادت حادثة انفجار مخزن الأسلحة في معسكر السبعين _ قيادة قوات الفرقة الأولى مدرع _ بصنعاء ،مطلب اخراج المعسكرات من المدن وإبعاد الألوية العسكرية المحيطة بالعاصمة صنعاء وبقية مدن الجمهورية الى واجهة المشهد السياسي،فالعاصمة المطوقة بالمدافع والصواريخ والدبابات من كل اتجاه،آن لها أن تتخلص من هذا السياج العسكري المرعب والخانق لحاضر ومستقبل البلد،ولن يحدث أي تقدم في هذه المسألة قبل إقالة بقية القادة المنذورين بقرارات الهيكلة ..
انفجار مخازن بقيادة الفرقة التي يقودها اللواء علي محسن،واستمرار مخاطر بقايا النظام السابق في الانقلاب على الشرعية، علاوة على ذلك تهريب الاسلحة من ألوية الحرس، تُعد اجراس إنذار تدوي بقوة،واضعة الحكومة وبقية الأطراف السياسية المشاركة في العملية الإنتقالية والداعمين الإقليميين والدوليين لمبادرة الخليج امام التحدي الأكبر في المرحلة الانتقالية في ظل استعدادات مرتبكة للدخول في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب..
لم يعد مطلب هيكلة الجيش والأمن ،و اخراج المعسكرات من المدن وضواحيها مطلبا ثوريا خالصا،بل أضحى مطلبا شعبيا وسياسيا الآن ،باستثناء قلة مستفيدة من بقاء الاوضاع على هذا النحو المرعب للسكان والمعيق لتقدم عملية الانتقال السياسي في البلاد،وبالذات جماعات العنف التي يتنامى نفوذها في جنوب وشمال البلاد في ظل غياب الدولة ..
على جميع الاطراف الاقتناع بقدر التغيير، وتكثيف جهودهم المخلصة للوطن تمهيدا لحلول ساعة الصفر في أي لحظة ،والمتمثلة بصدور حزمة قرارات مفصلية وحاسمة ترفع سيطرة بقايا النظام السابق على الجيش والأمن ،ومن الضروري أن تأتي هذه القرارات بحلول استراتيجة في اطار هيكلة الجيش كمطلب سياسي وضرورة عسكرية وأمنية لا تقبل التأجيل .. 
هناك حديث عن تأجيل هذه القرارات ،لكن محاولة تأجيل صدورها الى ما بعد مؤتمر الحوار ،مجرد عبور غير آمن لقطار الوفاق السياسي ،ينتهي بفشل مؤتمر الحوار،كون مساعي وجهود التهيئة السياسية للحوار ذاتها لم تسجل أي تقدم يذكر ،وهذا ما يزيد الوضع تعقيدا في حال تضاعف هذه المشاكل القديمة الجديدة على استحقاقات الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية ..
قد يفشل أطراف الوفاق الانتقالي ومعهم رعاة المبادرة في تقديم ضمانات لقوى وأطراف خارج عملية الانتقال السياسي بهدف الدخول في مؤتمر الحوار ،كون اسباب الفشل مرتبطة بحالة انقسام الجيش والأمن ،وهذا ما يؤكده كثير من السياسيين والمهتمين بقراءة المرحلة الانتقالية في البلد ..
لهذا ،يتعين على الحكومة ،والمجتمع الدولي المساند لتوجهاتها استشعار خطر تأجيل قرارات ازاحة بقية القادة العسكريين الذين يمثلون حجر عثرة على تقدم إنهاء انقسام الجيش ،ويعملون على ترتيب أولوياتهم الانتقالية وفقا للوضع المحلي وضروراته ، وليس تماشيا مع رغبة المجتمع الدولي غير المكترث بتأجيل هيكلة الجيش ..
ما يعيشه البلد الآن من حالة انفلات غير مسبوقة نتيجة لانقسام الجيش والأمن ،يجعل من كل توجه سياسي رسمي ،أو بوادر لحالة اجماع وطني مجرد استنزاف للوقت وهدر للفرص الممكنة لإحداث انتقال تاريخي في البلد ،وفي حال تم ترحيل مسألة هيكلة الجيش ،يبدو أن البلد ذاهب الى المجهول ،كون البلد الآن مهيأ للانفجار أكثر منه للحوار ..
وبعيدا عن التنظير الفوقي للحوار من قبل كثيرين لا علاقة لهم بواقع الناس ،علينا أن نصغي و نضع مخاوف الناس في صدارة اهتماماتنا ،كون الناس أكثر دقة في تشخيص واقع يجدون انفسهم فيه ضحايا لمخططات جماعات العنف ومفخخات الموت التي تحصد ارواح اليمنيين دون توقف ..
من يحاولون القفز الى الحوار دون شعور وطني يستدعي منهم المشاركة في وضع حد لحالة الانفلات الأمني ،وتفكيك أي مخططات للتصعيد العسكري، يدفعون بالبلد نحو الهاوية ،كون التغاضي والتهوين من الحوادث الارهابية و الاجرامية والصراعات المسلحة التي تنهك حاضر البلد ،يعد مشاركة غير بريئة لنسف مستقبل مستقر في البلد، سيما و«القنابل الموقوتة» تواصل حصد أرواح الأبرياء في شوارع العاصمة صنعاء ،واغلب مدن البلاد التي تعيش في ظل غياب الدولة نتيجة تعثر الحكومة المركزية عن ضبط الوضع وإحكام سيطرتها على البلد بفعل مخططات بقايا النظام السابق وجماعات الموت يقابلها تراخي السلطات المحلية عن القيام بواجباتها في هذه المرحلة ..
أعتقد بأن وضع حد للانفلات الأمني وتفكيك أي مخطط للتصعيد العسكري أهم من القفز الى مؤتمر الحوار الوطني ، وعلينا ألا نهون من الوضع الأمني والإنساني المخيف الى هذا الحد كما يحاول البعض التهوين منه لغايات انتهازية في نفوسهم وعقولهم الخاوية من أي شعور بفداحة الذهاب بالبلد للحوار على فوهات المدافع والصواريخ والدبابات التي تخنق حاضر البلد وتنسف اي تطلعات بمستقبل آمن ..
من حق شعب قدم تضحيات كبيرة في الثورة السلمية وما سبقها من تضحيات أن يتطلع الى مستقبل آمن وبلد مستقر،وديمقراطية حقيقة في ظل تحييد الجيش والأمن عن الواقع السياسي،وهذا ما يستدعي منا فرض أولوياتنا الوطنية على القوى السياسية التي يُفترض منها الالتفات لمطالب وأولويات الشعب.
وعلى المجتمع الدولي قراءة الواقع اليمني كما هو لا كما يعتقدون ،فالدعم المحدود لإجراء الحوار ضمن دعمهم السياسي والاقتصادي لمرحلة الانتقال السياسي في البلد ،يجب أن يصب في دعم الرئيس هادي وحكومة باسندوة على انهاء اسباب الصراع والمُتمثل في انهاء انقسام الجيش والأمن كبداية عملية لهيكلة هاتين المؤسستين ،كون الذهاب الى حوار دون انهاء اسباب فشله المُبكر ،مجازفة غير مأمونة العواقب ،قد تخسف بالبلد الى مستنقع الحروب و التشظي ..