الثلاثاء، 12 يونيو 2012

ما بعد تحرير جعار و زنجبار


محمد سعيد الشرعبي
في اعتراف ضمني لهزيمتهم في مواجهة الجيش وفرار مقاتليهم من مدينتي جعار وزنجبار ،نشرت وكالة مدد الأخبارية التابعة لـ " تنظيم القاعدة في جزيرة العرب " على الموقع الإجتماعي الفيسبوك  خبرا جاء فيه  " أنصار الشريعة ينسحبون من وقار وزنجبار " في رد على اعلان وزارة الدفاع اليمني تحرير مدينة زنجبار صباح اليوم الثلاثاء بعد يوم من تحرير مدينة جعار بعد عام من سيطرة هذه الجماعة على مدن ومديريات ابين وإعلانها امارة اسلامية خاصة بهم قبل عام من الآن ..
وفي مفارقة مضحكة لجماعة ارهابية دموية تسبيح الدم اليمني وتكبد البلد خسائر اقتصادية فادحة ،برر مصدر اعلامي في جماعة أنصار الشريعة انسحابهم من جعار وزنجبار بـ " حقنا لدماء المسلمين خاصة في إمارة وقار " ،وهذا  ما يثير السخرية والمخاوف من مخاطرهم الارهابية  القادمة على الأمن والاستقرار في البلد ..
وفي ظل نفي الجماعة الارهابية للهزيمة على يد قوات الجيش واللجان الشعبية ،يبدو أن التعاطي الإعلامي لأنصار الشريعة موحدا ويحمل في ثناياه تهديدا يشي بمخطط انتقامي (الذئب المنفرد) يستهدف قوات الجيش ووحدات الأمن في ابين وغيرها الذين يخوضون حربا ضارية ضد هذه الجماعة الارهابية في حرب "السيوف الذهبية " ..
ليس هذا وحسب ،فالحرب مع القاعدة حربا حاسمة لن تنتهي بتحرير تلك المدن من سيطرة مسلحي انصار الشريعة ،بل بداية لحرب مفتوحة نظرا لما تُشكله تلك الجماعة من تهديدا الأمن والاستقرار والمصالح الأجنبية والمنشآت النفطية وغيرها من الاهداف الافتراضية لهذه الجماعة التي يتفق جميع  فرقاء العمل السياسي وأطياف المجتمع على ضرورة استئصالها من البلاد ..
من بداية سيطرتهم على ابين وعدد من محافظات جنوب وشرق البلاد قبل عام  ،توقع كثيرين قدرة الجيش في حال توفرت الإرادة السياسية والعسكرية على وقف تمدد هذه الجماعة الجهنمية و دحرها في اوكارها مهما حصلوا على  تسهيلات امنية في التنقل  ودعما عسكريا من قبل فلول النظام ..
كما أن المحافظات الجنوبية بشكل عام بئية غير حاضنة لمثل هذه الجماعات وفكرها الهدام ،وتجلي الرفض المجتمعي لهذا السرطان في المساندة الشعبية غير المسبوقة لقوات الجيش في حربهم ضد جماعة انصار الشريعة التي زرعها المخلوع علي صالح ونظامه الدموي ..
وبحسب اتهامات صريحة محلية ودولية ، ساعد صالح ونظامه هذه الجماعة في تمدد انشطتها والسيطرة على محافظات ومدن جنوبية لغايات خسيسة مختلفة ابرزها ضمان تدفق الدعم الدولي لنظامه ،وأيضا لضرب القضية الجنوبية العادلة بحرف انظار الداخل والخارج لمطالب الحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق قبل خمس سنوات لأسباب معروفة وبمطالب مشروعة ،ولا غرابة في رأي من يدرك بطش  دسائس النظام لو وصل الحد بأبناء الجنوب الى مطلب فك الإرتباط ...
وعودة الى موضوعنا ،يُعد انتصار قوات جيشنا البواسل صباح اليوم على مسلحي انصار " الشُعيرية " _ اقصد الشريعة_ في ابين  حدثاً متوقعاً وبداية لإنتصار متوقعا انجازه على جماعة دموية تثبت الاحداث توحد الشعب ضدها ونبذه لفكرها السرطاني المتذرع المغلف بوهم الدين من قبل عاهات مجتمعة محلية ووافدة تبرر جرائمهما بحق امن بلدنا واستقراره بذرائع واهية ابرزها نصرة الشريعة ... فعن اي يتحدثون عن نصرتها ؟؟ وممن ؟؟
حتما ستنهزم انصار الشريعة وغيرها من الجماعات الارهابية الظلامية العابثين بحياة الناس ومستقبل وطن ،لكن مواجهة جماعات ارهابية من هذا النوع  وتحديدا انصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة ،تستدعي من قيام الدولة بعدة تدابير عجلة واستراتيجة من خلال الجيش وأجهزة الأمن لمواجهة هذا السرطان المخيف ..
 يفترض بالدولة ممثلة بالرئيس عبدربه هادي وحكومته وضع وتنفيذ خطة امنية عسكرية متكاملة وصارمة لتأمين ابين وما جاورها لضمان هذا لانتصار وبما يخدم إعادة الاستقرار اليهما ، في حال وسارعت الدولة وأجهزتها المعنية في تنفيذ خطتها المنشودة ،اعتقد بأن استئصال سرطان القاعدة من ابين وأينما تواجد مسلحيها المناطق والمحافظات ..
وكما هو معروف على جماعات العنف بأسم الله او بأسم الشيطان،تنشط القاعدة وأخواتها في بئية يعاني سوادها من الفقر والتخلف ايضا،وجغرافيا سيطرة او تواجد انصار الشريعة دليل على ذلك ،علاوة استغلالها الممنهج لهذه الجزئية مكنها من تجنيدها عشرات من اليمنيين للقتال في صفوفها في معاركها بعيدا عن اي معايير عقائدية  كما عُرفت آليات القاعدة والانتماء اليها من قبل ... 
ولكي لا اقفز على واقع هش يساعد على تغلل او تمدد القاعدة وما عدها من جماعات العنف الدموي بشعارات نصرة الله وشريعته ،اثق بقدرة اليمنيين حكاما ومحكومين على الانتصار على جماعات العنف وتجفيف منابع فكرها الاجرامي اينما ولت ،في حال وجدت دولة القانون والعدل والمواطنة المتساوية ،وهذا حلمنا الجمعي المنشود لذا يستوجب منا العمل الجاد لإنجازه بلا تأخير ما دامت في قلوبنا ذرة حب وانتماء لهذا الوطن ...
واكرر يجب علينا العمل الوطني لتجاوز هذا الواقع المرعب الى واقع آخر تشهد فيه البلد عودة الأمن والإستقرار ،في حال توفرت الإرادة الرسمية والشعبية،وعمل الجميع على ابعاد البلد  وتحصين المجتمع من افكار الموت وجماعات العنف الوافدة من خارج حدود البلاد والطارئة على مجتمعنا الواعي بمخاطر العنف والنابذ لأفكار التطرف ...

الاثنين، 11 يونيو 2012

حلم المدنية والمتشدقين بها !!


محمد سعيد الشرعبي :
لقد انتهى عصر الشعارات والى غير رجعة ،وبدأ زمن العمل والتفاعل مع قضايا البلد وفقاً لمتغيرات الواقع الجديد  الذي فرضته الثورة السلمية ،ولهذا الواقع المغاير للماضي  ادواته السلمية وتعبيراته  السياسية والمدنية ،وجميع القوى الفاعلة في المجتمع في امتحان حقيقي وتأريخي بين التعاطي الإيجابي  او السلبي مع متغيرات ما بعد الثورة وتحديدا توجهات بناء الدولة المدنية كمطلباً شعبياً لا خلاف عليه  ...
ثمة توجهات جادة وأخرى استعراضية على طريق بناء الدولة المدنية ،وفي الايام الأخيرة بدأت قوى قبلية بحشد شتاتها  وإشهار تكتلات سياسية والبقية ستعلن تماشيا مع الواقع الجديد الذي لا مكان فيه لأي جماعة او تكتل خارج الإطار السياسي المحتدم في البلاد ،ورغم الفارق بين القوى ومعايير الانضباط بمقتضيات التمدن في الدولة المنشودة ...
في حال اقتنع رموز قبائل اليمن بالدولة المدنية دولة القانون والعدل والمساواة بدلا من تحويش مناطق شاسعة خارج نطاق الدولة ،وصدقوا في توجهاتهم الجديدة بالعمل الجاد على تحويل ما يرفعون الآن من شعارات الى واقع عملي ،اعتقد بأن جميع الفعاليات السياسية ودعاة الدولة المدنية سيشاركون وبإخلاص في احداث هذا التحول الممهد لبناء الدولة اليمنية الحديثة الذي نضال اليمنيين من اجلها ومنهم ابناء شباب ورجال القبائل ..
 في حال تحرك عجلات القبيلة نحو التمدن لن يستطيع كائنا من كان التشكيك في نوايا هذا او ذاك ،لأن التكتلات القبلية ينقصها العمل الجاد مع بقية مكونات المجتمع للمضي نحو الدولة المدنية ،لذا بالإمكان نجاح وتعدد نماذج تمدين القبيلة  التي تعد الضحية الأبرز لغياب الدولة طيلة العقود الماضية لصالح سيطرة المشائخ في معظم محافظات شمال البلاد ...
بلا شك ، هناك ازمة ثقة  كبيرة بين القبائل وفعاليات المجتمع المدني ،لكن لا اعتراض لأي يمني عن واجبه في المشاركة في مساعدة القبائل على الانخراط في الدولة المدنية في حال وجد توجهاً مدنياً حقيقياً لقبائل اليمن ورموزها لو كانت توجهات نابعة عن قناعة تامة بالدولة المدنية وما ترتب عليها من التزامات سلمية من قبل الجميع ...
بل على العكس من توقعاتهم بتعالي فعاليات المجتمع المدني عن حلم ابناء القبائل بالدولة المدنية  ، يناضل اليمنيين منذ عقود بمختلف اطيافهم لإخراج القبائل من قبضة اللادولة والعودة الى حضن الدولة العادلة التي يفترض بالجميع العمل لبنائها ،واعتقد بأن الثورة السلمية كانت بداية مشجعة لتقارب المجتمع المدني مع ابناء القبائل في ساحات الثورة بمعزل عن سيطرة دولة المشائخ ..
لهذا يجب تكثيف الجهود من قبل الجميع ولإحداث هذا الانقلاب الجذري في الوعي القبلي  وما عدا ذلك ستظل القبيلة خارج الدولة والتعبيرات العصرية ،لكن الأمل كبير لإنجاز هذا التحول في عمق القبيلة نظرا لوجود نماذج مدنية مشجعة من ابناء القبائل  ..
هنا فقط يجب أ تتوافر الإرادة الجادة والسلمية لتمدين القبيلة وتحويلهم الى مجتمع منتج بدلا من ابقائهم كقوى مجتمعية خارج العصر والتأريخ نتيجة سيطرة الوجهات القبلية على انفاس الناس العاديين الحالمين بدولة العدل والأمن والإستقرار  ،ولو اتثبت الأحداث الراهنة بمحاولات المشائخ  ابقاء القبيلة عائقا كبيرا في طريق بناء الدولة المدنية الحديثة ،فالمدنية ستتجاوز اسوار الماضي المضروبة حول مضارب القبيلة  ..
وبين واقع مرتبط بماضي اللادوله وتوجهات معلنة عن نية البعض اعتزامهم الذهاب الى المستقبل بأدوات وتعبيرات العصر ومن يعتقدون بإمكانية الذهاب الى المستقبل من خلال رفع شعارات الدولة المدنية جنبا الى جنب مع قاذفات rbg وصواريخ  لو  ومواكب المرافقين المدججين بالأسلحة ،واهما ولا علاقة لهم بالواقع المدني الجديد الذي يجب أن يُؤمن به الجميع ويعملون على تهيئة الأجواء لسرعة انجازه  ..

وبقدر ما يُمثل الشعور الشعبي بالحرية والتغيير ومطلب الجماهير بالدولة المدنية الحديثة الذي يشكل السلاح السلمي الأمضى في سبيل بناء الدولة ،قد لا يُشكل  كل اشهار سياسي قبلي مؤشرا على قناعة رموز القبائل بجنوحهم نحو المدنية وتعبيراتها السياسية السلمية كما لا يُعد ما ترفعه من شعارات توقفها عن ممارساتها الماضوية ،كون اكثر المتشدقين بالمدنية مثقلون برصيد سيء يتعارض مع الدولة وأبجديات التمدن  ..
وقبل هذا كله ،يجب أن يفهم المهرولون نحو المدنية ليست ايقونة للزينة وترديد شعارات المدنية دليل على تغيير السلوك السياسي لهذا او ذاك ،واخشى أن تكون المدنية مجرا شعارا يرفع كضرورة سياسية  او كلام يردد بلا استيعاب من باب مواكبة التغيرات الحاصلة في المشهد السياسي بفعل الثورة السلمية ،يُقبل عليها البعض دون وعيا كاملا بمقتضيات التمدن وواجباته في حياة الافراد والجماعات ...
المدنية ليست لازمة بلا معنى ،بل ممارسة وفعل نضال سلمي عميق بأدوات العصر غير الجارحة ، ينتهجه الافراد أو التكتلات  والأحزاب والجماعات ،ومع هذا يظل معيار التمدن مرتبط  بتفاعل دعاة المدنية مع المجتمع وفعاليته السياسيه في ممارسات يومية  منسجمة مع روح المدنية ودولة القانون  ..
وبالعودة الى موضة التشدق بالمدنية من الافراد والجماعات وبالذات القبائل المعروفة في اليمن بعيشها خارج دولة القانون،تفي حين ُتشكل الاداءات السيئة والمنافية للقانون والتوجهات المدنية من قبل رموز قبليين كثر خلال العقود الماضية عامل صد نفسي كبير لدى اليمنيين بمختلف توجهاتهم ،ولو كانت النوايا صادقة لدى هذا او ذاك   ..
لا نعيب قبلياً يؤمن بالمدنية و دولة القانون ،لكن تأريخا من سلبية الممارسات في الشأن العام لمن اسلفنا ذكرهم ،تفقد ما يعلن من توجهات مدنية  لبعض الوجهات القلبية مصداقية تلك التوجهات  ،لهذا علينا الاعتراف بوجود ازمة ثقة كبيرة بين الناس ومن يتشدقون بالمدنية من القبائل وغيرهم ..
وفي ظل بقاء القبلية وجهات وتكتلات ما قبل الدولة عائقاً في طريق الدولة المدنية ،اعتقد جازما بأن اي تجربة لأي طرف قبلي ستنتهي بالفشل ما لم تتوافر النوايا الصادقة و توجهات جادة تعززها الممارسات السياسية المتناغمة مع التوجهات روح الدولة المدنية  ..
وعليه يجب أن ندرك بأن المدنية مخرجا آمنا للبلاد والعباد من الفوضى وحالة اللااستقرار التي تعيشها البلد من عقود خلت ،وبقدر ما هي امتحان نضالي لا نهاية له ،فالمدنية سلوكا وممارسة رفيعة وسامية وليست ايقونة للإقتناء اللاواعي في نظر من يرفعونها - هذه الايام - بوصفها شعارا براقا يبروزون من خلالها تكتلات قبلية وجهوية من عصر ما قبل الدولة تماشيا مع المرحلة دون التزام بمسؤولياتهم نحو الدولة والمجتمع  الثائر وتضحيات الناس العاديين من اجل تحقيق الحلم اليمني بالدولة اليمنية الحديثة ..