الخميس، 29 ديسمبر 2011

صحافة بدون " شاطر "

محمد سعيد الشرعبي

بهجة وفرحة عارمة عمت الوسط الصحفي برحيل مُعسكر الصحافة اليمنية من ثلاثة عقود، فبعد الغياب الإجباري لنائبه في أسبوعية «26 سبتمبر» («13 يونيو» سابقاً) والسكرتير الإعلامي لصالح عبده بورجي عن المشهد السياسي العام في البلاد بداية يوليو 2011، لم يصمد علي الشاطر في دائرة التوجيه المعنوي التي كان يعتبرها مؤخرة لدار الرئاسة لأكثر من سبعة أشهر في منصبه أمام طوفان الثورة الذي اقتلعه أمس الاثنين اقتلاعاً بفعل احتجاج سلمي لموظفي التوجيه الذين هتفوا من عميق قلوبهم «لا شاطر بعد اليوم» و«لا للظلم.. لا للاستبداد، نعم للحرية» في مكان لا يسمع فيه غير أنين ضحايا الشاطر علي من صحفيي وموظفي التوجيه منذ زمن.

هب وزير الدفاع لاحتواء احتجاج منتسبي «26 سبتمبر» الذين أعلنوا تعليقهم صدور أسبوعيتهم وإغلاق مطابع الدائرة حتى إقالة الكابوس علي الشاطر، اقر لهم الوزير بألا صلاحيات لديه بعزله أو إقالته، وأصدر قراراً قضى بتكليف اللواء علي محمد صلاح نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة «لتسيير أمور دائرة التوجيه» وبإشراف لجنة شكلها موظفو الدائرة. مثّل الشاطر لغز ثلاث جمهوريات (الحمدي، الغشمي، صالح) مرت عليه وهو في رئاسة هذه الدائرة التي تتبع دار الرئاسة وليس وزارة الدفاع، وهنا تكمن عُقدة الرجل، وسوء تعامله مع منتسبي هذه الدائرة العسكرية التي يعتمد عليها صالح ونظامه ويخصص لها ميزانيات خيالية تخدم توجهات صالح ونزواته الاستبدادية على أكثر من صعيد وبالذات الإعلامي والسياسي.

كان الشاطر علي في عصر ولي نعمته علي صالح كابوساً يؤرّق منتسبي هذه المؤسسة العسكرية، حكمها الرجل لعقود ثلاثة بعقلية شمولية غير مسبوقة في شموليات الحكم في الكون، ولإثبات ولائه لعلي صالح ترصد موظفيه وفرض حظراً على تحركاتهم ومنع معظمهم من مزاولة أي عمل آخر خارج إطار الدوام الرسمي، وله مع كل حر أو إنسان ناجح في دائرته قصص تعذيب وتنكيل وتتبع حد وصول إصابة عدد منهم بأمراض نفسية وقرارات فصل تعسفي من الوظيفة العامة طالت مئات من منتسبي هذه المؤسسة التي يحكمها مزاج العميد الشاطر وتقارير مخبريه الذي يطلقهم كالجراد في كل اتجاه لرصد أنفاس البشر...

بالفعل، ما حصل أمس الاثنين من احتجاج سلمي في مؤسسة عسكرية فشل بقايا نظام صالح وبلاطجتهم من فضه بالقوة التي قوبلت ببسالة وصمود، يعد خطوة غير مسبوقة في التوجيه المعنوي ومفاجئة غير متوقعة في هذه الأيام الاستثنائية. وضع أحرار التوجيه المعنوي نهاية للكابوس الشاطر علي، وخطوا بموقفهم هذا نهاية تليق بمستبد صغير تفرعن بسادية مقرفة على شريحة نوعية من منتسبي الجيش اليمني الذي يكابد أفراده مصاعب الحياة بعيداً عن الشاطر ونظامه. العمل لديه محصور بين التنفيذ والزنزانة ولا بديل ثالثاً في مهنة أصابها الشاطر بلعنة «الميري».

ولأن لكل طغيان وطول بقاء الشاطر ألف مبرر موضوعي، نعود إلى بدايات الرجل في تسلق المناصب وتسلله إلى قائمة رجال القصر، يعُرف عن هذا المخلوق العجيب ارتباطه بصالح قبل طموحه الذي تحقق في 17 يوليو 1978 في حكم اليمن خلفا للرئيس الغشمي، عرف من يومها علي حسن كشخص مخلص لصالح فقط، وشاطر في محاكاة تقلب مزاجه، ولأنه كذلك وأزيد، تعمر الرجل في منصبة في التوجيه المعنوي حتى نهار يوم أمس الأول.

حاول الرجل باكراً وبشكل مقلق البروز كقطب مؤثر في نقابة الصحفيين اليمنيين بعقلية عسكري أبله، قبل وبعد الوحدة اليمنية، ونجاحه في تنسيب عشرات ومن ثم مئات من أفراد دائرة التوجيه في نقابة الصحفيين فتحت شهيته ونائبه عبده بورجي لدور أكبر خدمة لأجندة صالح ونظامه الاستبدادي، ومع ذلك كان أعضاء النقابة ومجالسها منذ تأسيسها يقابلون كل توجه من هذا القبيل بيقظة وتحدٍ، يحسب لكوكبة عظيمة من الصحافيين اليمنيين، لا يتسع المجال لذكرهم...

يقال إنه صاحب فكرة تغيير اسم صحيفة «13 يونيو» إلى «26 سبتمبر» في 26 سبتمبر 1982، وهذا قرار من مئات القرارات التي أصدرها علي صالح لطمس مرحلة عهد الرئيس الحمدي الذي أصدر صحيفة بيوم إطلاق حركته التصحيحية في 13 يونيو، وهذا ما كان يستفز صالح عقب توليه الحكم ولأكثر من ثلاث سنوات، ليبدأ بعدها مشروعه الخاص الذي كان يتمثل يومها بالانفراد بالحكم والانقضاض على كل إنجاز لأسلافه وبالذات الرئيس إبراهيم الحمدي.

وبطرقه وأساليبه ذاتها في القتل والقمع تحول صالح إلى مستبد وطغياني أعمه، ومن حوله نبت مستبدون صغار، صاروا - بدورهم - كوابيس أبدية، تئد كل حلم وتهد كل طموح فردي أو جماعي دون مبرر. الشاطر المتهم برئاسة المطبخ الإعلامي لصالح وبقايا نظامه واحد من هذه الكوابيس التي ثار الناس ضدها في ثورة شعبية سلمية طموحة تبدأ من إسقاط صالح ونظامه العائلي وكبار معاونيه -على غرار الشاطر- ومحاكمتهم على خلفية تورطهم في قتل شباب الثورة والمدنيين في أكثر من مدينة يمنية.

الآن وبعد رحيل علي الشاطر من دائرة التوجيه بقرار تكليف وزير الدفاع لنائب رئيس هيئة الأركان لإدارة شؤون التوجيه المعنوي لنظام علي صالح، ومغادرة عبده بورجي خارج اليمن والى غير رجعة، يبدو أن المشهد الصحفي نظيف للغاية على غير عادته، وفرصة مواتية لتدشين مرحلة جديدة من العمل النقابي، يفترض بنقابة الصحفيين تبنيه، بهدف الإسراع بعملية الارتقاء بمهنة الصحافة دونما تبرير للعوائق التي كان نظام صالح عبر الثنائي المقيت (بورجي والشاطر) يفتعلها لإعاقة كل خطوة هادفة للقيام بإحداث يخدم المهنة ومنتسبيها...

وتستمر مسيرة الحياة ... !!


وتستمر مسيرة الحياة ... !!

محمد سعيد الشرعبي
تأكيدا للنهج السلمي لثورتنا المباركة، وامتداد للتصعيد الثوري المطالب بإسقاط صالح وعائلته الحاكمة ومحاكمة كافة قادة حروب صالح ضد شعبنا الثائر و كل ضالعُ في مجازرهم ضد شباب الثورة السلمية في مختلف ساحات الحرية وميادين التغيير ،تخرج تعز بكل شموخ مدني من تحت ركام حرب الابادة التي تعرضت لها لأكثر من نصف عام معلنة مرحلة جديدة وغير مسبوقة من مراحل التصعيد الثوري السلمي من خلال مسيرة الحياة الراجلة التي انطلقت من ساحة الحرية فجر الثلاثاء الفائت صوب ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء في رحلة شاقة للخلاص في سبيل البحث عن حياة جديدة في ظل دولة مدنية ديمقراطية يسودها السلام والعدال والمواطنة المتساوية ..
ولدت مسيرة الحياة فكرة من رحم الأمل في عز معاناة تعز تحت نار آلة الحرب لقوات صالح التي مُنيَ بهزيمة نفسية بعد فشله بحرف مسار السلمي للثورة وجرها نحو العنف والعنف المضاد انطلاقاً من محافظة يتفق كافة ثوار اليمن بأنها " قلب الثورة"، لهذا سير آلاف من شبابها مسيرة راجلة وسط مخاوف كثيرين من مخاطر أمنية قد تطال مسيرتهم وتبعات قطع مسافة تزيد عن 270 كيلو متر ،لم يأبهون بكل هذا ،واجبروا كل قادر على السير في مسيرتهم التي يتزايد اعداد المشاركين من المدن والقرى التي يمرون بها على امتداد خط السير ،وما يزيد من عظمة هذه المسيرة سباق احرار اليمن للاحتفاء بهذه المسيرة التي نتمنى ان تصل الى غايتها دون تعرضها لأي مكروه بأذن الله ..
هذه تعز خالصة بدون شوائب ،قلبنا الهادر بالفعل الثوري الخلاق ،وقبلة اللاعنف التي نصلي نحوها بيقين تعبدي آناء الليل واطراف النهار، وكلما غفت الثورة واصاب المشهد شئياً من الجمود وضخ بقايا النظام سيل من الشائعات لإحباط الثوار في ساحات الاعتصام على امتداد اليمن ،تقفز تعز الى صدارة المشهد بتصعيد نوعي يعجز المتربصين بالثورة من التصدي له ،ولذا كان لابد من تصعيد نوعي يدفع بموج الثورة نحو عاصمة يخشى كثيرين من تجمد العمل الثوري لأكثر من سبب وسبب في لحظة فاصلة من عمر ثورة عظيمة في مواجهة حكم الفرد وطغيان عقليات الحروب والخراب الذي يمثله صالح ونظامه الطغياني الأهوج ..
تبرهن تعز ومعها كل اليمن سلامة روحها المتمدنة التي لم تموت بفعل حرب الإبادة التي تتعرض لها مدينة تعز ومديريات شمال صنعاء واحياء شمال العاصمة ،وفي ذروة موسم الصقيع الذي يعم مناطق مختلفة من الجمهورية ،صعد ت مواكب مسيرة الحياة نقيل سمارة بسلام ومرت بمنطقة كتاب وحلت في مدينة يريم ليلتحم معها ابناء دمت ،ولازال رُسل السلام يواصلون مسيرة صعودهم الى ذروة الحلم اليمني وصولاً الى ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء ..
وبمسيرة الحياة، يعيد شباب الثورة من مختلف قوى الثورة واطياف العمل السياسي اليمني الى آذهان العالم غير المكترث بحقنا في الحياة، مسيرة الملح _إحدى حملات اللاعنف _ التي قادها الهندي العظيم مهاتما غاندي من "سبارماتى أشرام" إلى "داندي" في 12 مارس عام 1930 م ،احتجاجا على ضريبة الملح البريطانية في "الهند البريطانية" وعلى طول الطريق انضم إلى مسيرة الملح العديد من الهنود، ما أثار حالة من العصيان المدني ضد قوانين الملح البريطانية من قبل الملايين من الهنود حتى إعلان استقلال الهند عن بريطانيا التي غابت شمسها بُعيد استقلال الهند ..
ومن هنا تُمثل مسيرة الحياة القادمة من قلب الثورة اليمنية تدشين لمرحلة ثورية جديدة عنوانها الحب والسلام وغايتها حشد كل جهد سلمي فعال لبعث روح الثورة في كل شبر في الوطن دون احباط من نتائج مبادرة الخليج بغية تحقيق اهداف الثورة السلمية كاملة دون انتقاص وبناء اليمن الجديد يسوده دولة القانون و العدل والمساواة في عموم انحاء اليمن على انقاض نظام ديكتاتوري مستبد ودموي ساقط لا محالة .